الانتخابات الرئاسية أصبحت محور حديث المصريين

يعيش الشارع المصري تحولاً جذرياً بعد الثورة، فبعد أن كانت الانتخابات محطة عادية لا تهم أحداً، أصبح الرئيس القادم محور حديث المصريين وزاد اهتمامهم لدرجة جعلت البعض يقول إن حماس انتخابات الرئاسة الأميركية ليس مثيراً مثل انتخابات الرئاسة المصرية.


بيروت: قبل يوم واحد على بدء التصويت في أول انتخابات رئاسية تنافسية في تاريخ العالم العربي، فإن الجميع في مصر بين الجد والرهانات العالية، والترقب والارتباك، يشهدون سخونة الحملة الانتخابية التي جعلت نهائيات كأس العالم لكرة القدم تبدو بسيطة مقارنة بالحماسة التي يعيشها الشعب المصري.

وعلى الرغم من عدم وجود استطلاعات رأي يعتد بها لمعرفة الرئيس المقبل، وغياب دستور دائم لتحديد صلاحيات الرئيس، إلا أن هناك قناعة واسعة النطاق بأن من سيفوز في الانتخابات سوف يلعب دوراً رئيساً في تحديد مسار مصر لعقود مقبلة.

في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; عن شادي حامد، باحث في مركز بروكنغز الدوحة، قوله:quot;حتى في متجر لبيع الهواتف المحمولة، الموظف يسأل كل عميل على سبيل المثال المرشح الذي يختاره. لقد أصبح الأمر هاجس الناس. بالمقارنة مع مصر في الوقت الراهن فإن مستوى اهتمام الناخبين في الانتخابات الأميركية لا يقارن مع حماسة المصريينquot;.

وأوضحت الصحيفة أن الكثير من المصريين الآن يرون أن الانتخابات البرلمانية التي جرت في وقت سابق من هذا العام لم تفدهم بشيء في ظل وجود حكام البلاد العسكريين، لأنهم عرقلوا قرارات المجلس. إلا أن بعض الناخبين يقول إنه يأسفلدعم الإسلاميين من جماعة الإخوان، معتبرًا أن الانتخابات سوف تحدد الأدوار المستقبلية للدين والعسكريين في الحكومة.

يقول علي حامد (59 عاماً): quot;لقد صوت لهم (الاخوان المسلمين) في البرلمان لأنني اعتقدت أنهم سيكونون بمثابة القوة الثورية الدينية، لكن طوابير الانتظار امام الأفران للحصول على الخبز، أصبحت أطول من أي وقت مضى، وكل ما يهمهم هو الطمع بالسلطةquot;.

ويشير حامد إلى انه لم يستطع حتى الآن اختيار المرشح الذي سيصوت له في الانتخابات، مشيراً إلى أنه يدعو الله أن يرشده إلى الخيار الصحيح.

وتخوض الأقلية المسيحية في مصر - نحو 10 في المئة من السكان ndash; مناقشات شرسة حول ما إذا كان باستطاعتها أن تثق بتأكيدات الاسلاميين حول حقوق الأقليات والمساواة في المواطنة، أو ينبغي لها أن تسعى للحصول على الحماية من شخصيات النظام السابق.

في هذا السياق، نقلت الصحيفة عن وسيم رؤوف قوله quot;اننا بحاجة الى رئيس قادر على اتخاذ القرارات بحزمquot;، مشيراً إلى أنه يفضل أحد المسؤولين السابقين في عهد مبارك. وأضاف: quot;اخشى أن الديمقراطية التي نطالب بها ستعطينا نتائج غير محببةquot;.

ويقول العديد من المصريين إن عائلاتهم منقسمة حول السباق الرئاسي، إذ يشير سماح القادر (56 عاماً)، وهو عامل نسيج إلى أن كل واحد من أبنائه يدعم مرشحاً مختلفاً، مضيفاً: quot;واحد من أبنائي يدعم أبو الفتوح، في حين أن الآخر يؤيد حمدين صباحيquot;. ويفضّل عبد القادر المرشح عمرو موسى، مضيفاً أن كلّ فرد من عائلته لديه رأيه الخاص quot;انها الديمقراطية في عائلتيquot;!

ويختلف المتزوجون في الآراء حول الرئيس المصري المقبل، فيقول محمد خلف (34 عاماً) وهو خريج جامعي يعمل موقتاً كنادل في أحد المطاعم: quot;سوف أصوّت لصالح مرسي لكن لم أستطع إقناع زوجتي أن تفعل الشيء ذاتهquot;.

يسمعه مديره فيقول له: quot;طلقهاquot;، مشيراً إلى أنه ينوي إجبار زوجته على التصويت لشفيق، نائب الرئيس المخلوع. ويقول له: quot;إن لم تفعل مثلي فسوف أطردك من العملquot;.

يشير خلف إلى مرؤوسه ويقول: quot;إنه مبارك الخاص بناquot;، أي أنه مدير دكتاتوري مثل الرئيس السابق.

تغطي ملصقات الحملة الرئاسية الجدران في المدن والبلدات في جميع أنحاء مصر. في بلد حيث اثنان من كل خمسة أشخاص يعيشون بأقل من 2 دولار في اليوم، يعتبر البعض أن الدعاية الإعلانية مضيعة تافهة للمال.

وتقول سميرة حسن (42 عاماً) مدرسة للغة الانكليزية، إن quot;الدعاية الانتخابية خربت الشوارع والجدرانquot;، معتبرة أن الإعلانات التلفزيونية أكثر من كافية ولا داعي لتشويه الشوارع باللوحات واللافتات.

البعض الآخر من المصريين يقولون انهم يشعرون بالحماس للسباق الرئاسي quot;بكل ما فيهquot;، فبغض النظر عمن سيكون الفائز، يكفي أن الانتخابات هذه المرة ستكون بمثابة تغيير ايجابي في مصر لأن الناس يتنافسون على الانتخابات بإرادة الشعب للمرة الأولى منذ عقود طويلة.