في أول اختبار للثقة بين محتجي المحافظات العراقية السنية الست والحكومة حول تنفيذ مطالبهم التي يعتصمون للمطالبة بتحقيقها منذ تسعة اشهر، فقد اعلن محافظ الانبار أحمد الدليمي، اثر تخويل المعتصمين له ولرئيس الحكومة المحلية صباح الدليمي بمحاورة حكومة بغداد، أنه سيبدأ فورًا بالاتصال بمسؤولي الحكومة المركزية، مؤكدًا العمل على بذل اقصى جهوده لتقريب وجهات النظر المختلفة حتى الحصول على الحقوق المشروعة.

يجدد محتجو المحافظات الست العراقية الشمالية والغربية السنية حراكهم اليوم الجمعة، في وقت قرر فيه مجلس محافظة الانبار (110 كم غرب بغداد) تخويل المحافظ احمد خلف الدليمي المنتمي لقائمة quot;متحدونquot; بزعامة رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي ورئيس الحكومة المحلية صباح كرجوت الدليمي للتفاوض مع الحكومة المركزية بشأن مطالب المتظاهرين . واتخذ هذا القرار اثر اجتماع ضم قادة التظاهرات والاعتصامات وشيوخ العشائر وأعضاء من مجلس المحافظة للتحاور والاتصال مع الحكومة باسم المتظاهرين.
معروف أن محافظات الأنبار وصلاح الدين وديإلى وكركوك ونينوى ومناطق في العاصمة بغداد تشهد منذ 23 كانون الأول (ديسمبر) الماضي تظاهرات احتجاج واعتصامات تطالب بإطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين الأبرياء ومقاضاة quot;منتهكي أعراضquot; السجينات، فضلاً عن تغيير مسار الحكومة وإلغاء المادة 4 إرهاب وقانوني المساءلة والعدالة والمخبر السري واصدار عفو عام وإلغاء الاقصاء والتهميش لمكونات عراقية.
بيان التخويل بالتفاوض مع الحكومة
وتلى عضو مجلس المحافظة طه عبد الغني بيانًا باسم المجتمعين حول فتح الحوار مع الحكومة، وفي ما يلي نصه الذي حصلت عليه quot;إيلافquot;:
بسم الله الرحمن الرحيم
(ولتكن منكم امة واحدة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون) .. صدق الله العظيم
يا ابناء الانبار النشامى ويا ابناء العراق العظيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لايخفى عليكم أننا خرجنا في اعتصاماتنا السلمية من اجل المطالبة بحقوقكم المشروعة التي كفلتها الشريعة الاسلامية والدستور العراقي وتذرعت الحكومة بحجج وذرائع منها: عدم وجود جهة واضحة تمثل المعتصمين للتفاوض معها من اجل تنفيذ تلك المطالب، كما دأبت الحكومة على اتهام قادة الاعتصام واللجان التنسيقية بالارهاب والتحريض على القتل والتقسيم، حيث انهم ابعد الناس عن هذه التهمة ولما ذكر .. ومن باب حسن النوايا وبعد التشاور مع اهل الحكمة والرأي من المعتصمين وابناء المحافظة من شيوخ عشائر وعلماء دين والشباب .. وحرصًا منا على السلم الاهلي والحفاظ على وحدة العراق، ارضًا وشعبًا، ارتأينا أن نفتح باب الحوار والتفاوض حول مطالب المعتصمين وقد خولنا السيد محافظ الانبار الاستاذ أحمد خلف الدليمي والسيد رئيس مجلس المحافظة الاستاذ صباح كرجوت الدليمي للقيام بهذه المهمة كونهما المنتخبين من قبل جماهير المحافظة .. ونهيب ببقية المحافظات المعتصمة أن تتخذ الاجراء المناسب لفتح الحوار مع الحكومة وتنسيق المواقف في ما بيننا من اجل الحفاظ على دماء الشعب العراقي ونأمل من الحكومة المركزية أن لا تهمل هذه المبادرة كسابقاتها والسعي الجاد لتنفيذ مطالب المعتصمين المشروعة الذين مضى على اعتصامهم اكثر من تسعة أشهر.
والله من وراء القصد
محافظ الانبار: سأعود الى المعتصمين في كل خطوات التفاوض
وفور تخويله التفاوض مع الحكومة، فقد اعلن محافظ الانبار أحمد الدليمي في كلمة متلفزة الليلة الماضية أنه يتمنى من الله أن يجعله مفتاح خير لمحافظة الانبار .. وخاطب معتصمي المحافظة وبقية المحافظات المحتجة قائلا إنه سيبذل قصارى جهده لتقريب وجهات النظر المختلفة حتى الحصول على الحقوق المشروعة التي اقرها الشرع والدستور والقانون.
ودعا الحكومة الى التعاون بكل ايجابية مع هذه المبادرة وتذليل جميع الصعوبات امام تحقيق المشروع من هذه الحقوق. وثمن دور علماء الدين ورجال العشائر والشباب في الحفاظ على سلمية الاعتصام . واضاف أنه سيبدأ الحوار مع الحكومة ويعود الى المعتصمين لمناقشة كل الخطوات التي يتم الاتفاق عليها.
وتأتي هذه المبادرة بعد تسعة اشهر من تبادل اتهامات بين رئيس الحكومة نوري المالكي ومعتصمي ساحات الاحتجاجات المستمرة منذ تسعة اشهر، حيث كان قال في بداية انطلاق احتجاجاتهمإن هذه الاعتصامات نتنة وأنها فُقاعات وأن المتظاهرين إرهابيون، .. فيما رد عليه المعتصمون باتهامه بالعنصرية والطائفية والتعامل بازدواجية مع تظاهرات الجنوب الشيعية والاخرى الغربية السنية. وتجدر الاشارة الى أنه قام بقمعهم والتصدي لهم بالسلاح في الفلوجة والرمادي والحويجة وديإلى وصلاح الدين والموصل مع أن المتظاهرين سلميون لم يحملوا سلاحاً ولم يخرجوا عن القانون. لكن المالكي خفف مؤخراً من هجومه ضد المعتصمين وابدى استعداده للانفتاح على مطالبهم، وتنفيذ ما هو مشروع منها، موضحاً أن بعضها غير قانوني وضد ما نص عليه الدستور.
ومن المنتظر أن يواجه الحوار المنتظر بين الحكومة وممثلي المعتصمين صعوبات في الاتفاق على المطالب quot;المشروعةquot; للمحتجين والاخرى quot;غير المشروعةquot; فلكل من الطرفين وجهة نظر مختلفة عن الأخرى في هذا المجال . كما ستشكل خطب الجمعة في ساحات الاعتصام بالمحافظات الست اليوم اختباراً للنوايا وللثقة بين المحتجين والحكومة، حيث اعتادوا خلال خطب ايام الجمعة على امتداد الاشهر التسعة الماضية على مهاجمتها وكيل الاتهامات لرئيسها نوري المالكي وتحميله مسؤولية الازمات التي تواجهها البلاد والوقوف بوجه تحقيق مطالبهم تنفيذًا لإرادات ايرانية على حد قولهم.