أحدث موت الحاخام الإسرائيلي عوفاديا يوسف صدمة في إسرائيل، فهو صاحب النفوذ القوي سياسيًا ودينيًا، لكن في الشق الآخر يعتبر من دعاة الكراهية ومن أبرز أقواله في هذا الشأن أن quot;العرب صراصير يجب قتلهم وإبادتهم جميعًاquot;.

توفي الاثنين، الحاخام الإسرائيلي (العراقي الأصل) عوفاديا يوسف، عن عمر يناهز 93 عاماً، بعد حياة حافلة بنفوذ قوي دينيًا وسياسياً، وأحدث موته صدمة كبرى في إسرائيل. وعوفاديا كلمة عبريةتعني عبدالله باللغة العربية.
وأثارت وفاة الحاخام صدمة كبيرة في اسرائيل، حيث قطعت كافة وسائل الاعلام الاسرائيلية بثها لنقل الحدث، بينما نشر رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بيانًا بثته اذاعة الجيش الاسرائيلي اعرب فيه عن quot;حزنهquot; لوفاة quot;عملاق التوراةquot;.
وتشير وسائل الاعلام الى أن وفاته ستثير حربًا على خلافته في الحزب المنقسم انطلاقًا من طموحات شخصية.
ورغم تدهور صحته في السنوات الاخيرة، الا أن زيارات مسؤولين من مختلف الاتجاهات، لم تنقطع عنه، وخصوصاً بنيامين نتانياهو والرئيس شمعون بيريز.
وعوفاديا يوسف هو الحاخام الاكبر السابق لليهود الشرقيين (السفارديم) في اسرائيل وكثيراً ما حاول القادة الاسرائيليون كسب وده، للفوز بنواب حزبه الذي يمثل حجر الزاوية في الائتلافات الحكومية.
وكان الحاخام الأكبر تعرض في نيسان (أبريل) 2005، لمحاولة اغتيال حيث اعتقلت أجهزة الامن الإسرائيلية ثلاثة من أعضاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لتورطهم في المحاولة.
وأدين موسى درويش في 15 كانون الأول (ديسمبر) 2005 بالشروع في القتل وبإلقاء قنابل حارقة على سيارات على الطريق بين القدس ومعاليه أدوميم. فحكم عليه بالسجن لمدة اثني عشر عامًا وثلاث سنوات تحت المراقبة.
وكان الحاخام عوفاديا ولد في بغداد ويقال البصرة العام 1920 وهاجر مع أسرته الى فلسطين التاريخية، التي كانت واقعة تحت الانتداب البريطاني 1924 وعمره اربع سنوات، واصبح حاخاما في سن العشرين.
مهام في مصر
وفي عام 1947، دعي يوسف إلى القاهرة من قبل الحاخام اهارون شويخا، للتدريس في المدرسة الدينية اليهودية، ثم تولّى رئاسة (محكمة الحاخامية) في القاهرة.
وفي مصر، وجد يوسف أن الالتزام الديني بين المجتمع اليهودي بأسره وقيادته، بما في ذلك الحاخامات المحليون، ضعيف. ومن أكثر الأمثلة على ذلك عدم وجود أي نظام للكشروت، الأمر الذي أدى إلى الصراع بينه وبين أعضاء آخرين في المجتمع.
وفي أعقاب هذه الأحداث استقال يوسف من منصبه، بعد عامين من وصوله إلى القاهرة، وبعد ذلك بسنة واحدة تقريبًا، عاد إلى إسرائيل.
بعد عودته إلى إسرائيل خدم في المحكمة الحاخامية في بتاح تكفا، وفي 1951-1952، نشر كتابه عن قوانين عيد الفصح اليهودي بعنوان (عوفاديا تشازون).
ولاقى الكتاب ثناءً كبيراً وحصل على موافقة من كبار الحاخامات في تلك الفترة، في عام 1970، حصل عوفاديا يوسف على جائزة إسرائيل لأدب التوراة.
كبير الحاخامات
وعين عوفاديا في محكمة الاستئناف اليهودية العليا في القدس، ثم أصبح كبير حاخامات السفارديم في تل أبيب في عام 1968، ثم تم انتخابه كبيراً لحاخامات السفارديم (اليهود الشرقيين) في إسرائيل في عام 1973.
والحاخام عوفاديا هو أيضاً الزعيم الروحي لحزب شاس السياسي الممثل في الكنيست الإسرائيلي ويحظى بالتبجيل، وخاصة في مجتمعات السفارديم والمزراحيين ويعتبره الكثيرون أهم شخصية دينية في الجيل الحالي، وهو مصدر الفُتيا الدينية.
طوال حياته سعى عوفاديا يوسف لتحسين أوضاع اليهود السفارديم والمزراحيين في دولة إسرائيل. وهو يؤمن بأن التصويت في الانتخابات البرلمانية، والمشاركة في الحياة السياسية هو المفتاح لتحسين تلك الأوضاع. من خلال زعامته الدينية لحزب شاس، كانت له العديد من المواقف المثيرة للجدل في السياسة الإسرائيلية.
وقد ألف الحاخام 39 كتابًا تتعلق بالقانون الديني، اصبحت من اهم المصادر المعاصرة والتي يحترمها اليهود في كافة انحاء العالم.
وقد رفع يوسف التمييز عن quot;السفارديمquot;، وهم اليهود من اصول شرقية، الذين يمثلون نحو نصف السكان في اسرائيل، والذين لطالما عانوا من المؤسسة quot;الاشكينازيةquot;، أي اليهود الغربيين بما في ذلك في اوساط اليهود المتدينين.
ذاكرة قوية
وكان معروفاً عن عوفاديا ذاكرته القوية، وقد اتبع منهجاً ليبراليًا نسبيًا في المسائل الدينية، حيث سمح لزوجات الجنود الاسرائيليين، الذين قتلوا في حرب تشرين الاول (اكتوبر) 1973، والذين لم يتم العثور على جثثهم بالزواج مرة اخرى، واعترف بيهودية اليهود الاثيوبيين (الفلاشا) وهي مسألة اختلف عليها حاخامات آخرون.
كما دعم انشاء حزب ديني لليهود المتشددين الشرقيين عام 1984، هو حزب quot;شاسquot; الذي حقق اختراقًا كبيرًا في الانتخابات. وحصل الحزب الذي اصبح يوسف زعيمه الروحي على 17 مقعداً في البرلمان (الكنيست) من اصل 120 مقعدًا. وبقي في السلطة من دون انقطاع تقريباً، واصبح جزءًا هامًا من كافة القرارات السياسية الكبرى على مدى ثلاثين عامًا.
ولكن عام 1993، شهد تعرض يوسف لانتقادات من اليمين المتطرف، عندما امتنع عن التصويت في الكنيست على اتفاقيات اوسلو مع الفلسطينيين. واكد وقتها أن quot;الحياة اهم من الاراضي (الفلسطينية)quot; أي قبول فكرة القيام بتنازلات عن الاراضي من اجل السلام. ولكنه تبنى بعد ذلك مواقف اكثر تشددًا بضغط من قاعدته اليمينية.
وأثار فضيحة عندما قال إن ضحايا المحرقة اليهودية هم انبعاث لأرواح خاطئة، تم بعثهم مرة أخرى للتكفير عن اخطائهم وابتعادهم عن التوراة. وكثيرا ما كان يوجه اهانات لخصومه السياسيين ووصفه للعرب بأقبح الالفاظ. حيث قال في احدى عظاته في القدس عام 2001 quot;انهم يتكاثرون كالنمل.. تبًا لهم فليذهبوا الى الجحيمquot;.
داعية كراهية
وإلى ذلك، فإن الحاخام عوفاديا يوسف يعتبر من دعاة الكراهية، ففي أحد دروسه الدينية في أيار (مايو) 2000 قال quot;إن العرب صراصير يجب قتلهم وإبادتهم جميعاquot;، ووصفهم بأنهم أسوأ من الأفاعي السامة.
وفي آب (أغسطس) 2004 قال عوفاديا يوسف في خطبة بثتها الفضائيات الإسرائيلية إن quot;اليهودي عندما يقتل مسلمًا فكأنما قتل ثعباناً أو دودة ولا أحد يستطيع أن ينكر أن كلاً من الثعبان أو الدودة خطر على البشر، لهذا فإن التخلص من المسلمين مثل التخلص من الديدان أمر طبيعي أن يحدثquot;.
وظهر بعدها على القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي وأعاد كلامه مع تأصيله من وجهة النظر اليهودية، زاعمًا أن الدين اليهودي يحث على التخلص من كل من يسكن فلسطين، وأنه جاء في التلمود quot;إذا دخلت المدينة وملكتها فاحرص على أن تجعل نساءَها سبايا لك ورجالها عبيداً لك أو قتلى مع أطفالهمquot;.
وفي إطار محاولته لإعطاء صبغة دينية على الأحداث التي يشترك فيها الإسرائيليون زعم في تقارير أوردتها صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية في الحرب الأخيرة على غزة أن امرأة حسناء قال إنها راحيل والدة النبي يوسف (عليه السلام) كانت تساعد الجنود الإسرائيليين في حربهم وإرشادهم إلى مكان مقاتلي حركة حماس.