القاهرة: أكد ناشطان سوريان أن انتهاء موعد المهلة التي حددها كوفي أنان، المبعوث المشترك لجامعة الدول العربية والأمم المتحدة لإيجاد حل للازمة السورية، لكي تنسحب القوات السورية من كبرى المدن، دون أن تتحقق نتائج إيجابية ملموسة على أرض الواقع، قد جاء ليزيد من معاناتهم الحياتية والمعنوية مع تواصل حالة الكر والفر.

وهو المعنى الذي شدد عليه بهاء الدين محمد، وهو مقاول انضم إلى الثوار في شمال البلاد، وكذلك هذا الشاب الصغير الذي يدعى خالد، ويعيش الآن بصورة عالقة في محافظة حمص المُدَمَّرة، بعدما بدءا يتحدثان عن نفاذ مخزونهما من الطعام والأمل.

وأشار خالد إلى أنه وبدلاً من وقف إطلاق النار، كما كان مفترض في تمام السادسة من صباح يوم أمس، فإنهم تعرضوا لوابل من القصف على مدار ساعتين من جانب القوات الحكومية السورية حول المدينة. في حين نجا بهاء الدين من قصف عسكري متجدد على قرية حزانو، التي يقيم بها وتقع بالقرب من محافظة إدلب، لكنه ظل محاصراً هناك هو الآخر، ودُمِّر منزله، ونزحت أسرته لمكان آخر، وبدأت تقل الإمدادات.

ولفتت في هذا السياق اليوم صحيفة الغارديان البريطانية إلى استعانة خالد بالكاميرا الموجودة في حاسوبه المحمول المتصل ببرنامج سكاي بي لكي يوجه مراسلا الصحيفة ويقودهما في جولة مؤقتة في حي جورة الشياح ( في حمص )، حيث يعيش هناك، منذ أن سيطر الجيش على المنطقة التي كان يقيم فيها وهي باب سباع.

وبتحريكه الكاميرا بين وجهه النحيل الملتحي قليلاً وبين الأماكن من حوله، عرض خالد هيكل سيارة محترقة وعمود كهرباء مقطوع عن عمد، كما قال، لحرمان السكان من الكهرباء، وعدد كبير من الشقق التي يوجد بها تجويفات نتيجة ضربها بالقذائف.
وفي حديث له مع الصحيفة، قال خالد: quot;يريدون أن يرحل الجميع من حمص، لأنه إن حدث ذلك، فلن يكون هنا أحد يمكنه أن يحتج ضد النظام. ولم يصلنا الطعام هنا منذ 3 أيامquot;.

وأشارت الصحيفة إلى أنه وبينما كان يتحدث، سمعت من ورائه أصوات لشاحنات مكتظة بمزيد من العائلات الهاربة من منازلها جراء ما يتعرضون له من قصف.

ومع ذلك، عاود خالد ليقول إن ذلك لا يعتبر خياراً آمناً على الدوام، مضيفاً: quot;إن تم توقيفهم في نقطة تفتيش، سيبحث الجيش عن الناشطين. وغالباً ما يأخذون كل الرجال، ولا يتركون سوى النساء والأطفال فحسب. وفي بعض الأماكن، لا يُترَك سوى المسنينquot;.

وتابع خالد حديثه بينما كان يسير في أحد الشوارع المليئة بالأنقاض، بقوله:quot;يتعين عليّ أن أتوقف، لأني إن ذهبت أبعد من ذلك، فقد تطالني نيران القناصة. ويمكنني أن أرى هنا 20 جثة متحللة. ولا يمكننا نقلهم بسبب مخاطر الإقدام على ذلك. ولم يعد يتبق لدينا سوى مستشفى واحدة، ولا يمكننا الذهاب إليه بسبب القناصةquot;.

هذا ولم يبد خالد أو بهاء الدين أي عجب من عدم التزام قوات الأسد الحكومية بخطة السلام التي أشرف على التفاوض بشأنها كوفي أنان، والذي أكد بدوره أن الخطة لا تزال قائمة ومطروحة على مائدة التفاوض، وأنه من المبكر للغاية القول إنها فشلت.

ثم مضت الصحيفة تنقل عن بهاء الدين قوله:quot; لا نريد أن نتحاور مع النظام. ونحن لا نرغب سوى في مشاهدة نهايته، فليس بوسعي أن أنسى ذكريات عمليات الذبح التي تمت العام الماضي، أو عمليات القمع طوال الأربعين عاماً الماضيةquot;.

وأضاف، متحدثاً عبر سكاي بي من منزله في قرية حزانو، أن الجيش لا يزال مرابطاً في أماكن قريبة منه. وأنه لا تزال هناك نقاط تفتيش حول المدينة، وأنه إذا حاول اجتياز أي منها، فإنهم سيقبضون عليه بالتأكيد، وأنه على يقين من أنهم سيقتلونه.

ونوهت الغارديان كذلك إلى عدم وجود طريقة يمكن التحقق من خلالها من روايات بهاء الدين للأحداث، غير أنها لفتت إلى أنه صوت محايد باعتباره عضواً بارزاً في القيادة الثورية لمحافظة إدلب. ولفتت إلى أن زوجته وأبناءه الثلاثة، سبعة أعوام وستة أعوام وعامين، قد لاذوا بالفرار إلى محافظة حلب القريبة، وأنه يتمكن في كثير من الأحيان من التحدث إليهم عبر سكاي بي، وإن كان لا يعلم متى أو كيف له أن يقابلهم ثانيةً.

وشدد بهاء الدين ختاماً على أن الظروف في حزانو تزداد سوءا طوال الوقت. وأضاف:quot;يبيع بعض الناس ممتلكاتهم لكي يقتاتوا ويبقوا على قيد الحياة، لكن ليس بوسعهم فعل ذلك الآن إذ أن منازلهم قد تعرضت للهدم والدمار. وباتوا يضطرون الآن للاعتماد على المساعدة من الآخرين كي يبقوا على قيد الحياةquot;.