ملهم الحمصي: لا تزال المعارك العنيفة تجري في سهل حوران، الذي يضم محافظة درعا ومدنها المتناثرة على سفوح السهل الخصيب، وتدور رحاها رغم مرور أكثر من عام على ولادة الثورة السورية من رحم درعا، التي باتت تعرف بمهد الثورة السورية.

بيد أن طبيعة تكوين الجيش النظامي، الذي ترابط وحدات منه بشكل دائم على الحدود السورية مع الجولان المحتل، جعلت من أمر الإمدادات اللوجستية لتلك القوات صعبة جداً في ظل حركة الكر والفر القائمة بين الجيش الحر والقوات النظامي، وانقطاع السبل والطرق العامة في أرجاء المحافظة.

موقع quot;تيك ديبكاquot; المقرّب من الاستخبارات من الإسرائيلية نقل عن قيادات أمنية إسرائيلية أن نقاطاً ومحطات رصد ومراقبة في الجولان المحتل وسفوح جبل الشيخ، ترصد وتراقب عمق الأراضي السورية، أفادت بأن الوحدات السورية المنتشرة في هضبة الجولان مقابل قوات الاحتلال الاسرائيلي تعاني انهيارًا تامًا، ويعاني جنودها الجوع والعطش، فيما باتت المعسكرات والقواعد السورية التي تشكل العمود الفقري لخط الدفاع السوري quot;شبه خاليةquot; وquot;مهدمةquot;.

ونقل الموقع عن مصادر عسكرية قولها إن مجموعات كبيرة من الجنود والضباط السوريين فرّوا من وحداتهم وكتائبهم العسكرية المنتشرة على خط الجولان، إضافة إلى رصد مؤشرات أولية لانهيار منظومة الدعم اللوجستي والتموين السورية، وذلك لتفضيل القيادة السورية تزويد الوحدات والكتائب العسكرية التي تحارب داخل المدن بالتموين، وترك الوحدات في الجولان تعاني الجوع والعطش.

ونتيجة لاعتبارات القيادة السورية الجديدة توقفت واردات الغذاء والماء عن الوصول إلى القواعد والمعسكرات السورية في هضبة الجولان، وقد تم يوم السبت 21/4 رصد مجموعات كبيرة من الجنود السوريين المسلحين هائمين على وجوههم بحثًا عن الماء والغذاء، كذلك رصدت محطات الرقابة الإسرائيلية، وللمرة الأولى منذ سنوات طويلة، اقتراب مجموعات كبيرة من الجنود السوريين إلى الجدار الأمني الفاصل، بحثًا عن الماء والغذاء.

ويحافظ الجنود السوريون على عدم الاتصال بالجنود أو المستوطنين الإسرائيليين في المنطقة، الذين يشاهدونهم يبحثون عن الماء والغذاء، ويرصدون بعيونهم ما يجري على الجانب السوري من السياج الأمني، ولكن وفي مرات عديدة ألقى بعض الإسرائيليين برزم غذائية خلف السياج لتسقط على الجانب السوري، وليقوم الجنود السوريون بعد ساعات فقط بتناول ما تحتويه من غذاء وماء.

وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن أكبر عملية فرار رصدت في الكتيبة السورية رقم quot;5quot; المرابطة في منطقة القنيطرة مقدرة عدد الجنود والضباط الذين فرّوا من هذه الكتيبة حتى الآن بـ 1500 جندي وضابط، بما يعادل 12-15% من قوام الجنود الذين يخدمون في هذه الكتيبة، فيما رصدت إسرائيل عمليات فرار أقل حجمًا، لكن يومية، بين صفوف جنود وضباط الكتيبة 7-9-15 المرابطة مقابل وسط وجنوب هضبة الجولان، حيث يبلغ عديد الفارين من هذه الكتائب العشرات يوميًا.

وأضاف الموقع أن ظاهرة إضافية جرى رصدها، وتشير إلى الانهيار الداخلي الذي تعانيه القوات السورية، وتتمثل في فقدان القيادة العسكرية السورية لسيطرتها على المواقع والمعسكرات الواقعة تحت مسؤوليتها في المنطقة، حيث بقيت تلك المعسكرات والقواعد مستباحة بما يسمح لمواطنين مدنيين من الدخول إليها، وحتى السيطرة على المباني داخلها، من دون أن يزعجهم أحد أو أن تحاول أي جهة سورية إخلاءهم منها.

في السياق عينه، يروي كثير من النشطاء لـquot;إيلافquot; حوادث مشابهة عن حالات من الجوع والعطش الشديدة التي انتابت أفراد الجيش النظامي أثناء حصاره لمدينة حماه في العام الماضي وفي شهر رمضان تحديدًا، وكيف أثر انقطاع الطريق الدولي بين دمشق وحلب على إمداد تلك القوات، وأن الأهالي كانوا يزودون الجنود بالطعام والماء وحتى وسائل الاتصال، ثم يخوضون في نقاشات ودية معهم حول مدى اقتناعهم بحصار المدينة، وأن كثيراً من الجنود انشقوا بعد ذلك بسبب تلك النقاشات عندما تم اقتحام المدينة، وشكلوا كتائب عدة لا تزال مرابطة في ريف حماه وريف إدلب القريب من محافظة حماه.