قال طالب الرفاعي إن هرولة الإخوان وراء السلطة وسيلان لعابهم من أجلها أدت لخسارتهم فرصة الحكم، وأكد أن الإسلام السياسي أصبح مكروهًا وأن الليبرالية قادمة رغم أنف الإسلاميين.

لندن: قال عالم الدين العراقي طالب الرفاعي إن الإسلام السياسي أصبح مكروهًا لأن تصرفات الدعاة أساءت إليه، واعتبر أن الليبرالية هي البديل المحبوب لدى الشعوب.
وأوضح الرفاعي الذي كان يعتبر أحد رموز الإسلام السياسي في العراق سابقًا، والمساهم في تأسيس حزب الدعوة الإسلامية عام 1959، مع محمد باقر الصدر، ومهدي الحكيم، أوضح أنه بدأ حياته حزبيًا يعمل من أجل الإسلام السياسي، وأضاف في حوار مع صحيفة الشرق الاوسط quot;لكن علمتني التجارب أن الإسلام السياسي ليس هذا وقته وليس هذا أوانه، وهو اليوم يوشك على النهاية والزوالquot;.
هرولة الإخوان وراء الحكم
وبين الرفاعي أن الإسلام السياسي في مصر جاء إلى السلطة في غير أوانه، وقال:quot;كل شيء إذا أتى في غير أوانه كانت النتيجة الحرمان، فالإخوان المسلمون لو تركوا الهرولة وراء الحكم والسلطة وبقوا حزبًا يعمل لصالح الشعب ومصلحة الأمة، وتثقيف الناس دينيًا واجتماعيًا كما كانوا من قبل، لعمروا طويلاً، ولكانت نتائج أعمالهم تثمر في المستقبل، ولكن هرولتهم وراء الحكم وسيلان لعابهم على السلطة هي التي جعلتهم يخسرون هذه الفرصة، ولم يحصلوا على ما كانوا يأملونquot;.
وأضاف:quot; الحقيقة أنه لما صعد الإخوان للسلطة في مصر أصبتُ بخيبة أمل، فهؤلاء لم يصلوا بقوتهم، وإنما مهد لهم من مهد، فهم موجة خارج روح مصر وطبيعتهاquot;.
وأشار الرفاعي إلى أن الإسلام السياسي يكون وقته عندما يقدم قادته الإسلام للناس كما هو، لا كما يرونه هم، وقال:quot; هذه الفكرة ذاتها نأخذها من الأستاذ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، لما كانوا يلحون عليه بالتوجه نحو السلطة، وكان الظرف متهيئًا لهم في تلك الفترة، حيث كان حكم الملك فاروق ضعيفاً، فكان حسن البنا يقول يجب أن نهيّئ الأمة إلى الإسلام حتى ندعوهم إلى تطبيقه؛ أما والأمة غير مهيّأة للإسلام فكيف نطبقه عليهم، فهذه فكرة المؤسس لو التزموها لارتاحوا وأراحوا الناسquot;.

ركوب موجة الديمقراطية
وبين الرفاعي أن الإخوان المسلمين ركبوا موجة الديمقراطية، وهم في أنفسهم غير ديمقراطيين، وقال:quot;كل الأحزاب الإسلامية ليست ديمقراطية، لا حزب التحرير، ولا حزب الدعوة الإسلامية في العراق، نحن حين كنّا في حزب الدعوة كنّا نصف الديمقراطية بـlaquo;الكفرraquo;، فجاء الذين يحكمون باسم الإسلام عن طريق اللعبة الديمقراطية وهم لا يؤمنون بها، وهذا تناقضquot;.
ويرى الرفاعي أن الإسلام السياسي بعد التجربة التي بدأت بالإخوان في مصر وبنظرائهم في تونس وربما في ليبيا والعراق، موشكة على النهاية، والبديل هو الليبرالية. وأضاف:quot; فالليبرالية الآن هي البديل المحبوب المرغوب لدى الشعوب. أما الإسلام السياسي والدعوات الدينية فقد أصبحت مكروهة في بلادها بسبب أعمال الدعاة لها، أما الإسلام فإنه لو طبق حقيقة كما جاء في القرآن وجاء به رسول الله وكما عمل به السلف الصالح الذين طبقوا الإسلام على أنفسهم أولاً ثم على المجتمعات الأخرى التي دخلت للإسلام ثانيًا، لكن هذا مفقود، وفاقد الشيء لا يعطيهquot;.
وفي تعليقه على تكفير الليبراليين قال الرفاعي quot;هذا من ضيق الأفق، والجهل، أنا لست ليبراليًا، لكنّ الإسلاميين بجهلهم مهدوا الطريق لليبرالية، وسوف تأتي الليبرالية رغم أنفهم، فالجو الآن أصبح مهيئًا لها، والناس تؤيدها وتنحاز لهاquot;.
لا فرق بين الإسلام السياسي السني والشيعي
ولا يرى الرفاعي فرقاً بين المكون الحركي للإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي، وقال quot;لا أجد فرقاً بينهما إلا في بعض المسائل الفرعية البسيطة، فكلهم ينحون منحى واحدًا ويسعون إلى هدف واحد وهو الوصول إلى الحكم.
وبشأن الاحتقان الطائفي في المنطقة بين السنة والشيعة، قال الرفاعي: quot;الطائفية لعبة سياسية، استغلها الحكام، والأحزاب في بلادنا العربية، نحن كنّا في العراق نعيش مع السنة إخوة، واللبنانيون مسيحيوهم ومسلموهم وشيعتهم وسنتهم كانوا يتعايشون على أساس المواطنة، المواطنة يجب أن تطغى على أي شيء آخر، المواطنة فوق جميع النسب، وأول من سن المواطنة هو الإمام علي بن أبي طالب في عهده حين بعث مالك الأشتر، إلى مصر واليًا، وقال له: laquo;الذين بعثتك واليًا عليهم هم صنفان، إما أخ لك في الدين أو شبيه لك في الخلق، فلا تكونَنَّ عليهم سبعًا ضاريًاraquo;، يدعوه للمواطنة، والمساواة بين جميع الشعب دون النظر إلى دينه أو مذهبه أو عرقه، فالإسلام ليس ضد المواطنة، فهذا إمام من أئمة المسلمين أول من أرسى قيم المواطنة.