مقاتل ضد النظام السوري في حلب

قرر مجلس الأمن الخميس إنهاء عمل بعثة المراقبين الدوليين في سوريا، إلا أنه أيّد الدعوات للابقاء على مكتب سياسي في دمشق. فيما استمرت الاشتباكات في البلاد غداة تعليق عضوية دمشق في منظمة التعاون الإسلامي.


بيروت: قرر مجلس الأمن الدولي الخميس انهاء عمل بعثة المراقبين الدوليين في سوريا، إلا أنّه أيّد الدعوات للابقاء على مكتب سياسي في دمشق. وقال المبعوث الفرنسي في الامم المتحدة جيرار ارو بعد اجتماع عقده المجلس لبحث المسألة السورية، ان quot;شروط استمرار مهمة بعثة المراقبين الدوليين غير متوفرةquot;. وتنتهي مدة المهمة منتصف ليل الاحد.

من جانبها، حثت روسيا القوى العالمية اضافة الى المملكة العربية السعودية وايران على دعوة الحكومة السورية ومسلحي المعارضة الى وقف النزاع بينهما. وقال المبعوث الروسي في الامم المتحدة فيتالي تشوركين ان روسيا دعت الى عقد اجتماع لممثلي ما يسمى بمجموعة العمل الدولية حول سوريا في نيويورك الجمعة لمناقشة الاقتراح.

إلى ذلك، استمرّت عمليات القصف والاشتباكات في سوريا الخميس غداة تعليق عضوية دمشق في منظمة التعاون الاسلامي بينما حذرت مسؤولة الشؤون الانسانية في الامم المتحدة فاليري آموس من ان اكثر من مليون لاجئ سوري هم اليوم في حالة انسانية مزرية.

ودعا وزير الخارجية الصيني يانغ جيشي الخميس بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري بشار الاسد التي تزور الصين الى تطبيق وقف اطلاق نار والقبول بوساطة دولية لوقف العنف الذي تشهده البلاد. من جانبه، دعا وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي المعارضة السورية الى وضع خطة مشتركة للانتقال السياسي في سوريا وذلك بعد لقاء الخميس مع احد ممثليها رياض سيف.

وقال فسترفيلي في بيان في اعقاب محادثاته مع احدى الشخصيات البارزة في المعارضة السورية quot;شجعت رياض سيف على تقديم خطة للمعارضة باسرع وقت لانتقال سياسي في سوريا. على المعارضة ان تكون مستعدة لتولي الحكم بعد سقوط الرئيس السوري بشار الاسدquot;.

وشارك سيف وهو نائب سوري سابق امضى اكثر من ثماني سنوات في السجن ويعيش حاليا في المنفى في المانيا، في اجتماع عقد في مقر وزارة الخارجية الالمانية للتحضير لاعادة اعمار سوريا بعد رحيل بشار الاسد.

كما شارك فيه ممثلون من اكثر من 20 دولة ومنظمة دولية بحسب بيان للوزارة لم يأت على ذكر اسماء. ويعمل حاليا حوالى خمسين معارضا سوريا بدعم من مؤسسات جامعية اميركية والمانية في برلين على خطة للانتقال السياسي. وكان فسترفيلي دعا الاحد الماضي الى مثول الرئيس بشار الاسد امام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

ميدانيًا، قتل 34 شخصا في سوريا بينهم 26 مدنيا الخميس غداة يوم دام شهد مقتل 172 شخصا في اعمال عنف في مناطق مختلفة بينهم 35 على الاقل في قصف جوي للجيش السوري على مدينة اعزاز في ريف حلب قرب الحدود التركية، كما افاد المرصد السوري.

وما زالت حلب تشهد قصفا واشتباكات تدور منذ اسابيع بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين للسيطرة على هذه المدينة الواقعة في شمال سوريا، بحسب المرصد. وقال المرصد في بيان صباح الخميس ان ستة مواطنين بينهم طفلان وامرأة قتلوا في قصف في حي الشعار شرق المدينة، بينما قتل عشرة اشخاص على الاقل في قصف على حي قاضي عسكر شرق المدينة ايضا.

واشار الى ان عدد الضحايا quot;مرشح للارتفاع بسبب وجود عشرات الجرحى بعضهم بحالة خطرةquot;. وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية في بريد الكتروني ان القصف على حي قاضي عسكر اصاب quot;تجمع مواطنين امام فرن اثناء انتظارهم للحصول على الخبزquot; وبين القتلى quot;العديد من الاطفال والرجال المسنينquot;.

وارفقت الهيئة خبرها بشريط فيديو عن القصف يظهر جثثا في الطريق تسبح في برك من الدماء، ويصعب تبيّن وجوه أصحابها. وطال القصف فجر الخميس احياء الفردوس والصاخور والسكري والانصاري وطريق الباب، وكلها في شرق العاصمة.

ووقعت اشتباكات في محيط دوار الجندول القريب من وسط المدينة، اسفرت عن مقتل ما لا يقل عن ثمانية عناصر من القوات النظامية، بحسب المرصد. وفي الوقت نفسه، تستمر الاشتباكات في حيي صلاح الدين (جنوب غرب) وسيف الدولة (غرب) اللذين دخلتهما القوات النظامية، ويشهدان معارك كر وفر وحرب شوارع بين الطرفين.

من جهة ثانية، تعرضت مدينة التل في ريف دمشق لقصف من القوات النظامية السورية التي دخلت مناطق فيها الخميس بعد ايام من القصف والاشتباكات، حسب المرصد. وعثر على خمسة سائقين قتلوا فجرا على ايدي مجهولين في صحنايا في ريف دمشق حيث تعرض حيا العسالي والتضامن (جنوب) لقصف من القوات النظامية تسبب بسقوط جرحى.

كما سقطت قذائف على البساتين المحيطة بحي المزة (غرب) الذي شهد الاربعاء اشتباكات عنيفة تسببت بسقوط عشرة قتلى. ورغم سيطرة القوات النظامية على مجمل احياء العاصمة، تتكرر المواجهات بينها وبين مجموعات مسلحة معارضة في بعض الازقة والشوارع.

وتحدث المرصد عن مقتل ثلاثة اشخاص في دير الزور شرق البلاد ايضا. من جهة اخرى، حررت القوات السورية فجر الخميس فريق تلفزيون quot;الاخبارية السوريةquot; الذي كان خطف على ايدي مسلحين قبل بضعة ايام في ريف دمشق، في quot;عملية نوعيةquot;، بحسب ما اعلن الاعلام الرسمي السوري.

واكد المرصد السوري لحقوق الانسان من جهته ان القوات النظامية دخلت مناطق في مدينة التل، مشيرا الى quot;الافراج عن فريق الاخبارية السورية بعد اقتحام المكان الذي كانوا محتجزين فيه في المدينةquot;. ومع استمرار العنف، اعلنت وكيلة الامين العام للامم المتحدة للشؤون الانسانية فاليري اموس في ختام زيارة لسوريا ان اكثر من مليون لاجئ سوري يعانون quot;فقرا مدقعاquot; ويحتاجون الى مساعدات عاجلة.

وقالت آموس في مؤتمر صحافي في ختام زيارة الى دمشق انه quot;تم تهجير اكثر من مليون شخص من ديارهم وهم يواجهون فقرا مدقعاquot;، مشيرة الى احتمال وجود quot;اكثر من مليون شخص اضافي لديهم احتياجات انسانية عاجلة نظرا لاتساع تأثير الأزمة على الاقتصاد وعلى معيشة الناسquot;.

واكدت انها quot;ستستمر بالضغط على الحكومة للسماح بزيادة عدد العاملين بالمساعدات والمنظماتquot;. وجاءت هذه التطورات بعيد اعلان الدول الاعضاء في منظمة التعاون الاسلامي فجر الخميس تعليق عضوية سوريا من المنظمة في خطوة لها رمزية تهدف الى عزل النظام السوري لقمعه منذ 17 شهرا الاحتجاجات في البلاد.

وتبنت المنظمة القرار في قمة عقدتها في مكة المكرمة بدعوة من العاهل السعودي الملك عبد الله الذي يعتبر من ابرز داعمي الانتفاضة ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد. ودانت القرار ايران الحليفة الاساسية للنظام السوري والدولة الوحيدة التي رفضته علنا بين الاعضاء ال57 في المنظمة التي تمثل مليارا ونصف مليار مسلم حول العالم.

واكد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ووزير الخارجية علي اكبر صالحي، ان القرار quot;يتعارض تماما مع ميثاق المنظمةquot;. وبعيد عودته الى طهران اثر مشاركته في القمة الاسلامية في مكة المكرمة، قال احمدي نجاد ان القرار quot;خطوة سياسيةquot;

من جهة اخرى، يعقد مجلس الامن الدولي اليوم اجتماعا ليعلن رسميا انتهاء مهمة مراقبيه في سوريا بينما يسعى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون لاقناع الجزائري الاخضر الابراهيمي بقبول تعيينه موفدا دوليا خاصا لسوريا. وتنتهي مهمة المراقبين في سوريا منتصف ليل الاحد الاثنين. وقال دبلوماسيون ان الانقسام بين القوى الكبرى يعني انه ليس هناك اي امل في التمديد لعمل البعثة.

واوضح دبلوماسيون انه في احسن الاحوال، قد تتفق الدول الـ15 الاعضاء في مجلس الامن على الابقاء على مكتب سياسي للاتصال في دمشق لدعم جهود الوسيط الدولي المقبل الذي سيخلف كوفي انان.

وذكر دبلوماسيون ان الابراهيمي، وزير الخارجية الجزائري الاسبق الذي عمل موفدا للامم المتحدة في مناطق عدة ابرزها العراق وافغانستان، يريد دعما من مجلس الامن، وخصوصا من الدول الكبرى للقبول بهذه المهمة. واكد بان كي مون الاربعاء انه لا يعرف من سيحل محل انان. وقال quot;اقوم حاليا بالبحث عن خليفة له وعندما اصبح جاهزا ساعلن ذلك بالتأكيد في اسرع وقت ممكنquot;.