فشل اللقاء الوطني للقوى السياسية العراقية في اتخاذ قرارات تستجيب لمطالب المتظاهرين في محافظات عديدة منذ 25 يومًا، واكتفى بالتأكيد على مواصلة اجتماعاته من أجل مزيد من الحوارات.


وسط تأكيدات على فشل الملتقى الوطني الثاني للقوى السياسية العراقية برئاسة إبراهيم الجعفريّ، رئيس التحالف الوطنيِّ quot;الشيعيquot;، في التوصل إلى قرارات تستجيب لمطالب المحتجين في محافظات عراقية شمالية وغربية، قال نائب رئيس التحالف خالد العطية خلال مؤتمر صحافي تلا فيه بيانًا عن الاجتماع، أرسلت نسخة منه إلى quot;إيلافquot; اليوم، إن اللجنة الخماسية، التي تضم ممثلين عن القوى السياسية المنبثقة من الاجتماع الأول، أصدرت تقريرها حول سير الحوارات والمناقشات التي جرت بين أعضائها للتوصُّل إلى الحلول المطلوبة للأزمة الراهنة.

كما استمع إلى تقرير عن أعمال اللجنة الوزارية الحكومية السباعية المكلفة بالاتصال بالمتظاهرين quot;وتنفيذ مطالبهم وإجراءاتها السريعة التي اتخذتها بخصوص ملف المعتقلين وغيرها من المطالب ذات الصفة الإجرائية التي طرحها المتظاهرون، كما ناقش المجتمعون موضوع الخطوات التشريعية اللازم القيام بهاquot;.

واضاف أن الملتقى اكد في الختام quot;على ضرورة استمرار انعقاده لفتح المجال أمام المزيد من الحوارات الجادّة والمسؤولة من أجل الوصول إلى حزمة الإصلاحات المطلوبة لتلبية ما هو مشروع من المطالب، ولاسيما إصدار قانون للعفو مع وضع الضوابط والضمانات لاستثناء الإرهابيين والقتلةquot;.

واشار الى أن وفد القائمة العراقية ساهم بشكل فاعل في الحوارات التي جرت في اللجنة المنبثقة من الملتقى، إلا أنه اعتذر عن حضوره هذا الاجتماع، لوجود بعض النقاط العالقة التي تحتاج مزيدًا من البحث، ولحاجتهم إلى التشاور مع زملائهم في القائمة العراقيةquot;.

لاحظ مراقبون أن بيان الاجتماع لم يذكر أية قرارات عملية تم التوصل اليها لتنفيذ مطالب المحتجين والمعتصمين، الذين يتظاهرون منذ 25 من الشهر الماضي في محافظات الانبار وصلاح الدين وكركوك وديالى ونينوى وبغداد. وقال النائب عن القائمة احمد المساري إن اعضاء اللجنة الخماسية لم يوافقوا على الغاء قانون المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث بناء على طلب القائمة.

من جهتها، اكدت القائمة العراقية انها لم تحضر الاجتماع الموسع للملتقى الوطني quot;بسبب عدم جدية بعض اطراف التحالف الوطني في التعاطي بايجابية مع المطالب المشروعة للجماهير، ولأن المقترحات المقدمة من قبل التحالف الوطني كانت انصاف حلول لا تلبي تلك المطالبquot;.

واضافت القائمة، في ختام اجتماع لقيادتها في مكتب القيادي فيها صالح المطلك، في بيان صحافي تسلمته quot;ايلافquot; اليوم، أنه quot;انطلاقًا من الشعور العالي بالمسؤولية الوطنية، وادراكًا للمرحلة الخطيرة التي يمر بها العراق هذه الايام، لبّت القائمة العراقية دعوة ابراهيم الجعفري رئيس التحالف الوطني للاجتماع الموسع لقادة الكتل السياسية من اجل التحاور حول تنفيذ مطالب المتظاهرين، وتقديم الصيغ المناسبة لحلها، لاسيما المتعلقة منها بالجانب التشريعيquot;.

واضافت القائمة خلال مؤتمر صحافي تلا فيه النائب عن القائمة حمزة الكرطاني بيانًا، اشار فيه الى أن اللجنة الخماسية خلال اربع جلسات عمل لم تستطع الوصول الى رؤية مشتركة حول مسودة قوانين العفو العام والمساءلة والعدالة وقانون الارهاب والمخبر السري وقرار 88 وقرار 76 المتعلقين بالأملاك المحجوزة، وبما يتناسب مع حجم الظلم الذي وقع على ابناء الشعب العراقي بسبب المواقف المتصلبة لبعض اطراف التحالف الوطنيquot;، في اشارة الى ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي.

وقالت القائمة إنها quot;تحمّل هذه الاطراف مسؤولية عدم الاخذ فيالاعتبار المطالب الجماهيرية المتصاعدة ضد سياسات الظلم والاقصاء التي مورست بحقها طيلة الفترة السابقة، كما نعلن لجماهيرنا بأننا لا نملك أن نتنازل أو نساوم عن أي مطلب شرعي من مطالبهم التي هي بمثابة حقوق مسلوبة منهمquot;. واعتبرت العراقية أن quot;المقترحات المقدمة من قبل التحالف الوطني كانت أنصاف حلول ولا تلبي تلك المطالبquot;.

وكان الملتقى الوطني للقوى السياسية قد شكل في اول اجتماع له في الاسبوع الماضي لجنة خماسية تمثل هذه القوى للبحث في مطالب المحتجين والاستجابة لها، وهي تضم: ابراهيم الجعفري رئيس التحالف الشيعي، وصالح المطلك القيادي في العراقية نائب رئيس الوزراء، ومحسن السعدون ممثلاً عن التحالف الكردستاني، وخالد العطية القيادي في ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي ثم هادي العامري رئيس منظمة بدر وزير النقل.

مفتي السنة يرفض استقبال المسؤولين ويحيلهم الى المحتجين
رفض رجل الدين العراقي السني المفتي الشيخ عبد الملك السعدي الاستجابة لرغبات عدد من المسؤولين العراقيين للقائه والبحث معه في مطالب المتظاهرين محيلاً اياهم الى المتظاهرين مباشرة.

وقال مكتب السعدي في بيان صحافي اليوم تسلمت quot;ايلافquot; نسخة منه إن الشيخ quot;يعتذر عن استقبال أي سياسي في الحكومة العراقية وأي عضو في البرلمان العراقي، ويرفض اللقاء المنفرد بأيِّ واحد من هؤلاء الراغبين في مقابلته، ويُحيلهم إلى ساحات الاعتصام في كل أنحاء العراق، ليلتقوا بالمتظاهرين المعتصمين المُطالبين بالحق العراقي المشروعquot;.. وجاء في نص البيان:

بسم الله الرحمن الرحيم
لوحِظَ في هذه الأيَّام تزايد طلبات عدد من السياسيين في الحكومة العراقية وعدد من أعضاء مجلس النواب العراقي لمقابلة سماحة الشيخ عبد الملك السعدي ورغبتهم في اللقاء به في مكتبه الخاص.

وقد وجَّه سماحته بأنَّه يعتذر عن استقبال أي سياسي في الحكومة العراقية وأي عضو في البرلمان العراقي، ويرفض اللقاء المنفرد بأيِّ واحد من هؤلاء الراغبين في مقابلته، ويُحيلهم إلى ساحات الاعتصام في كل أنحاء العراق، ليلتقوا بالمتظاهرين المعتصمين المُطالبين بالحق العراقي المشروع.

ويرى سماحة الشيخ عبدالملك السعدي أنَّ القرار بيد العراقيين المعتصمين، وليس من حق أحد أن يُفاوض نيابة عنهم.
والله من وراء القصد
مكتب سماحة العلاَّمة الشيخ
أ.د. عبد الملك عبد الرحمن السعدي

وردًا على تصريحات لنواب في ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي بأن الشيخ السعدي قد انسحب من الاحتجاجات اثر شعوره باستغلالها من قبل بعض السياسيين، قال المتحدث باسم المحتجين في الانبار الشيخ سعيد اللافي، إن quot;الشيخ عبد الملك السعدي لم ينسحب من التظاهرات، والحديث عن ذلك محض افتراءquot;، مؤكداً أن quot;قضية التظاهرات أكبر من أن تربط بشخص واحد، فهي إما أن نكون أو لا نكونquot;.

واعتبر اللافي أن quot;الاتهامات بالتدخلات الاجنبية وتأثيرها على التظاهرات تهمة سخيفة، وأن مطالبنا هي لخدمتنا، ولا تحمل مصالح لدول خارجيةquot;، مؤكدًا أن quot;تلك الاتهامات يراد منها التغطية على تدخل إيران السري والعلني في شؤون العراقquot;، كما نقلت عنه وكالة quot;السومرية نيوزquot;.

وكان النائب عن ائتلاف دولة القانون فؤاد الدوركي أكد أمس الأحد أن التظاهرات المناوئة للحكومة quot;فقدت زخمهاquot; بسبب رفعها شعارات طائفية، فيما أشار إلى أن الشيخ عبد الملك السعدي اعتذر عن قيادتها بعد اطلاعه على quot;خفايا الدعم الخارجيquot;.

وكان الشيخ عبد الملك السعدي أصدر خطابًا تُلي على المتظاهرين في ساحة الاعتصام في الرمادي في جمعة الرباط في 11 من الشهر الحالي، حذر فيه حكومة بغداد من استخدام وسائل التفرقة في التظاهرات والتصريحات التي quot;تؤجّج الطائفية وعدم التوحدquot;، ودعا السياسيين إلى quot;أخذ العبرquot; مما يحصل اليوم في سورياquot;، والمتظاهرين إلى quot;الثبات وبقوة على موقفهم والصبر والاستمرار في الاعتصام والتظاهرquot;.

كما دعا السعدي عناصر الجيش العراقي إلى quot;التزام الحياد، وإلى ألا يستمعوا إلى من يريد إشعال فتيل الحرب والفتنةquot;، وشدد على أن quot;أي شخص يهدر دمه من القوات الأمنية أو المعتصمين فهو هدر لدم العراقquot;، وتابع مخاطبًا قوات الجيش العراقي quot;أنتم حماة البلاد، ولستم حماة الأشخاص، فعليكم ألا تتأثروا بالخلافات بين السياسيين، والحفاظ على سلمية التظاهرات وأرواح العراقيينquot;.

وكان الشيخ عبد الملك السعدي انضم في 30 كانون الأول (ديسمبر) الماضي إلى المعتصمين في ساحة الاعتصام في الرمادي، ودافع في خطبة ألقاها بينهم عن الاتهامات بالطائفية، التي وجّهت إليهم، واكد أنهم كـquot;السائرين على درب الحسينquot;، مشددًا على وجود علاقة وثيقة بين رجال الدين السنة والمرجعيات الدينية في النجف وكربلاء، داعيًا في الوقت نفسه المتظاهرين الى quot;الابتعاد عن الكلمات النابية والشعارات المتشنجة التي يستغلها البعض، كما حذرهم من إغرائهم للتنازل عن مطالبهم المشروعة التي هي مطالب كل العراقيينquot;.

ويعد الشيخ عبد الملك السعدي، من أهم رجال الدين السنة في العراق، وكان قد رفض تولي منصب مفتي العراق بعد عرضه عليه في عام 2007.

وتشهد محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى وكركوك منذ 21 من الشهر الماضي تظاهرات، يشارك فيها عشرات الآلاف، جاءت على خلفية اعتقال عناصر من حماية وزير المالية القيادي في القائمة العراقية رافع العيساوي، وذلك تنديداً بسياسة رئيس الحكومة نوري المالكي، والمطالبة بوقف الانتهاكات ضد المعتقلين والمعتقلات، وإطلاق سراحهم وإلغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب، وتشريع قانون العفو العام وتعديل مسار العملية السياسية وإنهاء سياسة الإقصاء والتهميش وتحقيق التوازن في مؤسسات الدولة.