رغم تضارب المعلومات بشأن طبيعة التفجير الذي هز الاربعاء مبنى الامن القومي في وسط دمشق، رأى ناشطون أنه بغض النظر عن اختلاف السيناريوهات إلا أن الحدث هام ويؤكد أن الأركان الأساسية في النظام السوري بدأت تتهاوى.


لم يكد الشعب السوري ونشطاء الثورة الميدانيون منهم والسياسيون، يستفيقون من هول المفاجأة التي أذاعها التلفزيون الرسمي السوري عن استهداف مبنى الأمن القومي في منطقة الروضة الراقية، والتي تعتبر مربعاً أمنياً يحوي بيوت الرئيس السوري وكبار قادة النظام وضباطه ومقرات بعض السفارات الأجنبية، حتى بدأت المعلومات والتكهنات حول سبب الإعلان المفاجئ عن مقتل هذا العدد الكبير من رموز النظام وقادته الأمنية، وظروف وملابسات هذا الإعلان المختلف عما سواه من حيث التغطية الإعلامية والافتقار إلى الصور من موقع الحدث، فضلاً عن عدم سماع صوت انفجار في مكان الحادث.

البعض شكك بداية في الجهة التي تقف وراء تنفيذ التفجير، قبل تبني الجيش الحر له، واعتبر بعض النشطاء الميدانيين (الذين نتحفظ عن ذكر بعض أسمائهم لدواعٍ أمنية) أن النظام استفاق أو علم فجأة بإمكانية تدبير انقلاب من قبل المجموعة المستهدفة، فقرر التخلص منها حتى لا يدع مجالاً لإمكانية القيام بالانقلاب وإفقار النظام وإفراغه من رموزه القادرين على تولي الحكم وإدارة البلاد في أي مرحلة انتقالية محتملة ومقبلة، لا سيما أن وزير الدفاع quot;مسيحيquot; ورئيس خلية الأزمة quot;حلبي تركماني الأصلquot;، وهو أمر قد يعني زهدهما في المناصب مستقبلاً، أو إمكان إيكال المهمة إليهما، فيما جاء خبر مقتل نائب وزير الدفاع آصف شوكت عادياً بالنسبة لنشطاء الثورة الميدانيين، بسبب معرفتهم بمقتله وظروفه منذ ما يقرب من شهرين، وهو ما شككهم بأن الإعلان عن وفاته الآن هو لتمرير رواية الاغتيال ضمن التفجير والترويج لصدقها.

أما quot;عمرquot; وهو الناشط الإعلامي في صفوف الثورة السورية، فقد باح لـquot;إيلافquot; بما يراه حول ظروف وملابسات التفجير الملتبسة: quot;بغض النظر عن اختلاف السيناريوهات التي حللت الحادثة، خاصة وأنه لم ترد أي صورة عن مكان التفجير، وكذلك لم يسمع صوت انفجار، إلا أن الحدث هام ويحمل مؤشرات خطيرة على أن الأركان الأساسية في النظام السوري بدأت تتهاوى فعلياً، وتشكل هذه العملية نقلة نوعية، سواء على صعيد معنويات الشارع المنتفض على النظام السوري، أو حتى على صعيد التعاطي الدولي مع الملف السوري، وإن كانت جهات من الجيش الحر هي التي نفذت العملية، فهذا يعطي مؤشراً واضحاً على مدى الضعف الأمني والقدرة على اختراق مواقع حساسة في النظام، ومدى التعاطف العام مع الثورة في سوريا حتى في الدوائر المقربة من النظام، وعليه فإن العملية وبغض النظر عن سيناريو تنفيذها وشكله، تشكل ضربة قوية للنظام السوري، وتضع الجميع في مكان الاستعداد لمرحلة جديدة من الثورة السورية، قد يشتد فيها قمع ووحشية النظام، لكن في المقابل ستشير إلى اقتراب نهايته حتماً، فالنظام اليوم بدأ بقصف دمشق، وهذه سابقة لم يجرؤ على فعلها خلال عمر الثورة بالكامل، كذلك خسر مجموعة من قياداته، ولو أضفنا مقتل هذه القيادات إلى انشقاق مناف طلاس صديق الأسد الشخصي لوجدنا أن الحلقة الضيقة من النظام بالفعل بدأت تتآكل، وهذا بحد ذاته مؤشر إيجابي قوي لصالح مجريات الثورةquot;.

عضو المجلس الوطني السوري، الدكتور أسامة قاضي، اعتبر في تصريحات خاصة بـquot;إيلافquot; أن quot;تفجير دمشق جاء كرد فعل طبيعي على الأسلوب الهمجي الأمني الوحشي الذي تعامل به النظام مع السوريين، وانتقامًا لدماء أكثر من عشرين ألف شهيد وعشرات الآلاف من المعتقلين والمفقودين، وأكثر من ربع مليون لاجئ، وأعتقد أن القادم أكبر لأن المسؤولين الأمنيين وكبار القادة العسكريين رؤوس الشبيحة ومن عاونهم معروف داخل دمشق، وسيطالهم العقاب قبل رمضان وخلال الشهر الكريم من قبل الأهالي الذين فقدوا أبناءهم ومعيليهم وانتقاماً لتدمير سورياquot;.

ويتابع الخبير الاقتصادي ضمن المجلس الوطني السوري أنه quot;تأكد صحة أنباء مقتل آصف شوكت، وهو أكبر خسارة للنظام وهو واحد من الحكام الفعليين العسكريين على الأرض ووزنه بوزن كل من قتلوا، وأكبر حتى من وزير الدفاع، داوود راجحة ومحمد الشعار وحسن التركماني، لأنه قريب من الحلقة الأولى من العائلة الحاكمة، وأحد أعضاء الهرم الثلاثي الحاكم بعد ماهر وبشار الأسد، وكون بشرى الأسد باتت أرملة سيزيد أمور العائلة تعقيداًquot;.

وفي ما يخص ظروف وملابسات التفجير، أكد quot;قاضيquot; أنه quot;يستبعد قيام الأسد بتصفية كل من حوله من إدارة الأزمة، وهذا من باب تعظيم شأن الأسد، وأستبعد أن يكون كل هؤلاء متفقين على انقلاب، على العكس هم مختلفون في ما بينهم حول أخذ الحظوة لدى النظام بقتل أكبرعدد ممكن من الأبرياء، وعلى كل حال لو صح هذا النبأ غير المنطقي، فستقوم بشرى الأسد بالانتقام من بشار إما بقتله أو قتل زوجته أسماء التي باعت دم أهل حمص بالبقاء في حضن زوجها الذي هجّر ثلاثة أرباع أهل حمص والباقين في أفظع ظروف معيشية، وقامت بلباس كنزة quot;حلوة يا بلديquot; وتبييض صفحة النظام، وقامت بشراء الأثاث والأغراض بعشرات الآلاف من الجنيهات، كما أشارت الصحافة البريطانية، أثناء الثورة بطريقة مستفزة وستدفع ثمنها قريباً، وأغلب الظن أنها ستشهد محاكمتها مع زوجها وبقية الشبيحة، طبعاً هذا إذا وصلت وزوجها أصلاً لقاعة المحكمة، وما فعله بشار أفظع مما عمله القذافي، والأخير سُحل في الشوارع، ولم يحالفه الحظ بتذوق طعم قفص المحكمة كما هو حال حسني مبارك ، فمن غير المستبعد أن يسحل بشار وأسماء في شوارع حمص ودمشق وادلب ودرعا ودير الزور، أو أن يقتلوا من قبل العسكريين ويعلقوا فوق سطح مبنى عسكري كما حصل لرئيس رومانيا جاوجيسكو وزوجتهquot;.

وعن توقعاته لمستقبل سوريا، قال عضو المجلس الوطني السوري: quot;أعتقد أن شهر رمضان سيكون عظيماً وسيكون فيه فتح مبين لسوريا وللمنطقة بأسرها بحول الله، المهم منع المجازر التي سيقوم بها النظام وعلى المجتمع الدولي أن يأخذ موقفاً سريعاً وحاسماً ويتجاوز مجلس الأمن بآلياته البيروقراطية المستفزة للشارع السوري وللعالم الحرquot;.