فيما أكد الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر من بغداد دعمه لاحتجاجات متظاهري الأنبار، وتأييده لمعظم مطاليبهم، فقد سادت مخاوف من أن يكون تحذير لمكتب القائد العام للقوات المسلحة من مجموعات إرهابية مسلحة تخطط لدخول التظاهرات وضربها، مقدمةً لفضّ السلطات لها بالقوة، تنفيذا لتهديدات المالكي، وخرجت تظاهرات احتجاج في عدد من المحافظات اليوم وسط احترازات امنية مشددة.


لندن: في بادرة هي الأولى من نوعها، زار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر اليوم في بغداد كنيسة سيدة النجاة التي تعرضت قبل عامين لهجوم مسلح، كما زار مرقد عبد القادر الكيلاني حيث أدى صلاة سنية شيعية موحدة فيه. وشدد الصدر في تصريحات من الكنيسة التي اجتمع فيها مع زعماء دينيين ومسؤولين مسيحيين على أن مطالب متظاهري محافظة الأنبار جميعها مشروعة عدا اجتثاث البعث. وأعلن إرساله وفداً من التيار الصدري الذي يتزعمه إلى الأنبار للتضامن مع المحتجين فيها.
وأكد الصدر أهمية دعم الطائفة المسيحية في العراق في المرحلة الحالية، كونها مكونا مهما من مكونات الشعب العراقي، وأشار إلى احترام حقوق الشعوب في التظاهر السلمي شرط ان لا يكون مسيساً ويحمل صورا واعلاما وشعارات مناوئة للعراق وشعبه . وطالب حكومة المالكي بالتعامل مع المشاكل الداخلية بـأسلوب الحوار الحضاري واللغة السياسية الحكيمة .
وعلى الصعيد نفسه، فقد أكد الصدر ورئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم ضرورة احترام حرية الرأي وتنفيذ جميع المطالب الدستورية والقانونية التي ينادي بها أبناء الشعب وذلك إثر اجتماعهما في بغداد، حيث بحثا آخر التطورات على الساحة العراقية لا سيما ما يخص التظاهرات التي تشهدها المحافظات الغربية، وكيفية معالجة الأزمات السياسية التي تواجه البلاد، فضلاً عن مناقشة التطورات الاقليمية وأثرها على الساحة العراقية.
وشدد الحكيم في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع، على ضرورة السعي من قبل جميع السياسيين للخروج برؤية وطنية موحدة حول الأوضاع التي تشهدها البلاد، مشيراً إلى أن هناك مطالبات دستورية وخدمية تتضمنها تلك التظاهرات، وعلى الجهات التشريعية والمعنية بها السعي لتنفيذها. وأكد أهمية توحيد الخطاب السياسي ضمن رؤى وطنية، وتعزيز ذلك بالحوار البناء والصادق بين القوى السياسية، داعياً إلى احترام حرية الرأي والنظر إلى جميع المطالب الدستورية والقانونية التي ينادي بها أبناء الشعب في كل مكان على انها حقوق كفلها الدستور يجب على الدولة العراقية تنفيذها .
من جهته وصف الصدر الأزمات والتطورات التي يشهدها العراق حاليا، بـquot;الضائقة السياسية والامنية والخدميةquot; داعيا حكومة المالكي إلى quot;التعامل مع المشاكل الداخلية باسلوب الحوار الحضاري، وبلغة سياسية حكيمة واهمية اشتراك جميع القوى السياسية في بناء العراق والابتعاد عن سياسة التهميش والاقصاءquot;.
السيستاني يدعو لحلول جذرية لا شكلية للأزمة
ومن جهته، دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني إلى حلول جذرية لا شكلية للأزمة السياسية الحالية وطالب القوى السياسية بالابتعاد عن تراشق الاتهامات القاسية وتفضيل المصلحة العامة للشعب على مصالحها الخاصة.
وقال السيد أحمد الصافي، معتمد السيستاني خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) إن هناك أزمة سياسية في العراق تحتاج إلى حلول جذرية لاشكلية وهذه الحلول هي من اختصاص القوى السياسية في مجلس النواب والحكومة معا. وأشار إلى أن أي تصعيد بأي لغة كانت ليس من مصلحة أحد، داعياً جميع القوى السياسية إلى تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة. وشدد بالقول quot;يجب أن يكون للسياسيين العراقيين شعور وطني حقيقي لا شعور وطني في الاعلام فقط quot;.
وطالب القوى السياسية بعدم استخدام عبارات قاسية من أي طرف تهدد الوحدة الوطنية العراقية التي يعمل الكل على تحقيقها طيلة الفترات السابقة.
وأوضح الصافي أن هناك ست نقاط في المحور السياسي العراقي أولها وجود أزمة سياسية مستمرة، وثانيها الحاجة لحلول جذرية وليس شكلية تمكن من اقتلاعها والخلاص منها وثالثها المسؤولية الجماعية للقوى السياسية والحكومة ومجلس النواب ورابعها التصعيد بأي لغة لا يؤدي الا إلى نتائج وخيمة وليس في مصلحة احد وخامسها لا بد ان تكون المصلحة العامة هي المغلبة دائما لدى القوى كافة والنقطة السادسة هي ضرورة عدم استخدام عبارات قاسية تهدد الوحدة الوطنية quot;التي نحن بامس الحاجة لها في ظل التحديات والوضع الاقليمي المضطرب وذلك من اجل تجنيب البلاد أي مأزقquot;.

تظاهرات احتجاج وصلوات موحدة في محافظات عراقية
ووسط إجراءات واحترازات مشددة، فقد شهدت محافظات الأنبار وذي قار وديإلى ونينوى تظاهرات اليوم مع وضد مطالب المحتجين.
وفي محافظة ذي قار الجنوبية تظاهر المئات ضد ما أسموها الشعارات الطائفية التي انطلقت من المحتجين في الأنبار رافضين quot;التحشيد الطائفيquot; في تظاهرات عدد من المحافظات.
وفي محافظة ديإلى شمال شرق بغداد، تظاهر مؤيدون لاحتجاجات الأنبار تحت شعار quot;جمعة المؤازرةquot; وأقاموا صلاة شيعية سنية موحدة. كما تواصلت التظاهرات والاعتصامات في محافظات نينوى والانبار وصلاح الدين .
وفي الأنبار وعلى الرغم من منع قوات عمليات المحافظة من وصول متظاهرين قادمين من محافظات، الالتحاق بالمحتجين، فقد تظاهر الآلاف من المواطنين تحت شعار quot;جمعة الصمودquot; هاتفين ضد الحكومة.
ومن جهتها دعت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي إلى وضع حد نهائي للإقصاء والتهميش واستهداف شرائح واسعة من الشعب، وإنهاء الفساد، مؤكدة دعمها الكامل لمطالب الشعب العادلة. وطالبت القائمة في بيان عقب اجتماع لقيادتها تسلمت quot;إيلافquot; نسخة منه بوضع حد نهائي وفاصل لعمليات الإقصاء والتهميش، واستهداف شرائح واسعة من الشعب العراقي وإنهاء الفساد الإداري والمالي وانتهاكات حقوق الانسان، بما يضمن وحدة العراق وشعبه وبعيداً عن الشعارات الجهوية والطائفية السياسية. وأكدت دعمها الكامل لمطالب الشعب المشروعة وحق المواطنين في التظاهر السلمي، بعيداً عن الوسائل غير الحضارية. واعتبرت استهداف القيادي في القائمة رافع العيساوي جزءا من مسلسل الاستهدافات السياسية لقيادات العراقية ونوابها وجمهورها ونشطائها .
مخاوف من فض السلطات للتظاهرات بالقوة
وسط مخاوف من أن يكون تحذير لمكتب القائد العام للقوات المسلحة العراقية من مجموعات ارهابية مسلحة تخطط لدخول التظاهرات وضربها، مقدمة لفض السلطات لها بالقوة تنفيذا لتهديدات المالكي، قال مكتب القائد العام للقوات المسلحة إن الاجهزة الامنية quot;علمت بوجود مجموعات إرهابية مسلحة تخطط للدخول إلى ساحة تظاهرة الفلوجة والأنبار لتقوم بأعمال إرهابية مسلحة ضد المتظاهرين، هدفها إثارة الفوضى وسحب القوات المسلحة للاصطدام معها وخلط وتعقيد الموقف واستغلال الأوضاعquot;.
ودعا المكتب quot;الإخوة المتظاهرين السلميين إلى أخذ الحيطة والحذر واتخاذ ما يلزم لمنع تسلل هؤلاء إلى ساحة التظاهرةquot; فقد أكد أن القوات المسلحة quot;من الجيش والشرطة تقوم باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتأمين حماية المتظاهرين من مخططات القاعدة والبعث اللذين يتربصان الشر ببلادناquot; على حد قوله.
وكان المالكي هدد الاثنين بفض الاعتصام على الطريق الدولي في الأنبار المستمر منذ عشرة ايام بالقوة وقال في مقابلة مع قناة العراقية الحكومية إن الاعتصامات التي تجري حاليا في الأنبار مخالفة للدستور العراقي quot;وأنا أقول عنها بصراحة إن هناك عددا كبيرا من البسطاء من المشاركين فيها يريدون قضايا معينة منها التعيين لكن الآخرين لديهم أجندات ظهرت من خلال الإعلام والشعارات واللافتات، وأقول لهؤلاء البسطاء لا تكونوا وقودا لأحد وعليكم الانسحاب وقدموا طلباتكم إلى الدولةquot;.
وأضاف قائلا quot;أقول لأصحاب الأجندات لا تتصوّروا أنه صعب على الحكومة أن تتخذ إجراء ضدكم أو أن تفتح الطريق وتنهي القضية ولكن عليكم أن تعلموا أن الوقت ليس مفتوحا وعليكم التعجل في إنهاء هذا الموضوع وأحذركم من الاستمرار لأنه مخالف للدستور العراقي. وتابع لقد صبرنا عليكم كثيرا لكن لا تتوقعوا أن المسألة مفتوحة ولا تتوقعوا التمرد على الدولة .
ويطالب المحتجون بإطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين، ومحاسبة المقصرين وإيقاف تنفيذ أحكام الإعدام وتعليق العمل بالمادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب لحين إلغائها من قبل مجلس النواب وتشريع قانون العفو العام، وإيقاف العمل بقانون المساءلة والعدالة وتحقيق التوازن في جميع مؤسسات الدولة، وإلغاء قيادات العمليات في مناطق العراق كافة وإعادة التحقيق في القضايا التي تخص الرموز الدينية والوطنية أمام جهات قضائية محايدة غير مسيسة . كما يدعون إلىquot;منع استخدام الشعارات الطائفية من قبل الحكومة المركزية في بغداد وإجراء تعداد سكاني شامل تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة قبل إجراء انتخابات عامة وتجنب المداهمات العشوائية وإلغاء الاعتماد على المخبر السري والإسراع في تشكيل المحكمة القضائية العليا بشكل مهني وإعادة جميع مساجد أهل السنة وممتلكاتهم المغتصبة.

وتشهد محافظات الأنبار والوصل وصلاح الدين منذ 21 من الشهر الماضي تظاهرات على خلفية اعتقال عناصر من حماية وزير المالية القيادي في القائمة العراقية رافع العيساوي انطلقت شرارتها من محافظة الأنبار لتمتد إلى محافظات اخرى عدة تنديدا باعتقالهم ويشارك فيها علماء دين وشيوخ عشائر ومسؤولون محليون أبرزهم محافظ نينوى اثيل النجيفي ووزير المالية رافع العيساوي ونواب يمثلون هذه المحافظات في البرلمان العراقي.