ارتفعت في الآونة الأخيرة نسبة العرب الذين يقصدون الولايات المتحدة، سعيًا إلى حصولهم على الجنسية الأميركية لأبنائهم، خاصة بعد وصول الرئيس باراك اوباما إلى البيت الأبيض وتسهيل اجراءات الحصول على التأشيرة.


إيلاف مننيويورك: ازدادت في الآونة الأخيرة نسبة العرب المقيمين في دول الخليج الذين يقصدون الولايات المتحدة بغرض حصول أبنائهم على الجنسية الأميركية عبر الولادة في أراضيها مجانًا، رغم حصولهم على تأشيرات دخول سياحية. ويشكل الفنانون العرب الذين يقصدون اميركا منذ سنوات لهذا الهدف نسبة كبيرة.

والأمر الغريب أن تلك الأسر لا تسدد تكاليف الولادة التي تقدر بآلاف الدولارات، بل تتولى الحكومة الأميركية المهمة كاملة دون إلزام أسرة الطفل - الذي أصبح أميركياً بقوة الدستور وبمجرد الولادة- بدولار واحد.

وأكد أطباء وعاملون في القطاع الصحي في الولايات المتحدة لـquot;إيلافquot; أن نسبة العرب المقيمين في دول الخليج، الذين استطاعوا الحصول على الجنسية الأميركية لأطفالهم تزايدت بشكل ملحوظ في السنوات الخمس الأخيرة، خاصة بعد وصول المهاجر الأفريقي باراك أوباما إلى مقعد الرئاسة في البيت الأبيض، وقيامه بتخفيف القيود والإجراءات التي كانت مفروضة على منح التأشيرة، فضلاً عن تسهيل إجراءات الدخول إلى المطارات الأميركية عمّا كانت عليه من قبل.

نفقات مرتفعة للعلاج
وأضافت الدكتورة أنجيلا تود الطبيبة في قسم الولادة بـquot;مستشفى نيويوركquot; أن الغالبية العظمى من هؤلاء المواليد لا يقوم آباؤهم بسداد مصروفات الولادة التي تزيد عن 25 ألف دولار في بعض المستشفيات، بل يقدمون طلباً للحكومة الأميركية للحصول على تأمين صحي حكومي للطفل ووالدته، تتكفل من خلاله بسداد تكاليف العمليات والعلاج والأدوية كاملة.

ولفتت تود إلى أن الهدف الأساسي لهذه العائلات يكون الحصول على الجنسية، ثم يأتي الهدف السياحي والترفيهي وزيارة المنتجعات الأميركية في مرحلة لاحقة وأقل أهمية. وأشارت إلى أن المستشفى لا يمكنها منع استقبال أي شخص للعلاج أو الولادة في حالات الطوارئ، كما لا يمكنها التأكد من التزامه بسداد قيمة العلاج بعد الحصول عليه.

تأمين حكومي

وقال جون والترز المحاسب المالي في مستشفى فلوشينج - نيويورك إنه يصادف شهريًا حالات ولادة عديدة لأسر قادمة إلى الولايات المتحدة بتأشيرة سياحة خاصة من الدول العربية والخليجية والآسيوية، وأن المرأة الحامل في تلك الحالات تتردد على المستشفى قبل نحو شهرين أو ثلاثة من موعد الولادة عبر أقسام الطوارئ.

ويوضح والترز أن المستشفى لا تحصل على أي مبالغ مالية بشكل فوري عند مراجعة المريض إنما يتم إرسال فاتورة لاحقًا بقيمة الخدمات الطبية التي قدمت للمريض إلى عنوانه المدون في سجلات الزيارة الطبية.

وأضاف والترز، أن تكاليف الولادة في المستشفى قد تصل إلى 30 ألف دولار لبعض الحالات وقد تزيد أو تقل بحسب الحالة ونوعية الولادة هل هي طبيعية أم قيصرية وما يرافقها من تحاليل وأدوية.

وأضاف المحاسب المالي، أنه عندما تذهب أسرة المولود إلى المستشفى للاطلاع على تكاليف الولادة، يطلب منها تعبئة quot;طلب تغطية تلك النفقات عبر التأمين الحكوميquot;، الذي يقوم في العادة بتغطية تلك النفقات إما نقدًا أو من خلال اقتطاعها من الضرائب السنوية التي تدفعها المستشفيات للحكومة، وذلك دون أن تحصل الحكومة على أي مقابل من تلك الأسر الأجنبية.

عقوبات قانونية

وذكرت ميليسا ستاتن من قسم التمريض في مستشفى نيوآيلاند بنيويورك أنه لا يمكن للمستشفى أن ترفض أي حالة ولادة قادمة عن طريق قسم الطوارئ، لأن ذلك يعرض المستشفى لعقوبات قانونية وجنائية في حالة حدوث أي ضرر للمريض ويعد إهمالًا وظيفيًا، حتى ولو لم يكن المريض قادراً على تسديد تكاليف علاجه.

ولذلك يتم التعامل بكل جدية مع الحالة المرضية، ويتم تقديم كافة سبل الرعاية الطبية المتاحة لها، ويترك الجزء المادي بعد ذلك للقسم المالي لتحصيل النفقات من المريض وأسرته عند خروجه من المستشفى.

تأشيرة سياحية

من جهته، أوضح أحمد يوسف quot;صاحب شركة خاصة، وعربي مقيم في إحدى الدول الخليجيةquot; أنه حصل هو وأسرته على تأشيرة سياحية متعددة الدخول ولمدة 5 سنوات في عام 2011، وكانت زوجته حاملاً في الشهر الثالث عند إجراء المقابلة معهم في السفارة الأميركية في ذلك الوقت، ولم تطلب القنصلية منها إجراء أي تحاليل حمل أو غير ذلك. مضيفًا أنه عند دخوله وأسرته إلى مطار نيويورك كانت زوجته في شهرها السابع وكان الحمل بارزًا للعيان، ولكن لم يسأله أي من ضباط الجوازات والهجرة وأمن الحدود عن ذلك رغم دخولهم بتأشيرة سياحية.

ونوّه يوسف بأنه بعد دخوله إلى أميركا اصطحب زوجته لإجراء فحوصات في إحدى أكبر المستشفيات وأكثرها كلفة، ورغم ذلك لم يدفع دولارًا منذ لحظة دخولها وحتى خروجها منها، ومعهما طفلهما الأول الذي أصبح أميركي الجنسية بقوة الدستور.

وبيّن أنه بعد انتهاء عملية الولادة، أخطره موظف من القسم المالي للمستشفى بتكاليف العملية القيصرية، وبتكاليف جميع التحاليل التي أجريت لزوجته، وكانت جملة التكاليف 32 الف دولار أميركي. ولذا يقول يوسف quot;طلبت من الموظف تقديم طلب الحصول على تأمين حكومي لزوجتي وابنتي لكي تقوم الحكومة بسداد تكاليف المستشفى... وهو ما حصل بالفعل دون أن تلزمني الحكومة بسداد المبلغ على اعتبار أن زوجتي كانت حالة طارئة حيث قدمت لهم تذكرة السفر ذهابًا وإيابًا... كما قمت باستخراج جواز السفر الأميركي لإبني بكل سهولة وبعد 15 يومًا فقط من تاريخ الولادةquot;.

الفارق بين الأميركي والعربي

وعن السبب الذي دفع يوسف للسعي إلى حصول إبنه على الجنسية الأميركية، قال إنه يرغب بذلك، لضمان مستقبل تعليمي وصحي أفضل لأبنائه، كما أنه يرى أن حامل الجنسية الأميركية والبريطانية والكندية والأسترالية في دول الخليج، يتقاضى راتبًا يبلغ أضعاف ما يتقاضاه صاحب الجنسية العربية، رغم أن مؤهلات العربي قد تكون أعلى بكثير من حامل الجنسية الأجنبية. مضيفًا أن هذه الامتيازات التي يتمتع بها الأميركيون تحديدًا سواء في دول الخليج أو في بلادهم، جعلته يسعى لحصول أبنائه على الجنسية الأميركية، التي تعد رصيدًا كبيرًا للأطفال في المستقبل عندما يقررون الإقامة في الولايات المتحدة أو عندما يرغبون في الاستقرار في دول الخليج.

هدية مجانية

وأوضح يوسف أنه يتواجد في نيويورك الآن، بانتظار مولوده الثاني قريبًا ليحصل بدوره على الجنسية الأميركية. مشيرًا إلى أنه بالرغم من تكبده لمبالغ مالية كبيرة سنويًا لزيارة الولايات المتحدة هو وأسرته من تكاليف المعيشة وتذاكر السفر والإقامة، إلا أنه يجد في حصول أبنائه على الجنسية بهذه السهولة quot;هدية مجانيةquot; لا يمكن رفضها.