يشعر اغلب العراقيين باليأس من قرب التوصل إلى حلّ الأزمة السياسية الحالية التي أصبحت تمتد لتأخذ مساحات أبعد وتلد أزمات اخرى. ويعبّر مواطنون عن قناعاتهم بأن الوضع الراهن سيظل الى ما لا نهاية أو ان يتكفّل الزمن بتفكيك الازمة وايجاد الحلول.

استياء كبير في العراق لعدم قدرة السياسيين على تفكيك أزماتهم

بغداد: في الوقت الذي تدور فيه رحى الأزمة السياسية في العراق، ينظر البعض اليها بتشاؤم لأنها غير قابلة للحلّ بسبب الطريقة غير الصحيحة المتبعة لحل المشاكل السياسية.

يرى البعض ان هذا هو نتاج الديمقراطية الحقيقي وان الخلافات والاختلافات دليل على صحة ما يجري لأنه على عكس الانظمة الدكتاتورية التي تفرض رأيا واحدا، مشيرين الى ان الاعلام لا يفقه ما يحدث وان الصراعات مجرد كلام لا يترتب عليه ضرر الا نادرا ومن قبل الجهلة والمغفلين.

وتصاعدت الأزمة مع تصاعد حدة الخلافات بين الكتل السياسية بعد أن تحولت من اختلاف بين (العراقية) و(دولة القانون) إلى اختلاف الأخير مع التحالف الكردستاني أيضاً، بعد أن جدد رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني هجومه ضد الحكومة المركزية في بغداد واتهمها بالتنصل من الوعود والالتزامات.

فيما شدد على أن الكرد لن يقبلوا بأي حال من الأحوال أن تكون المناصب والصلاحيات بيد شخص واحد، فضلا عن أزمة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال بتهمة الإرهاب.

وأبدى الكاتب والمحلل السياسي عدنان حسين يأسه من وجود حل مناسب وقريب، مشيرا الى الطريقة الخاطئة التي تدار بها الازمة.

ويقول:quot; تمضي الأزمات السياسية في العراق الى مزيد من الازمات، فهي من نوع الازمات التي تلد أزمات، ومن الواضح أنه لا توجد ارادة سياسية حقيقية من اجل تفكيك وحل هذه الأزمات، الطريقة التي تدار بها الدولة غير سليمة وغير صحيحة، والطريقة التي تدار بها الازمات السياسية غير صحيحة وغير سليمة، المبدأ المعروف في علم السياسة: اذا السياسي واجه مشكلة او مشاكل ازمة او ازمات، عليه ان يعمل اولا على تجميدها في مكانها لتضييق نطاقها، ثم بعد ذلك تبدأ عملية تفكيك الازمة او تفكيك المشكلة ومحاولة حل ما يمكن حله وتأجيل ما لا يمكن حله، ولكن ما يحدث لدينا في العراق هو العكس تماما، ان كل ما يقوم به السياسيون من كل الكتل من دون استثناء، رئيس الحكومة، رئيس القائمة العراقية، رؤساء الكتل الاخرى، كل ما يقومون به انهم يزيدون من الازمات ويزيدون من المشاكل بطريقة عجيبة غريبة كما لو انهم لا يعرفون اي شيء ولا يفقهون اي شيء في علم السياسية ، والثمن لا يدفعه هم بل يدفعه المواطن العراقيquot;.

واضاف: اعتقد مع هذه الطبقة السياسية لن توجد نهاية للازمة، النهاية من المفترض ان يصنعها الناخب العراقي ولكن الناخب العراقي غير مؤهل لصنع نهاية سعيدة لأنه بعد سنتين عندما تجري انتخابات ستحقق النتائج نفسها لان من الواضح انه الى حد الان لم يشرع قانون الاحزاب، وحتى الان لم يعدل قانون الانتخابات، قبل ايام جرى اعتقال رئيس المفوضية الانتخابية واخرين قبل أن تشكل مفوضية جديدة، انا اعتقد ان هذا سيؤزم الاوضاع وسيدفع بالعملية الانتخابية الى عدم القدرة على تنظيم انتخابات محلية فيما الانتخابات العامة لم يبق لها اكثر من سنتين، فهل بالامكان تنظيم امور مفوضية الانتخابات هذه الفترة؟ واذا نظمت فهل من الممكن ان تأتي الانتخابات بنتائج مخالفة. انا شخصيا أشك في هذا.

من جهته، اكد المحلل السياسي عبد المنعم الاعسم عدم وجود نية جدية لإنهاء الأزمات وأن الوضع سيستمر طويلا، فقال: من وجهة نظري هذه الطبقة السياسية ليست مؤهلة الان وليست لديها نيات جدية لحلحلة الازمة السياسية، الشيء المطروح الان هو تهدئة الوضع السياسي وليس حل المشكلات والملفات العالقة، من وجهة نظري انا لا اعتقد ان هناك في الافق حلا سياسيا جديا لإنهاء الازمات وإعادة بناء حكومة الشراكة وإعادة استئناف العملية السياسية، نحن بانتظار فترة تجميد طويلة من الان الى الانتخابات المقبلة، اعتقد ان الوضع سيستمر بشيء من التجاذب وشيء من الاحتقانات السياسية والطائفية ومختلف الاختلافات.

اما المحامي والمحلل السياسي طارق حرب، رئيس جمعية الثقافة القانونية، فقد اكد أن الاختلافات والخلافات ضرورية في النظم الديمقراطية وان الصراعات بين الاطراف هو مجرد كلام.

ويقولquot; quot;ليست هناك ازمة سياسية نهائيا وإنما هذا اختلاف جيد، ارفعوا عن عقولكم وقلوبكم النظرة الصدامية السابقة التي تقول قولا واحدا ورأيا واحدا وقائدا واحدا، يجب ان تكون هناك خلافات، لا اقول شرعا ما قاله الرسول الكريم (ص) (اختلاف امتي رحمة) ولكن الديمقراطية بطبيعتها ترتب خلافات ولكن الاعلام فيه اناس جهلة لم ينقلوا المسألة كما هي، هل نقبل ان ينقل قول المالكي فقط ؟

لا، بل هناك كيانات سياسية اخرى وكتل سياسية، وهذه ليست خلافات بل انها تدلل على ارقى صور الديمقراطية، صحيح ان بعض الالفاظ تنتهكها او بعض التعابير التي تمثل قدحا او سبابا او شتائم، ولكن تبقى الصورة الجميلة والحلوة للنظام الديمقراطي الموجود في العراق، فأميركا التي عجزت عن اقامة نظام ديمقراطي في العراق، الان منذ انسحاب القوات الاميركية الى الان العراقيون هم الذين يحاولون تقديم انموذج ديمقراطي افضل من جميع الدول.

واضاف: اما الهجمات في الاعلام وسواها فهي مجرد كلام، فطالما هي لسان وليس سنانا، حروف وليس سيوفا، فالمسألة مقبولة، وحين لا توجد خلافات فنحن نعيش في فترة الدكتاتورية، وان حصلت مناوشات بين القواعد الجماهيرية للأحزاب فهي حالة نادرة، العبرة في الغالب الشائع لا بالنادر، فمن الممكن لأحدهم من الجهلة او المغفلين ان يقوم بذلك ولكنها لا تكون محل قياس، بدليل ان اي ضرر بشري لم يترتب عليها.

وتابع: الأزمة محسومة، فالاتحاد الوطني الكردستاني كله مع المالكي، يعني من فخامة رئيس الجمهورية الى النازل، وهناك 30 او 35 % من العراقية محسوم امرها مع المالكي، خرج قسم من التحالف الوطني من الذين يميلون الى الوثوب الى السلطة وليس لأغراض المصلحة العامة لكن يبقى الـ (163) صوتا، ولا يمكن الحصول عليها لسحب الثقة من المالكي نهائيا، بل من المستحيل، على الاقل في الايام الحالية والايام القريبة المقبلة.

ويمضي السياسي طارق حرب قائلا: الخلافات فضيلة، ربما يترتب عليها ضرر ولكن الايجابيات فيها اكثر بكثير من السلبيات الحاصلة، لذلك ادعو ان يوفق الله جميع الكتل وشعبنا لاستمرار الخلافات والاختلافات طالما هي للمصلحة العامةquot;.

الكاتب شمخي جبر أشار الى ان حل الازمة لن يكون من داخل العراق بل سيفرض من خارجه، وقال: انا اعتقد لا توجد حلول للازمة لعدم وجود أزمة سياسية حقيقية وانما توجد صراعات شخصية وصراعات على مغانم وعلى مكاسب شخصية وحزبية، لذلك لا اعتقد بوجود نهاية للازمة لعدم وجود نية عند السياسيين بالتنازل عن بعض مغانمهم التي حصلوا عليهم او التي يسعون الى الحصول عليها خلال الايام المقبلة، واعتقد ان الوضع العراقي سيبقى غارقا في الازمة الى اجل ليس بقريب، ربما للانتخابات البرلمانية المقبلة التي قد يكون الحسم على الرغم من عدم قناعة، وان دعا البعض الى انتخابات مبكرة فهي لا تجدي نفعا ، لان التخندقات الاثنية موجودة طائفيا وعرقيا، وإفرازاتها لا تختلف عن الوقت الحالي او ما تمخضت عنه الانتخابات السابقة ، كما لا اعتقد ان (الاجتماع الوطني) المزمع عقده سيحلها ايضا ، ولكنني اعتقد ان الحل للوضع الداخلي للعراق سيفرض من خارجه.

اما الكاتب احمد المهنا فقد اكد انه يراهن على الزمن فقط في حل الازمة ولا يراهن على الافراد.

ويقول المهنا: quot;الحوار هو جوهر الحرية، ومن الواضح ان العقلية السائدة في العراق الى حد كبير ما زالت تنتمي الى الاستبداد، والاستبداد هو موت او وقف الحوار، وانت تعرف ان وقف الحوار هو الجريمة الكبرى لأنها تنطوي على تحويل الناس الى وحوش والوحوش تفترس ولا تحاور ، ولكأننا نعيش في مرحلة مثل هذهquot;.

وأضاف: quot;من وجهة نظري لا اراهن على هذه الطبقة السياسية في ايجاد حلول للازمات، بل انني اراهن على الزمن فقط، والزمن طبيب عظيم، وهناك بالضرورة سيكون تقدم ما من خلال الزمن والتاريخ ، لكنني بشكل عام لا اراهن على ارادة الافرادquot;.