يرى ناشطو الثورة السورية في quot;داعشquot; ذراعًا سرّية لبشار الأسد في المناطق المحررة، مشيرين إلى عدم قصف طيران النظام لمقارها الملاصقة لمقار الجيش الحر، التي يسويها الطيران مع الأرض، وإلى عدم تحريرهم أي أرض من الجيش النظامي، بينما هاجموا أعزاز والرقة المحررتين.


تحوّلت مدينة أنطاكيا التركية إلى محطة استراحة لمقاتلي المعارضة السورية، يجددون فيها طاقاتهم، ثم يعودون إلى مواصلة القتال ضد قوات النظام، وإلى قاعدة انطلاق للصحافيين والمنظمات الإنسانية العاملة في سوريا، التي تبعد 36 كلم إلى الغرب من المدينة. لكن الموضوع، الذي يدور على كل لسان في هذه المدينة التركية، ليس وحشية نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بل العنف العدمي الذي يمارسه تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، أو ما يسمّى بـ quot;داعشquot;.

هديتان لبشار
يُقدر عدد مقاتلي داعش بنحو 8000 عنصر في سوريا، وهو رقم ضئيل بالمقارنة مع 100 ألف أو نحو ذلك يقاتلون في قوات المعارضة على اختلاف فصائلها. لكن أيديولوجيا داعش القروسطية وهوسها المَرَضي بتطبيق الشريعة، كما تفهمها، في المدن والقرى التي ينشط فيها مقاتلوها، جعلها مصدر رعب.

وقال فراس تميم، وهو ناشط لاذقاني ينقل إمدادات طبية ومواد أخرى إلى المدنيين والمقاتلين: quot;أنا لا أُريد أن أقول إن الأسد أفضل، لكنه على الأقل لم يقتل أو يعتقل الناس لأنهم يدخنونquot;. ثم عرض على هاتفه صورة حشد من القرويين، بينهم أطفال قُطع أمامهم رأس شخص بتهمة الكفر. وقال تميم لمجلة فورين بوليسي: quot;فكروا في ما يفعله هذا المشهد بالأطفالquot;. وأضاف أن السوريين أخذوا بمرور الوقت يعتادون على ما كان في السابق لا يخطر على بال.

وكان الأسد تلقى هديتين كبريين خلال الفترة الأخيرة. الأولى الاتفاق الروسي ـ الأميركي على تدمير ترسانته من الأسلحة الكيميائية صارفًا الانتباه عن حملة النظام في التنكيل بالمدنيين وعن آلة القتل التي يستخدمها ضد شعبه، وخاصة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.

كما إن الاتفاق فرض على الحكومات الغربية أن تتعامل مع الأسد بوصفه حاكم سوريا الشرعي. والهدية الثانية هي quot;داعشquot;، التي صرفت الانتباه عن الحرب الدائرة بين جيش النظام وقوات المعارضة، وقدمت خدمة مجانية إلى مزاعم النظام بأنه يواجه إرهابيين، وليس خصومًا سياسيين، كما إدّعى وزير خارجيته وليد المعلم أمام الأمم المتحدة في الشهر الماضي.

ذراع النظام
لهذه الأسباب، توصل الجميع في أنطاكيا والمناطق، التي لا يسيطر عليها النظام في شمال سوريا، إلى قناعة راسخة بأن داعش ذراع سرّية لنظام الأسد. وقد تبدو هذه قناعة مدفوعة بنظرية المؤامرة، التي تكون مفهومة إزاء ما يواجه المعارضة الوطنية من تحديات.

لكنّ دبلوماسيين غربيين تحدثوا لمجلة فورين بوليسي قالوا إن هذا جائز، مشيرين إلى أن الأسد أفرج في صيف العام 2012 عن جهاديين من تنظيم القاعدة في العراق، أسهموا في تأسيس داعش. كما لاحظ صحافيون وناشطون ومقاتلون أنه في الوقت الذي دكت مدفعية النظام مقر الجيش السوري الحر في حلب إلى أن سوَّته مع الأرض، فإن قاعدة داعش المجاورة للمقر سلمت من القصف، ولم تسقط عليها قذيفة واحدة، ولا حتى عن طريق الخطأ. وتغيّر الوضع ما إن غادر مسلحو داعش القاعدة. وحدث الشيء نفسه في مدينة الرقة شرق سوريا.

كما أن مقاتلي داعش أنفسهم لم يقوموا بمحاولة جدية لتحرير المناطق، التي ما زالت تحت سيطرة النظام، لكنهم انتزعوا السيطرة على الرقة وبلدة أعزاز من الجيش السوري الحر.

من جهة أخرى، قال مقاتل قدم نفسه باسم quot;أبو عباسquot;، درس في جامعة البعث في حمص، إن داعش تقاتل المعتدلين والجيش السوري الحر، لأنهم عملاء أميركا.