كشفت قناة ال ل بي سي عن تعرض 11 فتاة لتحرش جنسي من قبل أستاذ في العشرين من العمر في إحدى المدارس الكاثوليكية الراقية في جبل لبنان، وأدى ذلك الى موجة غضب وخوف كبيرة في أوساط الأهالي وأعاد فتح ملف التحرش الجنسي ضد الاطفال.


بيروت: كشفت قناة Lbcعن تعرض 11 فتاة تتراوح أعمارهنّ بين السادسة والثامنة لتحرش جنسي من قبل أستاذ في العشرين من العمر في إحدى المدارس الكاثوليكية الراقية في جبل لبنان، واشارت القناةإلى ان هذا التحرش يتراوح بين الاغتصاب الجنسي، وتصوير الفتيات عاريات عنوة، وأشارت القناة الى أن السرّ قد انكشف صدفة، حين قررت إحدى الفتيات إخبار أهلها بما حاول أستاذ مادة الفنون البلاستيكية فعله، فقد قالت إبنة السادسة لوالدها إن أستاذها حاول رفع تنورتها وإلصاق جسده بجسدها، قبل أن تخبره بما فعله أيضًا بصديقاتها فهذه أدخلها إلى الحمام، وأخرى أجبرها على خلع ملابسها أمامه، وهذه بكت عندما شاهدت دماء على ملابسها الداخلية. وأجبرت المدرسة الأستاذ على الإستقالة في انتظار التحقيقات، أما الأهل فقرّر أربعة منهم رفع دعوى ضدّ الأستاذ، فيما ينتظر الآخرون، في وقت بدأت الفتيات علاجًا نفسيًا قدّمته المدرسة، قبل إخضاعهنّ لفحوصات الطبيب الشرعيّ، أما المتّهم، فلا يزال مختفيًا في الحقيقة وفي الحياة الافتراضية بعدما أغلق كل حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي وأقفل مدوّنته.

هذا الموضوع أرعب العديد من العائلات في لبنان وأعاد فتح ملف التحرش الجنسي بالاطفال في لبنان، وفي دراسة أجرتها منظمة quot;كفى عنفا واستغلالاquot;، بالتعاون مع quot;المجلس الأعلى للطفولةquot;، وموّلتها منظمة quot;غوث الأطفال السويديةquot;، تبين أن 16.1 % من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثمانية أعوام و11 عامًا في مختلف مناطق لبنان، قد تعرضوا لنوع واحد على الأقل من أنواع التحرش الجنسي، وأن هذه النسبة لا تشمل إلا الحالات التي تم الإعلان أو الإفصاح عنها، علمًا أنه في الغالب، تبقى معظم الحالات طيّ الكتمان لأسباب عدّة، أبرزها أن المعتدي غالبًا ما يكون من المقربين من الطفل.

وأظهرت الدراسة أن معظم حوادث التحرش الجنسي تحصل في منزل الطفل، من قبل احد أفراد العائلة (الأب أو الأخ) أو الأقارب أو أصدقاء العائلة، مبينةً أنه في غالبية الأحيان يكون المعتدي شخصًا يعرفه الطفل ويثق به، وتعتبره العائلة من الأشخاص الآمنين بالنسبة إلى العلاقة مع أولادها.

وفي دراسة سابقة أجرتها وزارة العدل في العام 2003 تستند إلى سجلات المحاكم والشكاوى، كشفت عن الإبلاغ عن ثلاث حالات سوء معاملة أطفال أسبوعيًا، وان الاعتداءات الجنسية تشكل 58 % من مجمل الانتهاكات بحق الأطفال. كذلك تبين الإحصاءات أن التعديات على الإناث تمثل 66 % من مجموع الإعتداءات، بينما تقتصر حصة الأطفال الذكور على 34 % ولعل أبرز ما بينته دراسة وزارة العدل ان إثنين في المئة فقط من المعتدين هنّ من النساء، بينما يستأثر الرجال الحصة الأكبر البالغة 98 %.

عوارض على الضحايا

تؤكد العالمة الاجتماعية ندى فاخوري ان جملة من العوارض قد تظهر على الطفل وتؤشر إلى وجود تحرش جنسي يكتمه الصغير، بما يستوجب البحث في الأسباب، وتتلخص العوارض، او الإنذارات بتغيرات عاطفية تطرأ على الطفل، وتتمثل بالحزن والقلق والشعور بالذنب وتدهور في تقديره ذاته واضطراب في فهمه صورة جسده. أما التغييرات الذهنية فتبرز عبر صعوبة في التركيز وتدهور في نتائجه الدراسية والتباس وضياع وأفكار انتحارية.

وتضيف:quot; يصبح الطفل الضحية عدائيًا ومنعزلاً وصامتًا بطريقة مرضية وتبرز لديه سلوكيات جنسية مبكرة. ويمكن ملاحظة التغييرات الاجتماعية عبر فقدان الطفل الثقة بالراشدين وخوفه من التقرب الجسدي ورفضه الخروج بمفرده. ومن بين التغييرات النفسية والجسدية، نلحظ الأرق والكوابيس المتكررة وأوجاع الرأس أو المعدة من دون سبب عضوي، وتغييرات مفاجئة في الوزن.

ويتعين أن تبرز كل التغييرات مجتمعة، وليس بعضها فقط.

وتتابع:quot; غالبًا ما لا تبدو أي آثار جسدية واضحة على الطفل الضحية، إلا أن التحرش الجنسي بالأطفال قد يؤدي إلى أمراض منقولة جنسيًا على الأهل التنبه لها.

ما العمل في حال حدوث تحرش؟ تجيب:quot; لا بد من إفساح المجال للطفل للتعبير، والإصغاء إليه من دون لومه، وتصديقه وتفهمه وطمأنته إلى أنه يأخذ الخيار الصحيح والأسلم بالتبليغ، والتأكيد أنه لا يحقّ للمعتدي القيام بما قام به، وبأنه ليس مذنبًا في ما حصل معه، وعدم التقليل من حجم المشكلة مع عدم تصويرها على أنها مصيبة، وتقديم الحماية للطفل وتلبية حاجاته وتأمين المتابعة العلاجية الصحية والنفسية له. وننصح الأهل بضرورة مراقبة نمو أطفالهم بصورة منتظمة ويقظة وعدم التردد في استشارة مختصين إذا احتاج الأمر لذلك.

ويجب تعليم الاطفال كيف يحترمون جسدهم ويحمونه من أي اعتداء خارجي، والمحافظة على خصوصيته وتغذيته والاهتمام بنظافته ومداواته في حال المرض، عبر استعراض الخيارات السليمة.