بعد أن كشف quot;المحترفquot; وهو القيادي في الجيش السوري الالكتروني لإيلاف في الجزء الأول من الحوار، عن الحرب المفتوحة التي يخوضها ضد من يشوّهون صورة سوريا، يتحدّث المحترف في الجزء الثاني والأخير من المقابلة، عن تفاصيل أخرى بشأن التمويل والتسلسل الهرمي للجيش السوري الالكتروني.


صورة تظهر (لوحة تحكم المستخدم) من موقع لاينكدين بعد أن تمت قرصنته، أرسلت الى ايلاف الخميس (26 أبريل 2012)

لندن: في الثالث والعشرين من نيسان (أبريل) 2012 الجاري، شنّت سلسلة من الهجمات الالكترونية ضد حسابات منصات الإعلام الاجتماعي التابعة لقناة العربية الإخبارية التي تتخذ من دبي مقراً لها.

في غضون لحظات، المحررون في هذه القناة فقدوا السيطرة على حسابات فايسبوك ويوتيوب وتويتر والتي بدأت نشر معلومات كاذبة تتعلق بدولة قطر المجاورة، منها ما أشيع عن خلاف داخل العائلة المالكة لهذه الإمارة الخليجية، ونشر شائعات عن وجود انفجار في حقل غاز (كلا الخبرين لم يكونا صحيحين).

وفيما حاول المديرون التنفيذيون في القناة استعادة السيطرة على حسابات وسائل الإعلام الإجتماعي، سرعان ما أدركوا أن الهجوم لم ينته بعد، حيث لم تسلم حسابات laquo;التغريدraquo; الشخصية لمقدمي البرامج البارزين في قناة العربية وغيرها من محطات مجموعة MBC (الشركة المالكة) من الهجوم الذي استمر طوال الليل وصباح اليوم التالي.

الجناة؟

مجموعة تعرف باسم quot;الجيش السوري الالكترونيquot; (SEA) تعتقد أن قناة العربية، على غرار قناة الجزيرة القطرية، متحيزة وليست سوى quot;بوقquot; للحكومة السعوديّة التي هي من أشد المنتقدين لتعامل نظام بشار الاسد مع التظاهرات المؤيدة للديمقراطية الذي خلف آلاف القتلى منذ أن بدأت هذه التظاهرات في العام الماضي.

وإذا كنت لم تسمع حتى الآن عن الجيش السوري الالكتروني أو كنت تميل إلى الاعتقاد بأنك في مأمن من الضرر الذي يمكن أن يلحق بك؛ فعليك التخمين مرة أخرى!

بالأمس فقط (الخميس 26 نيسان - أبريل)، اخترق هذا الجيش موقع التواصل المهني الشهير، laquo;LINKEDINraquo; ونتج من الهجوم عناوين رئيسة حول العالم في غضون ساعات.

قبل ذلك وتحديداً في أيلول (سبتمبر) 2011، عمدت المجموعة نفسها من الناشطين على الانترنت إلى اختراق وتخريب موقع جامعة هارفارد الأميركية.

في ذلك الوقت، سارع المحللون إلى الاستنتاج بأن الهجوم كان من عمل منظمة تدعمها وتمولها حكومة ما بشكل كبير. إلا أن المحللين كانوا على خطأ!
على مدى الأيام القليلة الماضية، تمكنت من اجراء اتصالات مع واحد من قادة الجيش السوري الالكتروني عن طريق تويتر والدردشة عبر Gmail.

يعرف هذا القيادي باسمه الرمزي THE PRO (أو quot;المحترفquot; كما سنشير إليه في هذه المقابلة) وقال إنه سوري يعيش في سوريا، ويشير إلى أنه عضو في قسم العمليات الخاصة في ما يسمى quot;الجيش السوري الالكترونيquot;.

في الجزء الأول من المقابلة التي نشرت على إيلاف، كشف quot;المحترفquot; أن الجيش السوري الالكتروني لديه الآلاف من الأعضاء في جميع أنحاء العالم الذين يشنون حرباً مفتوحة ضد أولئك الذين يتهمونهم بـquot;تشويه الحقائقquot; في سوريا.

واليوم في هذا الجزء الثاني والأخير من المقابلة، يكشف quot;المحترفquot; ان الحرب لا تقتصر على المؤسسات الإعلامية، فضلا عن تفاصيل أخرى بشأن التمويل والتسلسل الهرمي لهذا الجيش المفترض.

ولكن قبل الذهاب في تفاصيل ما تم بحثه خلال المقابلة، لا بد من التنويه بأن التحقق المستقل من هوية quot;المحترفquot; كأحد قادة الجيش السوري الالكتروني كان أمراً لا يمكن بلوغه، إلا أن laquo;المحترفraquo; قدم معلومات سرية quot;من الداخلquot; بما فيه الكفاية، فضلا عن الصور الحصرية. على سبيل المثال لا الحصر، قدّم المحترف صورة للوحة التحكم الداخلية التابعة لمدونة شبكة LINKEDIN

لماذا LINKEDIN ؟

بعد المقابلة الأولى مع quot;المحترفquot; في 24 نيسان (أبريل)، بعد يوم من الهجمات على قناة العربية، كان الاعتقاد بأن المعلومات المتوفرة كافية، إلا أن الهجوم على مدونة شبكة LINKEDIN استدعى العودة إليه لطلب المزيد من المعلومات.

وفي حين يمكن فهم - وليس بالضرورة تأييدا - لماذا لمجموعة كهذه مشاكل مع القنوات الإخبارية، إلا أنّه يتعذر تبرير مهاجمة شبكة اجتماعية على غرار LINKEDIN، تساعد الناس في العثور على وظائف.

quot;المعلوم أنّ LINKEDIN موقع مشهور جدا على شبكة الانترنت، ويمكن أن نرسل رسالة من خلاله إلى الكثير من الناس الذين يعرفونه ويستخدمونهquot;، يجيب quot;المحترفquot;.

وفيما ينفي أن هذا الموقع الاجتماعي نفذ أو نشر أي شيء ضد نظام الأسد، يقول quot;على كل الناس أن يعرفوا أن هناك عصابات مسلحة تقتل الأبرياء في سوريا ونحن اخترقنا LINKEDIN لنشر رسالتنا السلميةquot;.

من جهةٍ ثانية، يؤكد quot;المحترفquot; أيضا أن مجموعة من النشطاء الذين يتزعمهم هم أيضاً جزء من quot;الجيش السوري الالكترونيquot; نفسه الذي اخترق موقع جامعة هارفارد العام الماضي، وترك صورة للرئيس السوري بشار الأسد في زيّه العسكري على صفحتها الرئيسة. ويشير المحترف الى أن شهرة جامعة هارفارد لعبت دورا حيويا في جعلها هدفا مغريا للجيش السوري الالكتروني. إضافةً إلى ذلك، كونها مؤسسة أميركية يجعل منها quot;هدفاً مقبولاًquot;. ويضيف quot;تعرف أنها إحدى الجامعات الأميركية، ونحن جميعا نعرف ما تقوم به أميركا في بلدنا والشرق الأوسطquot;.

حرب افتراضية... ضحايا حقيقيون

خلال محادثاتنا، حاولت مرات عدة أن أسأل quot;المحترفquot; عن اسمه الحقيقي وعمره وعمله إلا أن محاولتي كلها باءت بالفشل.

quot;المحترفquot; يعطي حجة قوية للغاية وراء تفضيله البقاء مجهول الهوية قائلاً quot;أود أن أذكر لك اسمي، ولكن مناوئي الأسد (المتظاهرين) قتلوا إثنين من أعضائناquot;.

ويوضح quot;المحترفquot; أنه في المراحل الأولى من الأزمة السورية في مطلع عام 2011، كان أعضاء الجيش الإلكتروني السوري يكتبون في فايسبوك باستخدام أسمائهم الحقيقية، وهذا شيء أدركوا في وقت لاحق انه خطأ قاتل بكل ما للكلمة من معنى.

بعد ذلك يرسل لنا المحترف وصلة لتقرير إخباري أنتجه تلفزيون الدنيا (الذي تم إطلاقه مؤخرا، والمملوك للقطاع الخاص والموالي للأسد)، ينعي شاباً سوريا ذا 17 عاما يحمل اسم احمد محمد قباني، يفترض أنه كان ناشطاً في الجيش السوري الإلكتروني.

(تحذير: الفيديو يحتوي على صور عنيفة ولذلك وجب التنويه)


فيديو يوتيوب للاضافة: ووفقا للتقرير، تم اختطاف قباني، الذي ينحدر من ادلب، وهي مدينة في شمال غرب سوريا، وتعذيبه وقتله على أيدي قوات مكافحة الأسد بدقة بسبب انتمائه الى الجيش السوري الإلكتروني .

احمد محمد قباني
ويدعي quot;المحترفquot; أن عملية القتل وقعت في 26 آب (أغسطس) 2011، ويوضح أن المهاجمين تمكنوا من تعقب قباني لأنه استخدم اسمه الحقيقي أثناء تعليقه ونشر مواد على إحدى صفحات فايسبوك التابعة للجيش الالكتروني.

بعد ذلك بفترة قصيرة، نعى الجيش السوري الإلكتروني عضوا آخر. هذه المرة كان المساعد أول / لورانس فواز بركات، ويشار إليه هنا برتبته العسكرية الحقيقية لكونه مجنداً في الجيش العربي السوري. القوات النظامية التابعة لنظام الأسد.

صفحة لورنس بركات على فايسبوك

رغم ذلك لم يمت بركات في ميدان المعركة لكنه قضى لأنه كان قد أعلن علانية انتماءه للجيشين الحقيقي والافتراضي على الانترنت باستخدام اسمه الحقيقي. وتظهر صور عدة متوفرة على الانترنت بركات في زيه العسكري، حاملاً مسدسا.

ووفقاً للمحترف قتل بركات على أيادي quot;العصاباتquot; في ريف دمشق في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011.

منذ ذلك الحين، لا يكتب أعضاء الجيش السوري الالكتروني بأسمائهم الصريحة.
ويدعي أن محترفي فايسبوك تم إيقاف تشغيل صفحتهم 148 مرة. لذلك فقد تجد لهم أكثر من صفحة رسمية على فايسبوك تمت إعادة افتتاحها في حين تم إغلاق الصفحة رقم 149 موخراً.

ثمن الولاء

كان لابد من السؤال إن كان الجيش السوري الالكتروني يقف بنسبة 100٪ وراء الرئيس بشار الأسد وإن كان المحترف يرى أي شيء خاطئ في ممارسات النظام الحالي؟ إن كان هو وناشطوه لا يطمحون بالديمقراطية مثل المتظاهرين؟

quot;أنا لست مع المحتجينquot;، ردّ زعيم الجيش السوري الالكتروني، مشددا على انه يعتقد ان الرئيس الأسد يقدم الاصلاحات بالفعل. اضاف quot;نحن مع سوريا واستقرار سوريا والرئيس الأسد هو الضمانة الوحيدة للسوريين لعدم وجود الحرب الاهليةquot;، يضيف.

لكن هل هذا الولاء مجاني أم مدفوع الثمن؟ أو بعبارة أخرى كم يدفع نظام الأسد بشكل مباشر أو غير مباشر لتمويل هذه العمليات المعقدة؟
quot;ما تسميه النظام هو في قلب شعبه... لم ولن نتقاضى أي مال للدفاع عن سوريا لأنها بلادناquot;، يجيب quot;المحترفquot; زاعماً أن الجيش يمول نفسه بنفسه.

من جهة ثانية وفقا لفايسبوك، يبدو أن جبهة مضادة برزت تحمل اسم الجيش السوري الالكتروني الحر وهي تقاتل إلى جانب المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية ضد النظام السوري الحالي.

quot;هذا الكلام لا يعنينا وهاجسنا الوحيد هو أن نكون من المساهمين في حماية بلدنا من الإرهابquot;، يعلق المحترف.

أما بالنسبة إلى التسلسل الهرمي، يؤكد المحترف أنه أحد قادة الجيش السوري الالكتروني، ليس القائد الوحيد لآلاف من الناشطين الذين ينتمون الى هذا الجيش، مضيفا quot;نحن ننسق في ما بيننا في جميع أعمالنا لتحقيق الأهداف التي اتفقنا عليهاquot;.

قبل الختام حاولنا الحصول على معلومة حول هدف الجيش المقبل فسألنا المحترف إن كان يود توجيه رسالة تهديد إلى أي أحد؟

يجيب قائلاً: quot;نحن لا نهدد أي شخص، لكننا هنا لوضع رسالتنا الى العالمquot;.

كان واضحاً أنه أيضاً محترف في جعل الغاية تبرر الوسيلة.