لاقت كلمة الرئيس محمد مرسي أمام قمة حركة عدم الإنحياز ترحيباً من القوى السياسية المصرية والسورية، لاسيما في ما يخص الإنتقادات الحادة التي وجهها لنظام حكم بشار الأسد، معتبرين أن كلمته تمثل بداية حقيقية لتغيير السياسة المصرية الخارجية، وبناء سياسة جديدة تدشن لإستعادة مصر دورها الإقليمي.


القاهرة: دعت قوى سياسية مصرية وسورية الرئيس محمد مرسي إلى ضرورة ترجمة الأقوال إلى أفعال في قمة عدم الانحياز، وعدم الوقوف عند هذا الحد، والبحث عن طريقة لدعم الثورة السورية بشكل قوي.

فيما قال خبراء إن خطاب مرسي يؤكد أنه يحاول إستعادة دور مصر الإقليمي سيراً على النهج نفسه الذي اتبعه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر أحد أهم مؤسسيي حركة عدم الإنحياز، رغم العداء التاريخي مع جماعة الإخوان المسلمين التي ينحدر منها محمد مرسي.

هجوم مرسي ضد الأسد

قال مرسي أثناء القمة التي عقدت في العاصمة الإيرانية طهران، في أول زيارة لرئيس مصري إلى إيران منذ قطع العلاقات بين البلدين قبل نحو 33عاماً، إن الشعبان الفلسطيني والسوري يناضلان من أجل الحرية والكرامة والعدالة، والشعب السوري يكافح في ثورته ضد النظام الظالم، ونحن أمام نظام دولي عاجز عن القيام بدوره نحوهquot;.

محمد مرسي يرتدي عباءة عبد الناصر في طهران

وأضاف: نضالنا مع الشعب السوري ضد نظام قمعي فقد شرعيته هو واجب أخلاقيquot;، وتابع موجهاً حديثه للزعماء الذين حضروا القمة، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، quot;أن نزيف دماء الشعب السوري هو في رقابنا جميعاًquot;، معلناً استعداد مصر للتعاون مع كل الأطراف الفاعلة، ودعا إلى اتخاذ مواقف فاعلة من أجل وقف نزيف الدم وإيجاد حل للأزمة في سوريا، مشدداً على ضرورة ترجمة التعاطف مع الشعب السوري إلى رؤية سياسية واضحة تدعم الانتقال السلمي إلى نظام حكم ديمقراطي يحفظ سوريا من مخاطر الحرب الأهلية وتهديدات التقسيم، ودعا المعارضة إلى quot;توحيد الصفوف بما يؤمن مصالح جميع أطراف المجتمع السوريquot;.

تستحق الإحترام

من جانبه، قال المعارض السوري في القاهرة مأمون الحمصي لـquot;إيلافquot; إن كلمة الرئيس محمد مرسي أمام قمة عدم الإنحياز في طهران تستحق الإحترام والتقدير، مشيراً إلى أن موقف الرئيس مرسي من القضية السورية يؤكد أن مصر بعد الثورة تعمل على إستعادة دورها الريادي في المنطقة، لتكون أم العروبة بالأفعال وليس الأقوال فقط.

ولفت الحمصي إلى أن مرسي قالها كلمة مدوية بعد غياب مصر عن الثورة لأكثر من 18 شهراً، وأعلن أن النظام السوري قمعي وظالم ويقتل شعبه وأنه فاقد الشرعية.

جمع المعارضة وتوحيدها

شدد الحمصي على ضرورة ترجمة كلمة الرئيس مرسي إلى أفعال، لاسيما أن مصر استردت عافيتها بعد إنتقال السلطة من العسكر للمدنيين، ولفت إلى أن الشعب السوري في حاجة إلى الدعم المادي والمعنوي والسياسي، بالإضافة إلى المواد الإغاثية والضغط على حلفاء نظام بشار الأسد مثل إيران وروسيا والصين.

وحول دعوة الرئيس مرسي المعارضة السورية للتوحد من أجل تولي مسؤوليتها بعد رحيل الأسد، قال الحمصي إن الأولوية القصوى للمعارضة تتمثل في وقف نزيف الدم السوري الذي يراق كل ساعة، داعياً الرئيس محمد مرسي إلى تبني عملية تجميع وتوحيد المعارضة السورية وترتيب أوراقها، وفضح من ليست لديه النوايا من أجل التعاون لإيقاف نزيف الدم.

واعتبر أن الشارع السوري تغمره مشاعر الفرحة بعد أن أعلن الرئيس مرسي الوقوف إلى جواره في محنته، لاسيما أن السوريين يكنون احتراماً ووداً كبيرين لمصر أم العروبة، على حد قول الحمصي.

الجيش الحر يشكر

أثنى الجيش السوري الحر في رسالة له عبر موقع الفيسبوك الإجتماعي على كلمة مرسي، وقال: quot;ترقبنا زيارتكم الى إيران ولم نسىء الظن بكم، كما فعل بعض ابناء بلدكم، وكما توقعنا منك كنت رجلاً حراً ينطق بالحق ولا يهاب ولا يخشى إلا اللهquot;، وأضاف: quot;نشكركم على كل ما تقدمونه لنا فقد أحرجتم انظمة وحكومات تقول إنها عربية ومسلمة بموقفكم هذا اثناء القمة فى طهران وضربتم مثلاً في نصرة المسلم لأخيه المسلم الذي نسيّه الكثير في هذا الزمنquot;، وتابع: quot;شكراً سيادة الرئيس ولن ينسى الشعب السوري موقف مصر ابد الدهر جزاكم الله كل خيرquot;.

الأفعال وليس الكلام

ودعت صفحة كلنا الشهيد الطفل حمزة الخطيب، أحد أنشط صفحات الثورة السورية على موقع فيسبوك، مرسي إلى أن يقرن الأقوال بالأفعال، وقالت: quot;قبل سنة ونصف سمعنا كلام أردوغان عن أنه لن يسمح بمجزرة ثانية، وبكينا وقتها فرحاً لأننا شعرنا أنه سيقف معنا ومن ثم تحول كلامه إلى بخار لم نرَ منه شيئًا !

قبل سنة وعدة اشهر سمعنا كلام السعودية عن نصرة سوريا وهتفنا لها وشكرناها في مظاهرتنا ثم تحول كلامها الى سراب !

قبل أكثر من سنة سمعنا جامعة الدول العربية تقول إنها لن تسمح بالمزيد من هدر الدم في سوريا ولم نشاهد الفعل. قبل سنة سمعنا بريطانيا وأميركا وفرنسا يؤكدون أن الأسد فقد الشرعية وأن أيام الاسد باتت معدومة.

قبل ستةأشهر سمعنا الخليج يؤكد أن التحرك قريب و تسليح الجيش الحر واجب ولم نشاهد افعالاً!quot;

وأضافت: quot;الكثير من الأقوال و الخطب الرنانة التي سمعناها و لم نرَ شيئًا على الأرض لنصرتنا وانقاذ أطفالنا و أمهاتنا، اليـــوم كان خطــاب الرئيس مرســـي من طهران، الذي افتخرنا به و كبرنا مع كل كلمة قالها واعتززنا به و بموقفهquot;.

وتابعت: نعلم أنك زرت ايران محاولاً أن تحيدهم عن الملف السوري ولكن سيادة الرئيس إن هذه الدولة التي قتلتنا وشردتنا ودعمت الأسد، لا تأمن جانبها فهم بارعون كما الأسد بالكذبquot;، وزادت في القول: quot;نعلم حجم الضغط على الرئيس مرسي ونعلم حجم التحديات التي تواجهه، ولكن أملنا أن لا ينضم الرئيس مرسي إلى قائمة المتحدثين وأن يكون هو أول رئيس في قائمة الفاعلين !quot;

استعادة الريادة المصرية

محلياً، لاقت كلمة مرسي ترحيباً في أوساط المصريين سياسياً وشعبياً، واصطف المئات من المصريين في طريق مطار القاهرة لاستقبال الرئيس محمد مرسي، وهتفوا له quot;أرفع رأسك فوق أنت مصريquot;، أرفع رأسك فوق أنت مصري، لا للفلول و رئيسنا مرسيquot;.

واعتبر السفير محمود شامل مساعد وزير الخارجية الأسبق خطاب مرسي في قمة عدم الإنحياز بمثابة تدشين لمرحلة جديدة في تاريخ مصر، مشيراً إلى أن مصر بدأت في رسم سياستها الخارجية بعيداً عن رعاية المصالح الأميركية في المنطقة.

وقال شامل لـquot;إيلافquot; إن الرئيس مرسي وضع مرتكزات السياسة الخارجية المصرية في خطابه أمام قمة عدم الإنحياز وتتمثل في الإتجاه نحو دول عدم الإنحياز، وأفريقيا والمنطقة العربية والدول الإسلامية، مشيراً إلى أن مصر دشنت لمرحلة الريادة المصرية في المنطقة، وأنها ستكون دولة فاعلة، بعيداً عن المواقف العائمة، والإنحياز للقضايا العربية والإسلامية والأفريقية مثلما كان العهد أثناء فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر، الذي أشاد به مرسي في خطابه، في إشارة إلى أنه سوف يتبع نهجه في السياسة الخارجية المصرية، رغم أن هناك أرثاً عميقاً من الكراهية من جانب الإخوان لنظام حكم عبد الناصر.

ولفت إلى أن الرئيس مرسي أثبت أنه خلع عباءة الإخوان، ووجد أن عبد الناصر خير من مثل الشعب المصري خارجياً.

تحالف سياسي وليس مذهبياً

أشار السفير حسن سليم، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأسيوية الأسبق، إلى أن خطاب الرئيس مرسي حمل العديد من الإشارات المهمة بالنسبة لإيران ودول الخليج.

وقال لـquot;إيلافquot; إن إستهلال الرئيس مرسي خطابه بالتراضي عن أصحاب رسول الله أبو بكر وعمر وعثمان وعلي في عقر دار المذهب الشيعي، ثم إنتقاد النظام السوري بشدة والدعوة إلى تنحيته، ثم دعم حق إيران ومصر ودول المنطقة في الحصول على التكنولوجيا النووية يعتبر رسالة مهمة إلى ايران.

وأوضح سليم أن الرسالة تفيد بأنه على إيران أن تتخلى عن دعمها لنظام بشار الأسد فاقد الشرعية، وأنها يمكنها إقامة تحالف مع مصر، لكنه لن يكون تحالفاً مذهبيًا على غرار تحالفها مع نظام الأسد، بل تحالفًا سياسيًا، وأن مصر لن تسمح لإيران بنشر المذهب الشيعي في دول المنطقة، والدليل البدء بالتراضي عن أصحاب رسول الله أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ولفت سليم إلى أن الخطاب حمل إشارة إلى إيران وإسرائيل وأميركا تفيد بأن مصر ستسعى في المرحلة الراهنة إلى إمتلاك التكنولوجيا النووية السليمة.