مع وصول عدد من المراقبين الدوليين إلى سوريا، ما زالت تتسم الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة بين نظام الرئيس بشار الأسد والمعارضة بضعفها وهشاشتها. فالصدامات بين الجانبين ما زالت مستمرة يومياً، ونتج من تلك الفوضى العارمة التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عام، وفاة ما يزيد على 11 ألف شخص.


ترقب لما قد تؤول إليه الظروف في سوريا

أشرف أبوجلالة من القاهرة: في هذا الصدد، قال العميد السوري المتقاعد، عقيل هاشم، ضمن مقابلة أجراها مع مجلة فورين أفيرز الأميركية، إن نظام الأسد يُصَعِّد بشكل سريع حملته العسكرية، وإنه سيواصل عمليات القتل أياً كانت الظروف، بينما ستستمر الثورة أياً كانت الظروف أيضاً.

وتابع هاشم حديثه بالتأكيد أن البلاد لن تخرج من هذا المأزق إلى أن يقوم المجتمع الدولي بالتدخل بصورة عسكرية، رافضاً في الإطار عينه تصديق أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، بكل ما لديهم من إمكانات استخباراتية، لا يدركون حقيقة أن الجيش السوري ضعيف، نظراً إلى تفشي الفساد في المقام الأول. وميَّز هاشم في الوقت عينه بين مسألة امتلاك معدات وأسلحة وبين وجود قيادة لنشرهم.

ومضى يؤكد أن قيادة الجيش السوري تتسم بعجزها، حيث تبدأ بهؤلاء الضباط الصغار الذين يطلبون من الجنود أن يشتروا لهم سجائر ثم يرفضون منحهم ثمنها، وتنتهي بالقادة الذين يستغلون عتاد جيشهم في بناء قلاعهم وفيلاتهم وقصورهم. ورغم تأكيده أن الجيش السوري مسلح بشكل جيد نسبياً، إلا أنه أشار إلى أن الأسلحة التي يمتلكها قد عفا عليها الزمن بشكل كبير.

وأضاف quot;وتجدر الإشارة هنا إلى أن الدبابات طراز T-72 ndash; وهي أعلى فئة الدبابات الموجودة في البلاد الآن ndash; قد دخلت إلى الخدمة عام 1979. كما تم شراء صواريخ الدفاع الجوي، باستثناء بعض الصواريخ التي تم الاستحصال عليها أخيرًا من إيران، في تلك الفترة أيضاً. وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على المركبات المسلحة. لذا، فإن تلك النظرية التي تتحدث عن امتلاك سوريا جيشًا أو نظام دفاع جوي متطور تعتبر نظرية سخيفةquot;.

وبسؤاله عن عدم وجود انشقاقات كثيرة في داخل الجيش السوري، طالما أن الأوضاع هناك بهذا القدر الكبير من السوء، قال هاشم إنه لا يوجد مكان للفارين من الجندية يمكنهم أن يذهبوا إليه داخل سوريا، ولهذا ذهب معظمهم إلى تركيا، وهو أمر صعب نظراً إلى الظروف. وأضاف أن باقي الضباط يبقون في أماكنهم لأن معظمهم علويون.

وواصل هاشم حديثه بالقول إن العلويين يشكلون حوالى 10 % من إجمالي الشعب السوري، وإن تقديراته تشير إلى وجود ما يزيد على 150 ألف علوي في وحدات النخبة في أجهزة المخابرات والقوات المسلحة. وأشار هاشم إلى أن من بين الأسباب الأخرى التي تقف وراء نقص الانشقاقات داخل الجيش هو نجاح الأسد في مراقبة قواته بعناية. وأضاف quot;الجيش السوري لديه 12 فرقة. والفرقة الرابعة، الموالية بشكل خاص للنظام، موزعة على باقي الفرق للسيطرة عليهم ومنع الانشقاقاتquot;.

وتابع هاشم بتأكيده أن الأسد لن يتمكن، مع هذا كله، من قمع الثورة. ورغم مقتل ما يزيد على عشرة آلاف شخص، منذ بدء الثورة، إلا أن هناك الملايين من السوريين الذين يشاركون بشكل مباشر أو غير مباشر في الانتفاضة، وهو ما يعني استمرارها.

العميد السوري المتقاعد عقيل هاشم

وأكمل العميد المتقاعد تلك الجزئية المهمة بقوله: quot;إذا لم يتدخل المجتمع الدولي، فإن الصراع سيستمر لأجل غير مسمى إلى أن يحدث انقلاب عسكري أو يتم اغتيال الأسد أو أي من أبرز أفراد نظامه، أو أن يحدث انشقاق كبير بين الطائفة العلوية نفسها. وقد تستمر المعركة على هذا المنوال لمدة عام على الأقل، إن لم تزد المدة على ذلكquot;.

وعن شكل التدخل الذي ينبغي أن يكون عليه، في حال حدوثه، قال هاشم إن هناك أربعة خيارات، أبسطها شن هجمات جوية كتلك التي سبق لقوات الناتو أن نفذتها ضد سلوبودان ميلوسيفيتش عام 1999. وتابع أن حملة كهذه ستستهدف المقار الأمنية لأجهزة المخابرات السورية الأربعة الكبرى، وستسعى إلى تدمير المواقع العسكرية الحيوية والبنية التحتية الحكومية ونظم الاتصال. وقال إن بمقدور أميركا والقوى الغربية القيام بتلك العملية من دون وقوع إصابات، باستخدام صواريخ كروز وطائرات آلية فقط.

وواصل بقوله إن الخيار الثاني يتمثل في تكوين منطقة آمنة داخل سوريا، وهو ما سيتطلب قيام القوات الجوية الغربية بفرض منطقة حظر طيران وحظر حركة في منطقة صغيرة في سوريا، من المحتمل أن تكون على الحدود التركية، لتكون ملاذاً آمناً للجيش السوري الحر وللمنشقين ولمنظمات الإغاثة.

أما الخيار الثالث، فقال هاشم إنه يتمثل في فرض منطقة حظر طيران تامة فوق سوريا بكاملها، والخيار الرابع هو القيام بعملية مماثلة تماماً لتلك التي تم تنفيذها في ليبيا، رغم تنويهه بأن احتمالات تنفيذ الخيارين الأخيرين تكاد تكون معدومة، بالنظر إلى المناخ السياسي في الغرب.

وشدد هاشم كذلك على أن الدول الغربية لن تتدخل إلا إذا قام نظام الأسد بتصعيد القتل، أو وقعت مذبحة كتلك التي سبق لها أن وقعت في سربرينيتشا. ولفت، استناداً إلى معلومات يحصل عليها من مصادر خاصة به، إلى أن نظام الأسد ينظم بالفعل عدد الأشخاص الذين يجب أن يتم قتلهم كل يوم.

وتوقع في ختام حديثه المطول مع المجلة أن تنشب فوضى في سوريا، مثلما حدث في العراق عقب سقوط الرئيس صدام حسين، وذلك في حالة انتهت الأمور هناك بسقوط الرئيس بشار الأسد، إذ إن هذا السيناريو سيفتح الباب أمام كل أنواع المشكلات، بما في ذلك العنف الطائفي. واستبعد في السياق نفسه ما يقال عن احتمالية فرض الإخوان المسلمين أو القاعدة هيمنتهم على الأوضاع هناك، مشيراً إلى أن قوى المعارضة في الداخل والخارج ستعثر في الأخير على وسيلة لتوحيد الصفوف لإقامة بلد حر وديمقراطي.