الاحتجاجات خارج السفارة الأميركية في القاهرة سببت بتوتر العلاقات بين الدولتين

معسكران في إخوان مصر، قديم من المحافظين لا تعجبه سياسات الجماعة تجاه أميركا وإسرائيل، وجديد من الشباب يعكز عليه مرسي لإخراج الجماعة من تقليديتها، لكن التحول صعب.


بيروت: بعد استلام الاخوان المسلمين السلطة في مصر، تحولت السياسة الخارجية المصرية وكيفية التعامل مع الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، بوصفهما الخصمين الألدّين لجماعة الإخوان، إلى واحدة من القضايا الشائكة التي سببت انقسامًا وتجاذبات سياسية عديدة.
وإذ اعتبرت صحيفة لوس إنجليس تايمز الأميركية أن سياسات الدولة تختلف تمامًا عن سياسيات الأحزاب أو الجماعات، أشارت إلى إن جماعة الإخوان المسلمين الرافضة دومًا للسياسات الأميركية في المنطقة، منقسمة على نفسها في معسكرين. معسكر يضم المؤيدين للرئيس المصري محمد مرسي الذي يعمل من أجل مصالح الدولة وطبقاً لاتزاماتها الدولية، ولا يسعى إلى معاداة الغرب، ومعسكر تقليدي يعتبر الولايات المتحدة شرًا مطلق.

تحول صعب

كانت واشنطن على وشك شطب مليار دولار من الديون المصرية، والعمل على زيادة الاستثمار بمشاركة بعض رجال الأعمال المصريين ومن بينهم حسن مالك أحد قادة الجماعة وممولها الرئيسي، بالرغم من أن هؤلاء لا يزالون يعملون كجماعة سياسية منفصلة تندد بأميركا وإسرائيل.
لكن ضياء رشوان، المحلل في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال إنه quot;من الصعب للغاية بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين أن تقدم على هذا التحول السريع من ناقد حاد للسياسات الأميركية في المنطقة إلى صديق مقرب للولايات المتحدة وحلفائهاquot;.

الأمر يبدو صعباً لجماعة لإخوان التي ما زالت متمسكة بجذورها الإسلامية، والتي تناضل من أجل البقاء في عالم تعتبر فيه العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة ضرورية وملحة جدًا.
ومع اندلاع الاحتجاجات المنددة بالفيلم الأميركي المسيء للإسلام أمام السفارة الأميركية بالقاهرة، أثنت جماعة الإخوان على المتظاهرين في البداية، لكن سرعان ما وجه المصريون اعتذارًا للولايات المتحدة الأميركية على هذا التصرف الغوغائي، منددين بأعمال العنف ضد السفارة الأميركية.
وأدت ردود الأفعال المتناقضة هذه إلى إثارة الكثير من الشكوك حول تماسك الجماعة وتنظيمها الذي لطالما امتازت به.

بين شباب ومحافظين

في هذا السياق، يقول رشوان: quot;الخيارات صعبة جدًا بالنسبة للإخوان، والأمر سيزداد تعقيدًا مع ازدياد وتيرة الانقسامات داخل الجماعة وبين الإسلاميين بشكل عام، لا سيما أن القضية الفلسطينية ومدى الالتزام باتفاقية السلام المصرية مع إسرائيل من أهم الخلافات بين المعسكرين المتناحرينquot;.
مرسي عضو في جماعة الإخوان منذ أكثر من 30 عامًا، وصل إلى مجلسها التنفيذي، إثم أصبح رئيسًا منتخبًا للبلاد في الانتخابات التي أجريت بعد نجاح ثورة أدت إلى خلع الرئيس السابق حسني مبارك. ونقلت الصحيفة عن عضو في جماعة الإخوان، طلب عدم الكشف عن اسمه، قوله إن الاقتتال الداخلي الحالي في الجماعة يستعر بين الأعضاء الشباب والأعضاء المحافظين من الجيلين الأول والثاني.

المرونة مطلوبة

في الوقت الراهن، يلقى جدول الأعمال الأكثر واقعية دعماً من الأعضاء الشباب، بينهم رموز كبار في الجماعة مثل مرسي وخيرت الشاطر، خصوصاً في ما يتعلق بالتقرب من الغرب وطلب المساعدة. وأضاف رشوان: quot;بالرغم من أن القرارات بعيدة كل البعد عن الإجماع، إذ أن الغالبية العظمى من الجيل الأقدم ترفض هذه الخطوات، إلا أن مرسي والشاطر يتبعان سياسات تهدف إلى الحد من سلطة الفكر القديم وتأثيرهquot;.

وحذر رشوان من أن عجز الجماعة عن تقديم بعض التنازلات وإبداء المرونة في التعامل مع البنية التحتية المتداعية في مصر وانتشار الفقر، فإنها ستفقد فرصتها في الحكم وإنشاء دولة إسلامية حديثة.
ونقلت لوس إنجليس تايمز عن أحمد سمير، وهو عضو سابق في الجماعة استقال منها في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، قوله إن الجماعة كانت تخفي انقسامها على سياسات ما بعد مبارك، بما في ذلك مسألة المساعدات من الغرب. وأضاف: quot;يمكنك ان تفصح عن وجهة نظرك المختلفة داخل جماعة الإخوان، لكن إذا أعلنت هذه المعارضة على الملأ، تُعزل وتُعتبر دخيلًاquot;.