تسبب الموقف الذي تتبناه روسيا تجاه تطورات الأحداث الحاصلة في سوريا في وضع الرئيس فلاديمير بوتين على الجانب الخطأ من موجة الربيع العربي في الوقت الذي أثارت فيه التهديدات التي يتعرض لها نظام الرئيس بشار الأسد احتمالية أن تفقد روسيا في نهاية المطاف حليفها في سوريا وتصبح إيران حليفها الوحيد في المنطقة.


أشرف أبوجلالة من القاهرة: في أعقاب التفجير الذي راح ضحيته عدد من كبار المسؤولين الأمنيين في سوريا، أول أمس الأربعاء، بعد أن بدأ يستعر القتال في العاصمة دمشق، اتحدت روسيا من جديد مع الصين للتصدي لأي عقوبات قد تتخذها الأمم المتحدة بحق سوريا.

ونقلت وكالة بلومبيرغ الإخبارية عن ثيودور كاراسيك، مدير قسم البحوث لدى معهد التحليل العسكري في منطقة الخليج والشرق الأدنى في دبي، قوله: quot;وضع الكرملين نفسه في زاوية لن يستطيع الخروج منها، وكان يتعين عليه أن يكون أكثر ذكاءً بخصوص النظام الجديد في الشرق الأوسطquot;. ففقدان آخر حليف عربي وعزل باقي الشركاء العرب السابقين، خاصة قطر والسعودية، يعد خسارة إستراتيجية كبيرة لروسياquot;.

وأعقبت الوكالة بقولها إن قرار بوتين بالاستمرار في التحالف مع سوريا يعني أن روسيا ستواجه حالة من العزلة في المنطقة، وستعرض للخطر الجهود التي تبذلها للفوز بعقود في السعودية، التي تمتلك خمسة احتياطات العالم من النفط، وقطر، التي تعتبر ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم. كما دفعت المساندة التي يلقاها الأسد من بوتين الرئيس أوباما للقول إن روسيا ساعدت في تسريع انزلاق سوريا صوب حرب أهلية.

وقال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، يوم أمس، إن دعم العقوبات على سوريا يعني دعماً مباشراً للحركة الثورية. وتلك هي المرة الثالثة التي تستخدم فيها حقها في النقض quot;فيتوquot; لحماية نظام الرئيس بشار الأسد. وتابعت الوكالة بتأكيدها أن بوتين يعمل بذلك على عزل نفسه في الشرق الأوسط، إذ جاءت عودته لمنصب الرئيس، لتهدد بتفاقم التوترات في علاقات بلاده بكل من الولايات المتحدة ودول غرب أوروبا.

ثم مضت الوكالة تتحدث عن استمرار العلاقات بين الجانبين الروسي والسوري منذ فترة طويلة، وقالت إن سوريا وقعت منذ العام 2006 على صفقات سلاح مع روسيا بقيمة قدرت بحوالى 5.5 مليارات دولار، وذلك وفقاً لتقديرات خاصة بمركز تحليل التقنيات والإستراتيجيات في موسكو، الذي يقدم المشورة لوزارة الدفاع الروسية.

كما لفتت الوكالة إلى أن روسيا، التي رفضت وقف بيع السلاح لسوريا حتى مع ارتفاع عدد القتلى هناك لأكثر من 10 آلاف شخص منذ بدء الانتفاضة، بعثت بـ 11 سفينة عسكرية للبحر المتوسط في العاشر من الشهر الجاري، وتوجه بعضها لميناء طرطوس.

هذا وقد تسبب موقف روسيا الداعم للأسد في إثارة حفيظة بعض دول المنطقة، وفي مقدمتها السعودية، وسبق لوزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، أن قال الشهر الماضي إنه يتعين على روسيا تغيير موقفها بشأن سوريا لتفادي الإضرار بعلاقاتها بالدول العربية.

ثم تحدثت الوكالة عن الصدع الذي طرأ على العلاقات بين روسيا، من ناحية، وبين دول عربية من ناحية أخرى، بخصوص الموقف من الأزمة الحاصلة في سوريا.

وقال فيودور لوكيانوف، المحلل لدى مركز السياسة الخارجية والدفاعية الذي يوجد مقره في موسكو: quot;روسيا ملتزمة بدعم الأسد لأن بوتين لن يكسب أي شيء من وراء مساندة الحملة التي تسعى للإطاحة به مع تراجع نفوذها الخاص بالحقبة السوفيتية في المنطقةquot;.