لندن: قال حزب البعث العراقي المحظور إن قائده عزة الدوري المطلوب الأول للسلطات العراقية قد اجتمع في بغداد قبل أيام بعدد من أعضاء الحزب وألقى فيهم كلمة أكد فيها أن الحزب سيمضي قدماً لإقامة حكم الشعب التعددي الحر الديمقراطي المستقل... لكن أي تأكيد من مصدر محايد لم يصدر عن حقيقة هذا الاجتماع الذي لم تعلق عليه السلطات العراقية الرسمية بعد.

وأضاف الحزب في بيان صحافي تلقته quot;إيلافquot; اليوم واشاد فيه مطولاً بما اسماه quot;المسار الجهادي للحزبquot; أن الدوري الذي نعته quot;الرفيق المجاهد الحبيب عزة إبراهيم قائد البعث والمقاومةquot; قد التقى quot;في الأيام القليلة الماضية، وفي أحد أحياء بغداد المجاهدة، عاصمة المجد، عاصمة الرشيد، عاصمة أعرق جامعة في العالم (الجامعة المستنصرية)،بعدد من الرفاق، أعضاء قيادة قطر العراق،ومسؤول وأعضاء مكتب الثقافة والأعلام في القيادة وبعض الرفاق أعضاء المكتب العسكري للحزب وبعض قيادات الفصائل المجاهدة وتحدث عن مسيرة الجهاد الملحمي للشعب والمقاومة طيلة السنوات التسع المنصرمةquot; على التغيير في البلاد.

واشار الى أن الدوري قد اسهب في الحديث عن quot;الانتصاراتquot; التي حققها الحزب خلال مسيرة ثورة 17 - 30 تموز (1968) التي اوصلت الحزب الى السلطة. وأضاف أنه تحدث quot;عن مستلزمات استكمال مسيرة الجهاد والتحرير الشامل والاستقلال التام والناجز والتصدي الحازم لتركات المحتلين الأميركيين وحلفائهم الصهاينة والفرس الصفويين وعملاء العملية السياسية التي راحت تنهار نهائياً بفعل الضربات القاصمة لمجاهدي البعث والمقاومة وراحت ترسف في تشرذمها وانقساماتها وسقوطها في هاوية الانحدار السحيق والانهيار التام، كما تحدث عن نضال الشعب العربي في أقطار الامة كلها لأسقاط الأنظمة الخائنة المستبدة والحركات الانفصالية في جنوب وغرب السودان وشماله والمضي قُدماً بمسيرة التحرير الشامل للعراق فهو الطريق الحقيقي لتحرير فلسطين وتحرير الامة ووحدتها ونهوضها وتقدمهاquot;.

وقال الحزب إن الدوري quot;اشاد بتضحيات وفروسية مجاهدي البعث مترحماً على روح الشهيد صدام حسينوالرفاق الشهداء من أعضاء القيادة والكادر المتقدم ومناضلي الحزب ومحيياً روح صمود رفاق البعث في أقفاص الأسر مؤكداً على حاجة الوطن والبعث إلى تضافر جهود كل الخيرين والشرفاء في العراق للتصدي لمشاريع القوى المعادية التي تسعى الى تدمير العراق وتفتيت لحمة شعبه وإذلاله ذلك أن ارض العراق واسعة فسيحة رحبة وأرضه المعطاء لن يجوع َ فيها أحد وليكن شعارنا الجهادي ( كلنا فداء للحزب والعراق والامة)quot; كما نقل عنه البيان.

واكد الدوري أن البعث quot;سيمضي قُدماً على طريق التحرير الشامل والاستقلال التام والناجز وإقامة حكم الشعب التعددي الحر الديمقراطي المستقل وإتاحة حرية الرأي على وفق دستور دائم تكتبه كل القوى التي ساهمت وشاركت في تحرير العراق، ويؤكد على وحدة العراق وإلغاء إرث ومخلفات الاحتلال كلها واجتثاث النعرات الطائفية والعرقية الطارئة على أبناء شعبنا المتجانس المتحاب والتأكيد على الحرية بعيداً عن أي شكل من أشكال التدخل والإرهاب والتسلط، كما سيواصل البعث نضاله الوطني ومسيرة النضال القومي للامة العربية والعطاء الحضاري الإنساني الشاملquot;. واضاف أن الحزب قدم خلال السنوات التسع الماضية التي اعقبت التغييرquot;اكثر من 150 ألف شهيد بعثي بينهم العديد من الرفاق أعضاء القيادة والكادر المتقدم قرباناً لمبادئ البعث ونهوض الشعب والامةquot;.

يذكر أن القوات الاميركية في العراق كانت قد رصدت مبلغ عشرة ملايين دولار في عام 2003 لمن يساعد في القبض على عزة الدوري.

الدوري من نائب لصدام الى طريد للعدالة

ولد الدوري عام 1942 في ناحية الدور ( 150 كيلو مترا شمال بغداد ) الى الجانب الشرقي لنهر دجلة بين سامراء وتكريت لعائلة فقيرة واكمل دراسته المتوسطة في الدور ثم انتقل الى بغداد ودخل ثانوية الاعظمية بداية الستينات الا أنه لم يكمل دراسته فيها بسبب اضراب الطلبة ضد حكم الزعيم عبد الكريم قاسم مطلع العام 1963 حيث كان ناشطًا في صفوف الاتحاد الوطني لطلبة العراق التنظيم الطلابي لحزب البعث الذي انتمى الى صفوفه عام 1959.

وتولى مهمة معاون امر الحرس القومي المليشيا المسلحة التي انشأها الحزب بعد نجاح انقلابه ضد قاسم في شباط (فبراير) عام 1963 وكانت منطقة عمله في منطقة الفضل وسط العاصمة، حيث ارتكب وبقية المسلحين البعثيين ابشع المجازر ضد الشيوعيين وانصار الزعيم الراحل. وبعد انقلاب الثامن عشر من تشرين الاول (اكتوبر) 1963 الذي قاده الرئيس الراحل عبد السلام عارف ضد البعثيين اعتقل الدوري ومكث في السجن حتى نهاية عام 1966 حين اطلق سراحه ومجموعة من البعثيين.

وبعد اعادة تشكيل حزب البعث كان الدوري احد القيادات التي عملت على تنشيطه مع صدام حسين وآخرين ثم تفرغ للعمل الحزبي واقام في وكر حزبي في منطقة (الطوبجي) في أطراف العاصمة ولتأمين حمايته من السلطة فتح له الحزب دكانًا لبيع الثلج تابعاً للبيت الذي يقوم فيه وهو مستأجر من الحزب ايضًا للتمويه على النشاط الحزبي الذي كان يقوم به. وزيادة في الاجراءات الاحترازية تولى الحزب تزويجه ودفع نفقات الزواج وشراء سيارة له نوع (فولكس فاغن) لتسهيل تنقلاته واتصالاته مع بقية (الرفاق).

وبعد انقلاب 17 تموز (يوليو) عام 1968 الذي اعاد حزب البعث الى السلطة مرة أخرى، كان الدوري يشغل درجة عضو فرع الا أنه انتخب عضوًا في القيادة القطرية للحزب في اول مؤتمر قطري يعقد في ايلول (سبتمبر) عام 1968 ثم تولى مسؤولية المكتب الفلاحي والمجلس الاعلى للاصلاح الزراعي وشغل منصب وزير الزراعة والاصلاح الزراعي ثم عُين وزيرًا للداخلية.

وعقب تولي صدام حسين مسؤولية الحزب الاولى ورئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس قيادة الثورة صيف عام 1979 عين الدوري نائبًا له في قيادة مجلس الثورة والحزب حيث كان صدام يثق به بشكل مطلق فكلفه برئاسة لجان التحقيق في العديد من القضايا ضد قياديين في الحزب وخاصة بعد (مؤامرة) عام 1979 التي راح ضحيتها عشرون من قيادات الحزب والوزراء الذين نفذ فيهم صدام حسين حكم الاعدام لرفضهم توليه الرئاسة من دون انتخاب حزبي أو شعبي.

وقد دأب صدام حسين على تكليف الدوري حضور مؤتمرات القمة العربية والاسلامية نيابة عنه لما يتمتع به من (أمانة) في حمل رسائل سيده فقد كان لا يتورع عن المجابهة الحادة التي تصل الى حد توجيه الشتائم الى الآخرين في هذه المؤتمرات ولن ينسى العرب تلك المواجهة التي افتعلها مع الشيخ محمد الصباح وزير الدولة للشؤون الخارجية الكويتي خلال القمة الاسلامية في الدوحة عام 1990 حين تفوه بكلمات معيبة اثارت استهجان جميع الوفود الاسلامية المشاركة.

وفي مجازر الانفال التي ارتكبت ضد الاكراد عام 1988 كان عزة الدوري مسؤولاً عن لجنة شؤون المنطقة الشمالية فنفذ بحكم موقعه هذا، خلال حملة عسكرية بقيادة علي حسن المجيد المعروف بعلي الكيمياوي الذي اعدم قبل عامين، مجزرة بشعة لم يعرف لها تاريخ الاكراد مثيلاً تم فيها مسح خمسة آلاف بلدة وقرية من خريطة كردستان العراق وقتل 180 الف مواطن بدأت مقابرهم الجماعية التي اكتشفت مؤخرا تفضح جرائم الابادة الجماعية التي ارتكبها النظام السابق.

وبعد ان عينه صدام قبيل الحرب الاخيرة عام 2003 ومن جديد مسؤولاً عن المنطقة الشمالية التي اصبحت لا تشمل المحافظات الثلاث التي يحكمها الحزبان الكرديان الرئيسيان منذ عام 1991 وهي اربيل ودهوك والسليمانية، صار الدوري الحاكم الفعلي لمحافظات الموصل وكركوك وصلاح الدين والمناطق المحيطة بها. لكن بعد دخول الاميركيين الى بغداد وانسحاب الضباط والجنود الى بيوتهم، سلم الدوري هذه المحافظات من دون اطلاق رصاصة واحدة ليبقى طريدًا ولا يزال.