تتجه منظمة التعاون الإسلامي نحو تعليق عضوية سوريا في المنظمة، بسبب حملة البطش التي يواصلها نظام الرئيس بشار الأسد ضد الانتفاضة الشعبية منذ 17 شهرًا، كما أفاد مصدر دبلوماسي قبل القمة الإسلامية الطارئة، التي تبدأ أعمالها اليوم الثلاثاء في جدة.


إعداد عبد الإله مجيد: كان الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو أعلن أن اللجنة التنفيذية للمنظمة وافقت على المقترح الداعي إلى تعليق عضوية سوريا، وسُيتخذ القرار في القمة الإسلامية الثلاثاء.

وقال إحسان أوغلو إن التوصية بتعليق عضوية سوريا قُدمت إلى الاجتماع الوزاري التمهيدي يوم الاثنين، وستُرفع إلى القمة الثلاثاء. وكانت عضوية سوريا في الجامعة العربية عُلقت منذ تسعة أشهر، وستبقى معلقة إلى أن يُنهي النظام السوري كل المظاهر المسلحة في المدن، ويسحب أسلحته الثقيلة، ويفرج عن المعتقلين، ويوافق على إجراء محادثات مع المعارضة بشأن عملية انتقال سياسي.

في غضون ذلك، وصف الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قمة جدة الإسلامية بأنها quot;اختبار تاريخي للمضيفين، والمشاركين في حماية الأهداف طويلة الأمد للدول الإسلامية وكرامتها وحقوقها الأساسيةquot;. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن أحمدي نجاد قوله قبيل مغادرته طهران إن الوضع الإقليمي quot;معقد بعض الشيءquot; وإن quot;الأعداء يستخدمون قدرًا كبيرًا من طاقة الحكومات والجماعات المسلمة لإلغاء بعضها البعض والإضرار ببعضها البعضquot;.

وأشارت وكالة الأنباء الإيرانية إلى أن أحمدي نجاد سيعقد لقاءات ثنائية مع زعماء دول مختلفة خلال القمة، من دون أن تذكر أسماء هذه الدول.

وكان وقف إطلاق النار، الذي وافق عليه الفرقاء في نيسان/إبريل الماضي، بوساطة الأمم المتحدة أخفق في وقف القتال، الذي أوقع أكثر من 21 ألف قتيل، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. واستقال كوفي أنان من منصب مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا، فيما أعلن رئيس بعثة المراقبين الجنرال باباكار جاي في دمشق الاثنين أن مهمة البعثة تنتهي في غضون ستة أيام.

وقال الجنرال السنغالي إن أعمال العنف تتزايد في مناطق متعددة من سوريا، وإن استخدام الحكومة للأسلحة الثقيلة استخدامًا عشوائيًا وهجمات المعارضة في المراكز المدينية يلحقان خسائر فادحة بالمدنيين الأبرياء. وتوقع مراقبون أن تجري العربية السعودية وإيران محادثات مباشرة في جدة بشأن الأزمة السورية والوضع المتفجر في المنطقة.

ويرأس أحمدي نجاد وفد بلاده الذي وصل إلى المدينة المنورة الاثنين قبل يوم على القمة الإسلامية، التي تستمر أعمالها يومين في جدة. ويزور أحمدي نجاد المملكة بدعوة من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، فيما قال مراقبون إنه مؤشر إلى الأهمية البالغة التي تعلقها الرياض على القمة.

تتصدر الأزمة السورية جدول أعمال القمة، وخاصة الوضع الإنساني للنازحين واللاجئين، الذين تركوا بيوتهم هربًا من القتال واستمرار قوات النظام في قصف المدن بالأسلحة الثقيلة.

ولاحظ مراقبون قوام الوفد الإيراني إلى القمة الإسلامية واختياره بعناية. فهو يضم علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي للشؤون الخارجية. كما يشارك في عضوية الوفد اثنان من المقربين إلى أحمدي نجاد، هما رحيم مشائي مدير مكتب الرئاسة وصهر أحمدي نجاد والمستشار الرئاسي مجتبى سمارة هاشمي المعروف أيضًا بارتباطاته الوثيقة بالحرس الثوري الإيراني، فضلاً عن وزير الخارجية علي أكبر صالحي. لذا يمكن القول إن الوفد الإيراني يمثل كل مراكز القوى الرئيسة في النظام الإيراني.

وأشار محللون إلى أن استمرار النظام السوري في رفضه الاستجابة لمطالب المجتمع الدولي والمكاسب التي يحققها الجيش السوري الحر قد تُنبئ بتغيير في موقف طهران. واعترف الوفد الإيراني، تعبيرًا عن موقف أكثر واقعية، بأن هناك خلافات بين إيران والغالبية الساحقة من الدول الـ 57 الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بشأن الأزمة السورية. وقال وزير الخارجية صالحي: quot;إننا بحضور القمة سنطرح وجهات نظرنا ونحاول ردم الثغرات وتضييق الخلافات من خلال الحوارquot;.

وكان أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني سعيد جليلي أكد مجددًا خلال زيارة قام بها أخيرًا إلى سوريا ولبنان والعراق، دعم إيران لنظام الأسد. ولكن من دون الإشارة بصورة مباشرة إلى الأسد، قال جليلي لقناة تلفزيونية لبنانية الأحد، قبل يوم على مغادرة أحمدي نجاد إلى جدة، إن إيران مستعدة لعملية انتقال في سوريا، شريطة أن تكون عملية داخلية بعيدة عن أي تدخل خارجي، وتقوم على انتخابات ديمقراطية حقيقية.

واشتمل تكثيف التحرك الدبلوماسي الإيراني في الفترة الأخيرة على استضافة مؤتمر دولي حول سوريا في الأسبوع الماضي في طهران بمشاركة 29 دولة. وفي نهاية الشهر ستُعقد في طهران قمة عدم الانحياز، التي من المتوقع أن يستأثر الوضع في سوريا على شطر كبير من أعمالها.

وتتخذ العربية السعودية وإيران مواقف متعارضة من جملة قضايا إقليمية، بما في ذلك الوضع في البحرين، حيث شجبت إيران إرسال قوات خليجية، فيما تتهم العربية السعودية طهران بالعمل على إثارة أعمال شغب في المنطقة الشرقية من المملكة.

كما تنظر العربية السعودية بوصفها أكبر البلدان المصدرة للنفط في المنطقة، بقلق إلى تهديدات إيران بغلق مضيق هرمز، الذي تمر عبره نحو 20 في المئة من صادرات النفط العالمية.

إيران تعارض تعليق عضوية سوريا في منظمة التعاون الإسلامي
من جهته، أعلن وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي الاثنين أن بلاده تعارض تعليق عضوية سوريا في منظمة التعاون الإسلامي. وصرح صالحي للصحافيين على هامش مشاركته في اجتماع تحضيري للقمة الإسلامية المقررة الثلاثاء في مكة، والتي سيطغى عليها الملف السوري، إن بلاده quot;تعارض بوضوح تعليق عضوية أي دولة أو منظمة (في إشارة إلى توجه وزراء الخارجية لتعليق عضوية سوريا)quot;.

وكان صالحي يجيب عن سؤال حول تعليق عضوية سوريا في منظمة التعاون الإسلامي، الذي ستتخذ الدول الأعضاء قرارًا بشأنه خلال اجتماعها في السعودية، بحسب ما أعلن أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي. وأضاف الوزير الإيراني quot;إن تعليق العضوية لا يعني التحرك نحو حل الأزمةquot;.

ولفت الى أن quot;كل دولة إسلامية، خاصة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، يجب أن تتعاون لحل هذه الأزمة بطريقة تساعد على تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقةquot;.