فيما قرر مجلس النواب العراقي رفع مناقشة والتصويت علىمشروع قانون العفو العاممن جدول أعماله، فقد اعتبر مراقبون أن القانون شكل بذلك أول ضحية لعملية هروب سجناء القاعدة من سجن تكريت، الذين يخشى توجههم إلى سوريا، وحذروا بأن إقرار القانون سيكون تشجيعًا على عودة المسلحين إلى تنفيذ عملياتهم الإرهابية، فيما قال حزب المالكي إنه يشكل إنتاجًا جديدًا للقتلة والإرهابيين.


معتقلون عراقيون يقسمون بالالتزام بالقانون لدى اطلاق سراحهم

أسامة مهدي: قرر مجلس النواب العراقي اليوم رفع مناقشة مشروع قانون العفو العام من جدول اعماله ليوم غد بعدما أثارت عملية هروب سجناء القاعدة من سجن مدينة تكريت عاصمة محافظة صلاح الدين الشمالية الغربية مخاوف جدية من العفو عن مرتكبي العمليات الارهابية وإطلاق سراحهم ليعودوا إلى ممارساتهم السابقة، خاصة وأن بعض من اطلق سراحهم في اوقات سابقة استأنفوا عملياتهم، وارتكبوا جرائم قتل وتفجير.

يأتي القرار وسط مخاوف من توجه عناصر القاعدة الهاربين، الذين وصفوا بأنهم quot;من عتاة الارهابيينquot; الى سوريا المجاورة والتحاقهم بالفصائل المسلحة التي تقاتل لإسقاط نظام الرئيس بشار الاسد. وقد أدت هذه المخاوف بالسلطات العراقية الى تشديد الاجراءات الامنية على السجون في محافظة الانبار الغربية، التي تشترك حدودها مع سوريا، خوفًا من حصول عمليات تمرد لسجناء القاعدة فيها، ومحاولتهم الهرب ايضًا.

وجاء قرار الغاء مناقشة والتصويت على مشروع القانون إثر ارتفاع اصوات قوى سياسية خلال الايام الثلاثة الماضية، وبعد حادثة سيطرة سجناء القاعدة على سجن تكريت مساء الخميس الماضي، وهروب 102 نزيل منهم، بينهم 47 محكومًا بالإعدام، من ضمنهم خمسة من قادة التنظيم.

واليوم بحثت لجنة الامن والدفاع البرلمانية مع القادة الامنيين في محافظة صلاح الدين ملابسات هروب السجناء، واطلعت على تقرير قدمه قائد القوات البرية علي غيدان، واتخذت توصيات عدة سترفعها الى الحكومة، وهي تؤكد على ضرورة اعادة النظر في الخطط الامنية الاستراتيجية وتشديد الاجراءات في السجون، وخاصة تلك التي يحتجز فيها ارهابيون مدانون، من خلال تزويدها بكاميرات داخلية وخارجية تتابع حركة السجناء والموظفين.

من جهته وصف علي الاديب القيادي في حزب الدعوة الإسلامية بزعامة نوري المالكي رئيس الوزراء المطالبة بإقرار قانون العفو العام بصيغته الحالية بأنها عملية انتاج ودفع للارهابيين والقتلة الى الشارع، مشيرًا الى أن هناك قوى وإرادات داخلية وخارجية تتعمد إرباك المسيرة السياسية والديمقراطية للعراق الجديد بغية القول إن الديمقراطية لا تنفع، وأن العودة إلى النظام الشمولي هي الأجدى للعراق.

وقال الأديب خلال مؤتمر سياسي اليوم إن quot;أولئك الإرهابيين القابعين في السجون تسللوا من الجيل الماضي، ووقفوا الى جانب الاستبداد في الوقت الحاضر، وحوكموا لجرائم اقترفوها من خلال فتكهم بالمواطنينquot;، مؤكدًا أن quot;قانون العفو العام بصيغته الحالية سيعيد انتاج الإرهابيين والقتلة الى الشارعquot;.

وأضاف الأديب أن quot;الإرباك السياسي الذي يمر به العراق الآن ما هو في الحقيقة الا أحد جوانب ذلك المخطط الإقليمي الذي أجهض انتفاضة العراقيين عام 1991، والتي كانت اولى ثورات الربيع العربيquot;.

وحذر من أن التمسك بالشعارات الطائفية والقومية سيشرعن الجريمة مرة أخرى في العراق، ويجعل البلاد ارضًا للصراعات الاقليمية.

من جانبه وصف المجلس الاعلى الاسلامي برئاسة عمار الحكيم قانون العفو العام quot;بالكارثةquot; على العملية السياسية والأمنية إذا أصرت الكتل السياسية على تمريره بصيغته الحالية.

وقال عضو كتلة المواطن النيابية الممثلة للمجلس النائب حسون الفتلاوي في تصريح اليوم إن اصرار بعض الكتل السياسية على تمرير قانون العفو العام بصيغته الحالية يمثل quot;كارثةquot; على الشعب العراقي وعلى العملية السياسية والأمنية. واضاف أن معظم الارهابيين سيخرجون من قبضة العدالة، وبالتالي سيكون هناك خرق أمني كبير، يهدد حياة المواطنين، من خلال عودة الارهابيين الى جرائم القتل وسفك الدماء.

وتتركز خلافات الكتل السياسية حول قانون العفو العام بالدرجة الاولى على المادة الرابعة منه لعدم استثنائها من العفو منفذي العمليات الارهابية او المساعدين على تنفيذها والمروّجين لها.

ويعدّ قانون العفو العام احد بنود الاتفاق السياسي، الذي مهد لتشكيل الحكومة العراقية، وبموجبه دعم التيار الصدري ترشيح رئيس الوزراء نوري المالكي لولاية ثانية. وتتخوف الحكومة العراقية من أن يشمل قانون العفو الجديد متهمين بجرائم قتل وفق المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب، وتزامنًا مع ذلك أعلنت وزارة العدل أن عدد نزلاء السجون التابعة لها في مختلف المحافظات العراقية بلغ 28 ألفاً و822 نزيلاً.

كما حذرت شخصيات دينية من التسرع في اقرار قانون العفو العام بصيغته الحالية، حيث اشار معتمد المرجعية الشيعية العليا في كربلاء احمد الصافي أخيرًا الى ان هناك قضاة يتخوفون من شمول القانون لإرهابيين وخروجهم من السجون.

يذكر ان مجلس النواب كان قد صوّت في الرابع عشر من آب (أغسطس) عام 2011 بغالبية الحضور وبشكل مبدئي على قانون العفو العام، لكن وزير العدل حسن الشمري حذر في الخامس من أيلول (سبتمبر) عام 2011 من تمرير القانون في البرلمان بسبب وجود بعض الثغرات في مسودته.

واشار الى أن الكثير ممن سمّاهم بالإرهابيين سيطلق سراحهم في حال المصادقة عليه بصيغته الحالية، لافتًا إلى أن وزارة العدل قدمت 11 مقترحاً لمجلس النواب لتعديل مسودة القانون.

تأتي هذه التطورات في وقت تبادل مسؤولون عراقيون اتهامات حول التقصير في الاجراءات والخطط الامنية، داعين الى تغييرات استراتيجية في هذه الخطط، فيما حمّلت قوى سياسية القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي وقادة العمليات العسكرية مسؤولية هروب سجناء القاعدة، وطالبت باستجواب برلماني سريع للقادة الأمنيين.

وتجري القوات الامنية في صلاح الدين بالتنسيق مع الاجهزة الامنية في محافظات ديالى والانبار ونينوى المجاورة حاليًا عمليات بحث مكثفة عن السجناء الهاربين من سجن تكريت (180 كم شمال غرب بغداد) مسقط رأس الرئيس السابق صدام حسين اثر سيطرة النزلاء من عناصر القاعدة على السجن ليل الخميس الماضي، قبل أن تستعيد القوات السيطرة عليه في صباح اليوم التالي بعد هروب 102 نزيل، بينهم 47 محكومًا بالاعدام، من ضمنهم خمسة قادة. وقد رصدت قيادة شرطة المحافظة مكافآت مالية كبيرة لمن يدلي بمعلومات مؤكدة تقود الى اعتقال السجناء الهاربين.

وكانت وزارة الداخلية العراقية اتهمت الجمعة حراس سجن تكريت بالتواطؤ مع المسجونين في تنفيذ عملية هروبهم، وقالت إنهم سمحوا أيضا لعائلات النزلاء بادخال اسلحة الى السجن. واشارت الى أن القوات الامنية في المحافظة خسرت في اطار مواجهتها مع الارهابيين هؤلاء ستة عشر شهيدًا.

وكان زعيم تنظيم دولة العراق الاسلامية الفرع العراقي لتنظيم القاعدة ابوبكر البغدادي اعلن في كلمة صوتية في تموز (يوليو) عن شن عملية جديدة، اطلق عليها اسم quot;هدم الاسوارquot;، تستهدف اطلاق سراح سجناء التنظيم.