ينذر الهجوم على مبنى الأمن القومي السوري أمس ومقتل كبار القادة العسكريين في نظام الرئيس بشار الأسد، بمزيد من أعمال العنف والقتل خلال الفترة القادمة، وفي تفاصيل الهجوم قال الجيش السوري الحر إن نحو 10 من حراس مسؤولين كبار في الجهاز الأمني ومساعديهم قرروا الانشقاق ولكن قيل لهم البقاء في مواقعهم وزرع عبوة في الغرفة التي اجتمع فيها اعضاء خلية الأزمة.


يتسم القتال المحتدم في سوريا بضراوة لا رحمة فيها ويرى مراقبون ان النهاية ايضا لن تعرف الرحمة. واياً تكن الخطة التي نُفذ بها الهجوم على مبنى الأمن القومي وسط دمشق ومقتل عدد من أركان النظام فإن رحيلهم بهذه الطريقة الدموية والدقيقة ينذر بمزيد من أعمال العنف والقتل.

ويمكن الآن استبعاد ما تقوله الروايات التي بثتها وسائل الإعلام السورية الرسمية في الساعات الأولى بأن انتحاريا يقود سيارة مفخخة نفذ الهجوم. فان واجهة المبنى الخارجية لم تضرر والهجوم كان دقيقا في إصابة الهدف. ويقول الجيش السوري الحر انها عملية من الداخل وان نحو 10 من حراس مسؤولين كبار في الجهاز الأمني ومساعديهم قرروا الانشقاق ولكن قيل لهم البقاء في مواقعهم وزرع عبوة في الغرفة التي اجتمع فيها اعضاء خلية الأزمة.
واعلنت جماعة تسمي نفسها quot;لواء الاسلامquot; ايضا مسؤوليتها عن الهجوم ولكنّ الروايتين متضاربتان. فهناك جماعات اسلامية تعمل في صفوف الجيش السوري الحر أو تتعاون معه من خارجه وكانت العملية تتطلب عددا من الأفراد الذين يتمتعون بقدرات خاصة لإنجاحها ، بما في ذلك مهارات عالية لتصنيع العبوات الناسفة.

الجيش السوري الحر يستعد لمواجهة أكثر دموية

وفي هذا الشأن، تعيد صحيفة الديلي تلغراف الى الأذهان مؤامرة فون شتاوفنبرغ خلال الحرب العالمية الثانية عندما وضع ضابط الماني ساخط عبوة ناسفة تحت الطاولة خلال اجتماع عقده هتلر مع عدد من كبار قادته العسكريين. ونجحت المعارضة السورية حيث فشل الضباط الالمان ، على حد تعبير الصحيفة مشيرة الى quot;ان مثل هذه المهارات التي ربما اكتُسبت في معسكرات تدريب إرهابية في العراق يمكن ان تُستخدم ضد اهداف سورية أخرىquot;.

ولا يعني هذا بالضرورة ان تنظيم القاعدة يعمل مع القيادة العسكرية العليا للمعارضة لأن مثل هذه المهارات يمكن ان تُنقل بسهولة ولأن جماعات عديدة أخرى غير تنظيم القاعدة قاتلت في العراق. كما يؤكد الهجوم خطأ الإدعاء القائل بأن المعارضة السورية تنظيم منقسم ولعله أصبح بالفعل تنظيما إرهابيا طائفيا يتفكك الى خلايا عنيفة منفلتة لا تتورع عن شيء.

ولكن المعارضة المسلحة ليست قوة موحدة بكل تأكيد وليس لديها مشروع موحد لخلع الرئيس بشار الأسد أو ما ستفعله إذا وجدت نفسها فجأة تمسك مقاليد السلطة في دمشق. فالوضع مفتوح على كل الاحتمالات بما في ذلك الأعمال الانتقامية وانعدام الثقة بين فصائل المعارضة والصراع على السلطة بين تيارات سياسية ودينية مختلفة ، كما ترى صحيفة الديلي تلغراف.

ويصح هذا ايضا على الخطوات التالية وربما النهائية في الانتفاضة حين تردف وحدات الجيش السوري الحر في دمشق هجوم الأربعاء باستهداف الأجهزة الأمنية المحلية بعمليات على القدر نفسه من الجرأة. وسترد ، على ما يُفترض ، العناصر التي ما زالت موالية للنظام ، بما فيها الميليشيات العلوية ، بقوة واستماتة مضاعفة في أحياء مثل الميدان توفر قواعد لمقاتلي المعارضة. وتقدم حمص وحماة والحولة والتريسمة أمثلة ساطعة على مثل هذا الرد. ولا يملك المرء سوى الأمل بأن تنتهي اعمال العنف إذا استجابت أسرة الأسد لصوت العقل واستقلت طائرة الى موسكو ، ولكن لم تعد هناك ضمانة لحدوث ذلك ، كما ترى صحيفة الديلي تلغراف.

فالروس مصممون على الوقوف وراء صاحبهم ولا يبدو ان لديهم أو لدى صاحبهم خطة بديلة غير مواصلة التصدي للانتفاضة وإن كان عليهم ان يشرعوا في إعداد مثل هذه الخطة. وكان بمقدور النظام ان يعتقد لفترة من الوقت العام الماضي ان القوة الغاشمة ستنجح عندما كان قصف قواته يسوّي حي بابا عمرو مع الأرض. وتشير الدلائل الى ان القادة العسكريين الذين سيتعين عليهم إصدار مثل هذه الأوامر الى جنودهم في المستقبل يتوجهون الى الروابي والحدود التركية. وإذا كان صهر الرئيس لا يستطيع أن يأمن على حياته فمن هو القائد العسكري في جيش النظام الذي لا يتلفت الآن متوجسا!