اتهم نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي رئيس الوزراء نوري المالكي بممارسة ثقافة طائفية بغيضة تهدف إلى إشعال فتنة طائفية، داعيًا إلى التحقيق معه في المسؤولية عن ارتكاب أجهزته جرائم قتل وتعذيب وانتزاع اعترافات بالقوة، وشدد على أنه لم يعد أمام العراقيين سوى خيارين، إما العراق وإما المالكي، مناشدًا القادة السياسيين المجتمعين إلى إسقاطه وتخليص البلاد من ممارساته، وأكد أنه عائد قريبًا إلى العراق.


طارق الهاشمي

أسامة مهدي: أوضح الهاشمي، الذي تتهمه الحكومة بالإرهاب وتستأنف محاكمته غيابيًا غدًا الخميس، مخاطبًا العراقيين اليوم قائلاً: quot;اخاطبكم هذا اليوم وقلبي يعتصر ألمًا وحسرة لما آل إليه أمر العراق في ظل سياسة الحكومة الحالية، لقد سقطت ورقة التوت، وظهرت مساوئ النظام قمعًا وظلمًا وتعسفًا، بعدما شاهد العالم وعلى الطبيعة المناظر المحزنة والمؤلمة لظروف الاحتجاز التي يتعرّض لها المتهم العراقي، والتي شاهدها الجميععلى شاشات الفضائيات، وتتعلق بقضية عضو مجلس محافظة بغداد ليث الدليمي، الذي أطلق رصاصة الرحمة على القضاء الساكت مسلوب الإرادة، وهو مايؤكد مجددًا كذب الحكومة عندما كانت تنفي في كل مرة صحة التقارير الدولية المعنية بحقوق الانسان في العراق من جهة، ودقة ما سبق أن كررناه وفي مناسبات عدة من جهة أخرى حول تسييس القضاء وغياب العدالة وشيوع التعذيب وتلفيق التهم وفبركة الاحداث، مما يشير الى الاستهانة بحقوق الانسان وبالمعايير الدولية لشروط الاحتجاز، بل أن هذه الممارسات تشكل تحديًا صارخًا واستهانة بالدستور من جانب حكومة، يدعي رئيسها كذبًا بأنه يرعى الدستور، وهو منه ومن ممارسات جهازه الأمني براءquot;.

وكان المالكي أمر الاثنين الماضي بإعادة التحقيق في قضية عضو مجلس محافظة بغداد عن القائمة العراقية ليث الدليمي المتهم بانتمائه إلى تنظيم القاعدة وقيادته لخلية مسلحة. وقال مسؤول في وزارة الداخلية إن quot;رئيس الوزراء نوري المالكي أمر بإعادة التحقيق في قضية ليث الدليمي، كما أمر بإحالة من حقق معه سابقاًعلى المحكمة إن ثبت تقصيرهquot;.

وكان عرضوزارة الداخلية العراقيةالأحد quot;اعترافاتquot; عضو مجلس محافظة بغداد ليث مصطفى الدليمي تحول إلى فضيحة سياسية، حيث اكد أن هذه الاعترافات انتزعت منه بالقوة، داعيًا الى حمايته من التعذيب الذي يمارسه ضده المحقق. وشهدت قاعة المؤتمر، التي عرضت خلاله الداخلية شريط تسجيل للمتهم ليث مصطفى حمود، اعتراض الأخير، وتأكيده أن الاعترافات انتزعت منه بالإكراه، داعيًا الى حمايته من المحقق (العميد) وتصاعد صراخه داخل القاعة. وخلال رفع يديه المكبلتين وإنزالهما انكسر القيد قبل أن تتم السيطرة عليه وهو يصرخ، مشددًا على أن الاتهامات الموجّهة إليه سياسية وكيدية.

آلاف المعتقلين يتعرّضون للتعذيب
واكد الهاشمي أن هذه الاوضاع يتعرّض لها الآلاف من المحتجزين quot;وأخصّ بالذكر منهم افراد حمايتي وموظفي مكتبي، وبسبب هذا النمط من التعذيب قضى العديد من المحتجزين، ومنهم الشهيد عامر البطاوي والشهيد ميسان عدنان بلاسم. أما سبب الوفاة لكليهما وبحسب رواية الاجهزة الامنية فكانت واحدة (الفشل الكلوي) ؟؟!!quot;.

واشار الى انه اذا كان رئيس الحكومة (نوري المالكي) لا يعلم بهذه الممارسات، ولم يأذن بها، اذا يتوجب عليه إبراء للذمة أن ينأى بنفسه وأجهزته الامنية عن القضاء كي يتحرر ويطلق سراح المشتبه فيهم فورًا، وأن تغلق كل القضايا الكيدية quot;ومنها قضية استهدافي وافراد حمايتي لتعرّضهم الى نفس، بل أشد مما كشف من ممارسات لا إنسانية، وبدلاً من ان تطارد الحكومة الأبرياء وتلاحقهم من دون هوادة، عليها أن تنصرف الى تخليص الشعب العراقي من الارهابيين الفاسدين من منتسبي الاجهزة الامنية، الذين عاثوا في الارض الفساد واستهانوا بكرامة المواطن العراقي، امثال المدعو العميد رياض عبد الامير سيىء الصيت، الذي أبعد من سوريا قبل سنوات بسبب سلوكه اللا أخلاقي، وعلي البهادلي المعروف بتعدياته على اعراض المعتقلين.. هؤلاء بعض من يعتمد عليهم المالكي في التحقيق والتعذيب وفي إلصاق التهم بالأبرياء الأشراف، وهؤلاء ومعهم بعض القضاة النفعيين الفاسدين الذين نكثوا إيمانهم وحنثوا بقسمهم.. هؤلاء لن يفلتوا ابدا من العدالة، طال الزمن ام قصر، كما لم يفلت من سبقهم، وكان عليهم أن يتذكروا ويعتبروا، لكنهم ورّطوا انفسهم في ظل مغريات عرض زائلquot;.

دعوة إلى التحقيق مع المالكي
وقال الهاشمي إن قناة quot;العراقيةquot; الرسمية الموضوعة لخدمة المالكي، على الرغم من أنها ممولة من الخزينة العامة، quot;نقلت إلينا البشرى أن المالكي أمر باعادة التحقيق بقضية ليث الدليمي، وهنا اسأل مَن من المفترض ينبغي أن يأمر بإعادة التحقيق.. القضاء أم المالكي؟.. اين رئيس مجلس القضاء والمتحدث باسمه، أما من كلمة، ولماذا هذا السكوت المريب.... وما الفائدة من اعادة التحقيق، والمعتقل لايزال في قبضة مجرمين، ثم من أذن بعرض الاعترافات المفبركة، رغم أن القانون لا يسمح، واذا كان ما حصل يشكل مخالفة قانونية، اذا لماذا لا يرفع الإدعاء العام دعوى ضد المالكي أم أنه يتمتع بحصانة المادة 93 من الدستور، التي حرمت منها أنا من دون مسوغ أو مبرر، ثم ماذا كان يقصد بعرض الاعترافات الكاذبة، هل كان القصد منها إشعال الفتنة الطائفية التي لا يستطيع العيش إلا في أجوائها؟، اسئلة اطرحها على الشعب العراقي للتأمل والتدبرquot;.

وشدد على القول: quot;لقد انكشف المستور امام انظار الجميع، لكن السؤال هل سيتحرك القضاء والادعاء العام حصرًا هذه المرة، أم أنه سيتجاهل ذلك، كما تجاهل جرائم عديدة تكتم عليها لأسباب سياسية بسبب تورط محسوبين على السلطة فيها.. ماذا فعل القضاء بجريمة قتل تحت التعذيب، حيث قضى الشهيد البطاوي وشهيد ميسان عدنان بلاسم لاشيء.. ماذا فعل في التقارير التي قدمتها اللجنة النيابية، واكدت تعرّض حماياتي للتعذيب لاشيء.. اسأل هل سمعتم عن أن مرتشيًا كبيرًا في السلطة قدم إلى القضاء، هل قدم المسؤولون الأمنيون الذين سهلوا هروب الإرهابيين من سجن البصرة ومن سجن الرصافة الى العدالة، الجواب كلا، وفي الجعبة الكثير، واذا عرف السبب بطل العجبquot;.

خطر يهدد حاضر ومستقبل العراقيين
وقال الهاشمي إن التاريخ يعيد انتاج نفسه، ولكن بطريقة أسوأ، حيث عاد المواطن البريء يخشى السلطة على حياته وعرضه وماله، واصبحت السلطة فوق الدستور والقانون، من ترضى عليه فهو مواطن محصن آمن مطمئن، ومن تغضب عليه فهو ملاحق ومتهم، وهي مدفوعة بنوازع الثقافة الطائفية البغيضة من جهة، والرغبة في خلق الازمات واشعال الفتن والعيش على التناقضات من جهة أخرى، وهو ما طبع سلوك الحكومة الحالية منذ عام 2006.

وتساءل قائلاً: quot;وإلا كيف نفسر والبلد يعيش أزمة حقيقية أن يتواصل القمع والاضطهاد ليطال مناطق محددة ومحافظات محددة، ويحرم المواطن العراقي من حقه في الحياة الحرة والكريمة، كيف نفسر قيام وزارة العدل بمصادرة بيوت الله ونزعها عنوة وبالقوة الغاشمة اعتمادًا على قانون جائر مثير للجدل شرع في غياب التوافق، ولماذا الآن تحديدًا بعد انتظار سبع سنوات، في وقت الكل ينتظر مخرجًا لمعالجة ازمة لم يشهد العراق لها مثيلاً، هل المطلوب اشعال فتنة مذهبية وتلوين الأزمة طائفيًا، وتحويلها من سياسية الى دينية؟، وهذا ما يسعى اليه المالكي نفسه، لكنه هذه المرة لن ينجح لأن العراقيين خبروا نهجه، لن تنجح مثل هذه المساعي الخبيثة بالتأكيد، لأن الله عز وجل لا يصلح عمل المفسدينquot;.

إما العراق وإما المالكي
وقال إن استمرار هذا الوضع ليس فقط يشكل حرجًا كبيرًا بالنسبة إلى العراقيين امام المجتمع الدولي، بل هو خطر عليهم يهدد حاضرهم ومستقبلهم، وهي بالتالي مسؤولية الجميع في وضع نهاية عاجلة، والفرصة مؤاتية للتغيير، وينبغي هذه المرة ألا نفشل. واشار الى انه قد طال انتظار العراقيين للتغيير، والأمل بالله كبير، ثم بالقادة الخمسة والشخصيات الوطنية الذين تهفو إليهم قلوب العراقيين، وتتطلع إليهم الانظار لنصرة العراق العزيز والمرجو أن تلتحق بهم بقية القادة من التحالف الوطني، وأن يضعوا نهاية للتردد الذي لم يعد له ما يبرره، لأن البلد بحاجة اليهم والى جهودهم، ولا بد من التحرك العاجل، لقد منحنا نوري المالكي فرصة لم نمنحها لأحد من قبل، وفشل، وهذا يكفي، واقولها بمنتهى الصراحة والوضوح، واكرر ما قاله اخي مسعود البارزاني رئيس الاقليم أن في بقاء هذه الحكومة وديمومتها ضياع العراق، وبعدما رفض المالكي احترام التزاماته بعدما منح فرصة مؤاتية للمراجعة، لم يعد امامنا سوى خيارين لا ثالث لهما، اما العراق واما نوري المالكي، وعلى القادة أن يختاروا، ولنرسخ في هذه اللحظات التاريخية قناعة، مفادها أن قدر العراق لا يمكن أن يرتهن أو يختزل بشخصاياً كان. وانا على ثقة بأن القادة مهما كانت الاعتبارات ومهما تكاثرت الضغوط، لن تختار سوى العراق، وفي هذا ادعو لهم بالتوفيق والسدادquot;.

عائد إلى العراق
واكد الهاشمي أنه سيعود الى العراق قريبًا، وقال: quot;لأهلي أقول سأعود اليكم قريبًا، لأشاطركم الهمّ والحزن، واشارككم تصويب وضع مختل، وانا ادرى بأحوالكم، وأعلم ما الذي يفعل بكم، واخاطبكم بكتاب الله، واقول لكم لاتهنوا ولاتحزنوا وانتم الأعلون إن كنتم مؤمنينquot;.

ولا يزال الهاشمي، الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال عراقية بتهمة quot;الإرهابquot;، يقيم في تركيا منذ التاسع من نيسان/إبريل الماضي، وكان غادر إقليم كردستان العراق، الذي لجأ إليه بعدما عرضت وزارة الداخلية في 19 كانون الأول (ديسمبر) الماضي اعترافات مجموعة من أفراد حمايته بالقيام بأعمال عنف بأوامر منه.. وتوجّه إلى قطر في الأول من الشهر الماضي ومن ثم إلى السعودية.

واتهم الهاشمي في العاشر من الشهر الماضي مكتب القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي بالتسبب بوفاة اثنين من عناصر حمايته المحتجزين quot;من جراء التعذيبquot;، وأكد أن الأجهزة الأمنية تتكتم على وفاتهما منذ قبل انعقاد القمة العربية في 29 آذار (مارس) الماضي.