دمشق:تحولت ساحة الساخنة في حي الميدان العريق الى ميدان حرب يتصاعد منه الدخان وتفوح رائحة الجثث الملقاة على الارض الى جانب عدة سيارات متفحمة تنتشر حولها الرصاصات الفارغة وقطع الزجاح المحطم.

هنا quot;لجأ اغلب المسلحين قبل ان نأتي ونقضي عليهم بعد يومين من الاشتباكات الضاريةquot;، كما قال أحد الجنود بعتاده الكامل وهو يتصبب عرقا تحت الشمس الحارقة بينما كان الدخان يتصاعد من بعض النوافذ التي كساها الرماد الاسود.

وكتب معارضون بعض العبارات المناهضة للنظام السوري مثل quot;لن نركعquot; وquot;حي الميدان يحميه الثوارquot; واخرى تعبر عن التضامن مع المدن المنكوبة من بينها quot;دير الزور تنزفquot; و quot;حمص العديةquot;.

توسعت رقعة الاشتباكات في سوريا

ونظمت وزارة الاعلام للمرة الاولى زيارة لنحو عشرين صحافيا استقلوا مدرعات تابعة لقوات حفظ النظام والامن لتقلهم الى هذا الحي الذي كان لفترة طويلة وجهة محبي الاكلات الشعبية والحلويات وخصوصا عند حلول رمضان والاعياد.

عند مدخل الحي، بدا ثقب كبير في منارة مسجد الماجد أحدثته احدى القذائف وتحطم زجاجه فيما ركنت على مدخليه دبابتان وعلى الرصيف تبعثرت صناديق البندورة والبطاطا والبصل التي كان احد الباعة يبيعها عند المدخل للمصلين الخارجين من الجامع.

وتشهد الشوارع المجاورة له التي كساها الزجاج المحطم وعبوات الرصاص الفارغة من مختلف الأحجام على ان اشتباكات عنيفة وقعت خلال الايام الماضية بين مسلحين متمردين وعناصر الجيش النظامي في هذا الحي الذي انبعثت منه رائحة البارود والموت.

واغلقت المحال التجارية وشطب الجنود كلمة quot;اضرابquot; التي كانت مكتوبة على واجهتها فيما فرّ اصحاب بعضها على عجل كما يبدو دون ان يتاح لهم الوقت لاغلاق متاجرهم. وبدت الشقق خالية من سكانها.

ويخيم صمت على هذا الحي تخترقه رشقات نارية من وقت لآخر من دون أن يثير ذلك الجنود الذين رافقوا الصحافيين في جولتهم quot;انهم الفلول لكننا سنقضي عليهمquot; كما اكد احد الجنود بفخر.

واتخذ عدد من الجنود مقرا لهم في احد محال الحلاقة الرجالية وجلسوا على كراس جمعوها على شكل حلقة امام الباب على الرصيف مستفيدين من وقت الراحة لاحتساء كوب من الشاي.

وشاركت في الاشتباكات مجموعتان إحداهما تتبع للحرس الجمهوري والاخرى فرقة المهام الخاصة، على حد قول أحد الجنود، يرتدي عناصرهما زيين مختلفين احدهما اخضر مبرقع والاخر رمادي مبرقع.

وقال احد الموجودين في المكان ان quot;عناصر مسلحةquot; قدر عددهم بنحو 600 عنصر قدمت من أحياء الزاهرة والتضامن وتل منينquot;.

واضاف أن المجموعة quot;دخلت وتجمعت في الحي وقامت بتهجير الأهالي والعبث بالممتلكات العامة والخاصة وكتبوا عبارات نابية على الجدران وروّعوا الاهالي الذين طلبوا من الجيش التدخلquot;.

وتابع quot;بدأنا عمليتنا اول امس (الاربعاء) وانتهينا من العملية فجر اليوم (الجمعة) بعد أن تصدينا لهم وحاصرناهم وقتلنا بعضهم واعتقلنا اخرين كما فرّ بعضهم بعد أن ألقوا سلاحهم على الأرض عن طريق المصارف الصحية والانفاقquot;.

وفي إحدى الشقق التي دخلت اليها مراسلة وكالة فرانس برس، اشار أحد الجنود الى فجوة أحدثها quot;احد المسلحين بواسطة قذيفة في جدار يفصل بين شقتين ليتمكن من الهربquot; من دون أن يضطر الى المرور عبر الأسطح او الشارع.

وكان التلفزيون الرسمي السوري اعلن ان الجيش quot;طهرquot; الجمعة حي الميدان قرب وسط العاصمة دمشق من quot;الارهابيينquot; بعد معارك عنيفة واعاد quot;الامن والامان اليهquot;.

ولم يخل شارع من الشوارع التي جال عليها الصحافيون من اثار الدمار والحريق. وبدت سيارة تابعة لمنظمة الامم المتحدة مركونة على قارعة الطريق بعد ان تلقت قذيفة وتحطم زجاجها وهوت عجلاتها.

وفي شارع اخر، صدم احد الباصات الصغيرة اشارة مرورية ما ادى الى تكسرها ووقوعها على الرصيف المنصف بين شارعين عريضين، ما يوحي ان سائقها فقد السيطرة عليها بعد ان فوجئ بحدث ما.

وتكسر الزجاج الامامي لاحدى سيارات الاسعاف التابعة للشرطة كما تفحمت عدة سيارات كانت مركونة في اماكن متفرقة من الحي وتكسر زجاج بعضها الاخر.

وفي احد الشوارع الفرعية منزل هجره سكانه وquot;اتخذه المسلحون مقرا لهم واحدثوا مشفى ميداني تكدست فيه صناديق الادوية والمواد الطبيةquot;، كما لفت احد العناصر المرافقة للوفد الصحافي.