يرى محللون أن التحرك الدولي ضد سوريا بات مطروحاً أكثر من أي وقت مضىلكن بسبب الموقف الروسي فإنه غير قابل للتطبيق على المدى القصير.


باريس: اعتبر محللون أن الحديث عن تحرك دولي ضد النطام السوري لوقف حمام الدم النازف في هذا البلد يهدف في الواقع الى زيادة الضغوط على روسيا والصين لأن حصول هكذا تحرك هو أمر مستبعد في المدى القصير.

والثلاثاء اعاد الرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا هولاند التأكيد على التعهدات التي قطعها خلال حملته الانتخابية، بقوله إن quot;تدخلاً مسلحًا (في سوريا) ليس مستبعدًاquot;، لكن بشرط أن يتم في اطار الامم المتحدة.

وتعليقًا على هذا التصريح قال المحلل ديدييه بيون من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (إريس) ومقره باريس إن كلام هولاند هو quot;اعادة تأكيد للقانون الدولي وهي لا تكلف الكثير، فكما نعلم أن لا الصينيين ولا الروس سيصوتون على مبدأ التدخل العسكريquot; في سوريا.

ومنذ اكثر من عام تقف موسكو وبكين سدًا منيعًا في وجه أي محاولة في مجلس الامن لاستصدار قرار يدين نظام الرئيس السوري بشار الاسد، وبمعنى آخر فإن مظلة الامم المتحدة التي يريد الرئيس الفرنسي الاستظلال بها لتغطية أي تحرك ضد سوريا غير متوفرة، أقله على المدى القصير.

مسلسل سقوط القتلى يتواصل في سوريا

وبالفعل فقد سارعت موسكو الى تفريغ كلام الرئيس الفرنسي من معناه، بقول نائب وزير الخارجية الروسي اندري دينيسوف إن quot;الحديث عن تدخل خارجي ينم عن عواطف سياسية اكثر منه عن تقييم وتحليل ومقاربة وازنةquot; للوضع.

وبالنسبة الى العديد من الخبراء، فإن الحديث عن تدخل دولي يأتي في الوقت الذي تبدو فيه الصين بصدد اعادة النظر بموقفها، كما يأتي بعدما وافقت موسكو على صدور ادانة من مجلس الامن لمجزرة الحولة.

وبحسب فرانسوا هيسبورغ من مؤسسة الابحاث الاستراتيجية (اف ار اس)، فإن بكين تأمل في اعادة توجيه بوصلة وارداتها النفطية من ايران الى دول الخليج العربية وبالتالي يتعين عليها تليين موقفها من الملف السوري. اما روسيا، الحليف الدائم لنظام الاسد، فهي quot;في عزلة متزايدة (...) وهي بصدد خسارة مواقعها في العالم العربيquot;.

ويضيف المحلل quot;هذا هو الوقت المناسب للبدء باللعب على تغيير الموقف الصيني وبالتالي الروسي في الوقت الذي لا تزال فيه جذوة التمرد متقدة. وهذه خطوة ذكية اذا ما كانت تندرج في اطار لعبة زيادة الضغوطquot;.

ويوافقه في هذا التحليل دونيه بوشار من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (ايفري) بقوله إنه quot;في هذه المرحلة فإن التكتيك يقتضي ممارسة الضغوط على روسياquot; التي سيصل رئيسها فلاديمير بوتين الى باريس الجمعة.

وبالنسبة الى هؤلاء الخبراء جميعًا فهم يستبعدون بالكامل أن يحصل في سوريا ما حصل في العراق في 2003 أي غزو بري، او ما حصل في ليبيا العام الماضي أي ضربات جوية تؤدي الى اسقاط النظام.

ويقول فرانسوا هيسبورغ: quot;في المقابل، فإن دعم ايصال اسلحة ومعلومات استخباراتية الى المتمردين -وهو أمر يمكن القيام به دون حاجة الى قرار من مجلس الامن- و/أو اقامة مناطق آمنة على طول الحدود التركية السورية بموجب قرار من المجلس، هو امر ممكن ولكننا لم نبلغ هذه المرحلة بعدquot;.

وهناك العديد من حلفاء باريس الذين يرفضون فكرة التدخل عسكريًا في سوريا.

وفي هذا الاطار، قال وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي الذي سيلتقي الاثنين في برلين نظيره الفرنسي لوران فابيوس إنه quot;من وجهة نظر الحكومة الالمانية ليست هناك أسباب تدعو الى التفكير بخيارات عسكريةquot; بشأن سوريا.

في المقابل، فإن بلجيكا دعت الاربعاء الى اقامة quot;مناطق آمنةquot; في سوريا تتولى حمايتها quot;قوة دوليةquot;، في حين ابدت استراليا استعدادها لاجراء مشاورات تؤدي الى تحرك عسكري دولي في سوريا، كما اعلن وزير خارجيتها بوب كار.

ولكن الفيلسوف برنار-هنري ليفي الذي كان له دور كبير في اسقاط نظام العقيد معمر القذافي اعتبر أن الخطوة التي اقدم عليها فرانسوا هولاند بحديثه عن احتمال التدخل عسكريًا في سوريا هي quot;بداية جيدةquot; ولكن quot;غير كافيةquot;.

وفي تصريح لاذاعة اوروبا-1 قال الكاتب الذي بقي خلال الاشهر الماضية بعيدًا عن التطرق الى تطورات الوضع في سوريا: quot;آمل ألا نبقى نسمع كلامًا ولا نرى افعالاًquot;، مذكرًا بأن حلف شمال الاطلسي لم يبالِ بالامم المتحدة عندما تدخل لانقاذ كوسوفو من القوات الصربية في 1999.