الطفل المغدور خالد برهم
يعيش المجتمع الفلسطيني حالة من الصدمة في أعقاب كشف تفاصيل جريمة مقتل طفل في العاشرة من عمره على يد شاب قام باستدراجه وتقييده وقتله، وما آثار دهشة أهالي محافظة جنينمسقط رأسالطفل هو أن الجاني كان يشارك المواطنين عمليات البحث عنه بعد اختفائه.

سادت حالة من الذهول والاستنكار المجتمع الفلسطيني، بعد العثور على جثة الطفل خالد برهم مقتولا ومدفونا. وكان خالدابن الأعوام العشرة اختفى أربعة أيام، في محيط بلدة جنين شمال الضفة الغربية. الحدث صدم عائلة الطفل التي كانت تنتظر عودته حيا يرزق.
أما النقطة الأغرب فهي أن الجاني الذي قبض عليه، كان قد أقدم على فعلته قبل مشاركة الأهالي في البحث عن الطفل. وبحسب ذويه، كان الطفل ابراهيم قد عاد يوم الأربعاء الماضي من المدرسة وخرج بعد ذلك من المنزل بدراجته الهوائية واختفت آثاره.
وتبعا للبيان الصادر عن دائرة العلاقات العامة والإعلام في الشرطة الفلسطينية الذي حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه، قال المقدم خالد التميمي مدير شرطة محافظة جنين: quot;إنه وبعد قرابة 4 أيام على اختفاء الطفل برهم من سكان بلدة مثلث الشهداء،وبمساندة من أهالي البلدة والأجهزة الأمنية تمكنت شرطة المباحث العامة من كشف ملابسات اختفاء الطفل وحصرت الاشتباه بأحد الأشخاص الذي اعترف بقتله خنقا بلف حبل حول رقبته ووضع جثته داخل quot;كيسquot; بلاستيكي ودفنه بالقرب من مزرعة قريبة من منزل الطفلquot;.
القاتل يعترف
وقال محافظ جنين طلال دويكات في لقاء مع quot;إيلافquot; : quot;إن الأجهزة الأمنية في محافظة جنين عثرت على جثة الطفل مدفونة في مزرعة في منطقة مثلث الشهداء، وأنها ألقت القبض على القاتلquot;.
وأضاف دويكات: quot;أن القاتل يبلغ من العمر( 18 عاما) وقد اعترف بجريمته التي نفذها بدوافع جنائية، وقام بتمثيلها أمام الجهات المختصةquot;، ولفت الى أن الجهات المختصة تنتظر التقرير الطبي من قبل معهد الطب الشرعي.
وأكد المحافظ، أن الجاني سيقدم للقضاء، مشددا في الوقت نفسهعلى ضرورة إنزال أقصى عقوبة بحقه كي يكون عبرة للآخرين.
وعقد محافظ جنين مؤتمرا صحافيا حول هذه القضية، نفى من خلاله ما أشيع عن تمثيل الجاني بالجثة، مشيدا بجهود الأجهزة الأمنية التي تمكنت من الكشف عن خيوط الجريمة وإلقاء القبض على الجاني.
وقال دويكات خلال المؤتمر: quot;إن ما يحدث من جرائم في جنح الليل، هي من فعل قلة قليلة خارجة عن عاداتنا وتقاليدنا تنفذ مخططات الاحتلال، وهذا ما سنتصدى له وسنقدم نموذجا للأمن والاستقرار والتنمية، مؤكدا أن فعاليات السلم الأهلي ستستمرquot;.
وطمأن المواطنين، لافتا إلى أن الأجهزة الأمنية ستكون حريصة على تحقيق الأمن والآمان، منوها بكونها استطاعت الكشف عن عدة جرائم وقعت مؤخرا وتم اعتقال الجناة.
وأضاف أن هذا العمل المدان كان عملا فرديا، ودعا الاهالي الى الاعتناء بأطفالهم.
الأهالي والأقارب يتبرأون من القاتل
وفي لقاء ضم محافظ جنين وأهالي قرية مثلث الشهداء أعلن الأهالي عن براءتهم من المجرم الذي قتل الطفل، وطالبوا بضرورة إنزال أشد العقوبات بحقه وفق القانون الفلسطيني لردع الآخرين.
وقال محمد عصعوص، رئيس مجلس قروي مثلث الشهداء: quot;إن أسرة القاتل وأقرباءه أعلنوا براءتهم من الجاني كما أهدروا دمه عبر مساجد القريةquot;.
هذا وخرجت مسيرة في القرية نظمتها فعاليات وقوى وأهاليتطالب بإعدام القاتل.
وفي بيان لحركة فتح جاء فيه أن الحركة تقف إلى جانب ذوي الضحية، معربة عن استنكارها وشجبها للجريمة البشعة، مطالبا الجهات المختصة بإنزال أقصى العقوبات بحق الجاني.
الحادثة بالتفصيل
رفاق الطفل الضحية يشاركون في تشييع جثمانه
وقالت صحيفة quot;الأيام الفلسطينيةquot; إن الطفل خالد كان هدفا لوحش بشري قتله بشكل همجي داخل غرفة أغلقها عليه بإحكام، بعد أن استفرد به، وكبل يديه، وضربه على رأسه مستخدماً قطعة معدنية ثقيلة، قبل أن يقوم بخنقه ودفنه في مكان مجاور بعد الاعتداء عليه، في جريمة تقشعر لها الأبدان.
وبحسب الصحيفة، فقد كشف فرع المباحث الجنائية في شرطة محافظة جنين عن تفاصيل الجريمة بعد مرور خمسة أيام على اختفاء الطفل الذي كانت المفارقة العجيبة أن قاتله كان يشارك في أعمال البحث عنه، قبل اكتشافه.
وجاء في الصحيفة: quot;وما أثار الدهشة، وفقاً لروايات مواطنين من قرية مثلث الشهداء، جنوب جنين، والتي كانت مسرحاً لعمليات بحث وتفتيش شاركت فيها قوات كبيرة من الشرطة والأمن الوطني وسائر الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى فرق متطوعين من القرية، وطواقم الدفاع المدني، أن القاتل (م.ع) كان أحد المشاركين في أعمال البحث، على الرغم من ارتكابه جريمة القتل بدم بارد، وهي جريمة جعلت الكثير من الأصوات تعلو مطالبةً بإنزال عقوبة الإعدام بحق الجاني حتى يكون عبرة لمن لا يعتبر.
ويروي رئيس المجلس القروي: أن الطفل خالد أراد إصلاح دراجته الهوائية، فتوجه إلى ما يسميها أهالي مثلث الشهداء (غرفة الموتور) القريبة من مزرعة الإبل، والتي تبعد نحو 700 متر عن القرية، حيث يعمل والده لساعات فيها، قبل أن يتوجه لرعي الإبل في مناطق مجاورة،quot;
وأضاف: إن الطفل، وجد الشاب (م.ع) في ذلك المكان، فطلب الطفل منه مفتاحاً ليصلح دراجته الهوائية، إلا أن القاتل استدرج الفتى المعروف بذكائه وفطنته، إلى داخل quot;غرفة الموتورquot; القريبة من مزرعة الإبل، من أجل منحه المفتاح، دون أن يعلم هذا الطفل البريء، أنه سيكون هدفاً لجريمة تقشعر لها الأبدان.
ويتابع:quot; المؤشرات الأولية، تؤكد أن الطفل كان هدفاً للاعتداء عليه من قبل الجاني الذي يعمل في المزرعة نفسها، قبل أن يضعجثته وقد لفظ أنفاسه الأخيرة، داخل كيس، لينقلها بعد ذلك إلى مكان لا يبعد عن موقع الجريمة أكثر من 50 متراً، وكانت بحوزته فأس استخدمها لحفر حفرة صغيرة، من أجل دفن الجثةquot;
وكان القاتل يشارك بفاعلية في أعمال البحث المضنية عن الطفل المفقود، قبل أن يكون هدفاً للاعتقال من قبل جهاز المباحث العامة، شأنه في ذلك شأن عدد آخر من المواطنين ممن تم استدعاؤهم لدى المباحث، من أجل معرفة مصير الطفل.
مطالبات بتوفير الحماية
وفي سياق متصل، طالبت الشبكة الفلسطينية لحقوق الطفل مختلف المؤسسات الأمنية والمدنية بضمان توفير الحماية للأطفال الفلسطينيين كما وردت في القانون الأساسي وقانون الطفل الفلسطيني.
وأدانت الشبكة في بيان لها حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه جريمة القتل المتعمد البشعة التي راح ضحيتها الطفل خالد بديع برهم 10 سنوات من منطقة مثلث الشهداء في جنين.
وحذرت الشبكة في بيانها من خطورة استخدام الأطفال في تصفية الحسابات داخل المجتمع الفلسطيني أو في استغلالهم بشتّى الأشكال، وقالت: quot;إن انتهاك الحق بالحياة انتهاك لحق أصيل من حقوق الإنسان كفلته المواثيق الدولية والقوانين المعمول بها في فلسطينquot;.
وطالبت الشبكة مؤسسات حقوق الطفل في منطقة جنين بمتابعة التداعيات النفسية التي قد تنتج من خبر الجريمة عند أطفال المدارس في جنين وعند زملاء وأصدقاء الطفل خالد وأسرته.