مقاتل من الجيش الحرّ في حلب

أكد مقاتلون في الجيش السوري الحر أن إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد أهم من العلاقات العائلية ومن صلة الرحم. فهم مستعدون لقتل الأشقاء والأقارب إذا اختاروا الوقوف مع النظام.


يعتبر المقاتلون السوريون المعارضون للنظام السوري أن تحرير سوريا من بشار الأسد أهم من صلات الرحم وأنهم مستعدون لمحاربة أقرب الأقارب إذا كانوا مع الرئيس السوري.

يتبدى مثل هذا الموقف في حالة المقاتل أبو صدام الذي لم يتحدث منذ نحو شهر مع شقيقه الذي يقاتل الى جانب النظام في القوات الخاصة المتمركزة في العاصمة دمشق. ويخشى الشقيقان ان تكون مكالماتهما الهاتفية مراقَبة فتحدثا بشفرة متفق عليها عندما حاول ابو صدام أن يستطلع ما إذا كان شقيقه مستعدا للانشقاق والانضمام اليه في صفوف الجيش السوري الحر.

ولاحظ ابو صدام أن شقيقه بدا مستعدا وقت المكالمة ولكنه بعد شهر ما زال مواليا للحكم. وأقسم بأنه سيقتل شقيقه إذا لم ينشق عن الجيش. وقال ابو صدام لصحيفة كريستيان ساينس مونتر طالبا استخدام هذا الاسم المستعار لأسباب أمنية quot;نحن نقاتل أشخاصا يحاربون مذهبنا السني ويدعمون نظاما مجرما لا يميز بين المقاتلين والنساء والأطفالquot;.

ويتحدث ابو صدام، مثله مثل العديد من مقاتلي الجيش السوري الحر على خطوط الجبهة، عن إسقاط نظام الأسد بوصفه هدفا أهم من الارتباطات العائلية وخاصة بعد ان تحولت الانتفاضة الى حرب اهلية تضع الأخ في مواجهة أخيه وتقسم العائلات والجماعات بطريقة قد تترك آثارها وتداعياتها لفترة طويلة بعد انتهاء القتال، كما يحذر محللون.

وظلت مدينة حلب مثلا التي كانت طيلة شطر كبير من الانتفاضة معقلا لمؤيدي الأسد، هادئة نسبيا. ولكن عندما اندلع القتال في اواخر تموز/يوليو اصبحت حلب بؤرة النزاع متسببة بانقسام العائلة الواحدة. وفي المدينة القديمة، قال ابو محمد الذي يقود وحدة محلية للجيش السوري الحر ان رجاله يقاتلون في الغالب شبيحة النظام. وإن كثيرين في وحدة quot;احفاد صلاح الدينquot; التي يقودها نشأوا في المدينة ويقولون ان لديهم اصدقاء واقارب ما زالوا موالين للنظام.

واضاف ابو محمد quot;ان أهم شيء الآن هو القضية، فهي أهم من العائلةquot;. ومؤخرا علم محمد زكريا حداد، احد رجال ابو محمد، ان ابن عمه الشبيح قُتل في معركة مع الجيش السوري الحر. وأوضح حداد انه لم يكن ذات يوم قريبا من ابن عمه الذي كان يعتدي على المحتجين بوصفه شبيحا خلال الانتفاضة. وعندما وصل حداد الى الشارع الذي قُتل فيه ابن عمه كانت المعركة ما زالت مستمرة ولم يتمكن من رؤية الجثة إلا بالناظور.

ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن حداد قوله quot;كنتُ سعيدا جدا عندما رأيتُ جثته. واتصلت بشبيح آخر كان لدي رقمه وقلت له ان محمد ابن عمي قُتل وإذا واصل القتال من اجل الأسد سيكون هو التاليquot;. واضاف حداد ان موت ابن عمه quot;يعني ان الأشرار نقصوا واحداquot;.

في هذه الأثناء، يبدو ان الانقسامات الطائفية في سوريا تزداد عمقا. وفي حين ان الجيش السوري الحر يضم مقاتلين من غالبية الطوائف السورية فان كثيرا من المقاتلين السنة في صفوفه يقولون انهم يناضلون من اجل حماية مذهبهم ضد العلويين الذين ينتمي الأسد وغالبية اركان نظامه الى طائفتهم.

ورغم انشقاق علويين عن النظام وانضمامهم الى المعارضة، فإن عبدو ابو محمد وهو مقاتل سني في المعارضة قال لصحيفة كريستيان ساينس مونتر quot;ان من المستحيل ان يكون شيعي معناquot;. واضاف مشيرا الى حزب الله اللبناني quot;ان كل من هو شيعي هو مع حزب الله وحزب الله مع الأسد. وبالنسبة لنا نحن السنة ليست هناك مشكلة مع الشيعة او أي مذاهب أخرى ولكن الشيعة يقولون quot;إذا قتلتَ سنيا تذهب الى الجنةquot;quot;.

في غضون ذلك اعترفت كتيبة تعمل في حلب بالمسؤولية عن أسوأ عملية قتل جماعي ترتكبها قوات المعارضة منذ اندلاع الانتفاضة في وقت اتهمتها مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الانسان بارتكاب اعمال قتل وإعدامات خارج اطار القانون وممارسة التعذيب. وأظهر شريط فيديو على يوتيوب صفا من 20 رجلا بملابس عسكرية ممددين على الرصيف، وكانوا جميعهم معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي وراء الظهر.

ويبدو ان الرجال أُوقفوا في صف واحد وقُتلوا رميا بالرصاص. واشار التعليق الى أن كتيبة مقاتلي المعارضة هي كتيبة سلمان الفارسي من بلدة الباب شمال شرقي حلب وان القتلى هم من عناصر قوى أمن النظام.

ويأتي ارتكاب المجزرة الجديدة رغم الاتفاق الذي توصلت اليه ألوية المعارضة الرئيسة على عدم تكرار جريمة القتل الجماعية التي راح ضحيتها اربعة ممن يسمون شبيحة آل بري أُلقي القبض عليهم في حلب وأُعدموا رميا بالرصاص على مرأى من الجميع في ساحة مدرسة في تموز/يوليو الماضي.

وافادت تقارير ان الجنود الذين قُتلوا في الفيديو الجديد وقعوا في قبضة المعارضة المسلحة خلال القتال من أجل السيطرة على حي مساكن هنانو وسط حلب حيث اعلن مقاتلو المعارضة سقوط قاعدة عسكرية كبيرة بأيديهم.

وقال باحث في منظمة quot;آفازquot; لحقوق الانسان التي وثقت مئات من انتهاكات نظام الأسد ان مقاتلي المعارضة يعترفون بصورة متزايدة باعدام جنود أسرى وخاصة الشبيحة. واضاف الباحث ان منظمة آفاز تتلقى تقارير كثيرة جدا عن اعدامات ينفذها الجيش السوري الحر في حلب. ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن الباحث quot;انها بشاعة والجيش السوري الحر يقترف اشياء فظيعة هناك، والكثير من عناصره جهاديونquot;.

ودعت منظمات حقوقية اخرى الى الحذر قائلة انها لم تسمع باسم كتيبة سلمان الفارسي رغم انها تعمل في منطقة موالية للجيش السوري الحر. وقال مصعب عزاوي من الشبكة السورية لحقوق الانسان ان مصادر الشبكة على الأرض تقول ان هذه هي المرة الأولى التي سمعوا فيها بهذا الاسم. واضاف quot;ان الجيش السوري الحر كتنظيم نفى مسؤوليتهquot;.

واعلنت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الانسان نافي بيلاي ان القتال يؤدي الى انتهاكات يرتكبها الطرفان. وقالت ان استمرار النظام في استخدام الأسلحة الثقيلة وقصفه مناطق مأهولة أسفر عن خسائر كبيرة بين المدنيين وتهجيرات جماعية داخل البلد وخارجه وعن quot;ازمة انسانية مدمرةquot;. ولكنها اضافت قائلة انها تشعر quot;بالقدر نفسه من القلق إزاء انتهاكات القوات المناوئة للحكم، بما في ذلك القتل والاعدامات خارج اطار القانون والتعذيب فضلا عن الاستخدام المتزايد مؤخرا للعبوات الناسفةquot;.

ورغم ان الهوية الايديولوجية لكتيبة سلمان الفارسي ليست معروفة فان تقارير افادت بأنها نفذت العملية مع جماعة جبهة النصرة الجهادية المتهمة بالارتباط بتنظيم القاعدة. وقالت مؤسسة كيليام للأبحاث التي تتابع الأنشطة الجهادية ان مثل هذه الجماعات تقوم بدور أكبر في النزاع وتدفعه نحو quot;مرحلة جديدة وأكثر راديكاليةquot; رغم ان المؤسسة تقدر ان الجهاديين والمتطرفين يشكلون اقل من 10 في المئة من اجمالي قوات المعارضة المسلحة.