حذر تقرير بريطاني من استمرار تدهور أوضاع حقوق الإنسان في السودان فضلاً عن انتهاكات الحرية الدينية وتفاقم الصراع القبلي.


عبر تقرير لوزارة الخارجية البريطانية عن القلق لتصاعد التظاهرات العنيفة في العاصمة السودانية الخرطوم والعديد من المدن الأخرى في أواخر ايلول (سبتمبر) إضافة إلى التسيب القانوني في دارفور. وقال التقرير إن أوضاع حقوق الإنسان في السودان تدهورت بشكل ملحوظ خلال الفترة بين شهري إبريل ويونيو 2013، ويعزى ذلك بشكل كبير إلى اشتداد الصراع وانعدام الأمن.

ولفت التقرير الى ازدياد حدة القتال بين حكومة السودان والجبهة الثورية السودانية، حيث شنت الجبهة في نهاية شهر نيسان (أبريل) الماضي هجوما كاسحا على بلدات أم روابا في شمال كردفان وأبو كرشولا جنوب كردفان.

ووفقا لإحصائيات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، فقد شُرِّد 63.000 شخص جراء هذا القتال. ووردت تقارير من جماعات حقوق إنسان محلية تفيد بأن جنود الجبهة الثورية السودانية نهبوا المدن وقتلوا عددا غير معروف من المدنيين.

وفي شهر حزيران (يونيو)، قصفت قوات الجبهة العاصمة كادوغلي في عدة مناسبات وأصابت مجمَّعاً للأمم المتحدة وقتلت أحد افراد قوات حفظ السلام وأصابت أيضا استادا أثناء استضافة بطولة إقليمية. وقد أصدر وزير شؤون أفريقيا، مارك سيموندز، بيانا أدان فيه الاعتداء.

تشريد الآلاف

وقال التقرير البريطاني إنه في تلك الأثناء واصلت القوات المسلحة السودانية حملة القصف الجوي التي تقوم بها على جنوب كردفان والنيل الأزرق حيث وردت تقارير موثوقة عن تضرر مراكز إسكان مدنية.

كما أفادت مجموعات حقوق إنسان بأن حكومة السودان مستمرة في الاعتقال من دون توجيه تهمة لمدنيين يشتبه بانتمائهم إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان - قطاع الشمال، وذلك في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في جنوب كردفان والنيل الأزرق.

وقد جاء في التقييم الحالي للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بأن عدد الذين تشردوا أو تضرروا من القتال في الولايتين الحدوديتين ربما وصل إلى 907.000 في جنوب كردفان وإلى 158.000 في النيل الأزرق، إلا أنه من المستحيل التحقق من هذه الأرقام من دون دخول طرف محايد إلى المنطقتين. وتفيد المفوضية السامية أيضا بوجود 223.000 لاجئ سوداني حاليا في جنوب السودان وإثيوبيا فروا من القتال في جنوب كردفان والنيل الأزرق.

وفي أبيي، قتل في 4 مايو كوال دينق مجوك، زعيم قبائل دينكا نقوك، وأحد أفراد حفظ السلام التابعين لقوة الأمن الموقتة لمنطقة أبيي حين هاجم رجال مسلحون في منطقة بالوم القافلة الدولية. وأصدر وزير شؤون أفريقيا سيموندز بيانا أعرب فيه عن قلقه الشديد وحث جميع الأطراف على ضبط النفس.

وضع دارفور

واما في دارفور، فقد اشار تقرير الخارجية البريطانية الى ان انعدام الأمن ادى الى تفاقم تهجير أعداد هائلة، حيث قدرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أعداد المهجرين داخليا منذ بداية السنة بأكثر من 300.000 شخص، فرَّ من بينهم 27.000 إلى تشاد بينما لجأ 3.500 إلى جمهورية أفريقيا الوسطى. وقد حصل ذلك نتيجة عدد من العوامل، من بينها الاقتتال بين الأهالي على الموارد، والاشتباكات بين الحكومة وقوات الحركات المسلحة، لا سيما في أجزاء من شمال وجنوب ووسط كردفان.

وقال انه ما زال الوصول إلى الأهالي المتضررين جراء القتال في دارفور محدودا بسبب التوجيهات الجديدة الخاصة بالعمل الإنساني التي أصدرتها حكومة السودان في شهر مارس وحدّت فيها تماما وصول المنظمات الإنسانية الدولية وموظفيها إلى مناطق الصراع.

الحقوق السياسية

ونبه التقرير الى انه لم تطرأ تحسينات حقيقية على الحقوق السياسية والمدنية خلال فترة إعداد هذا التقرير. وفي الأول من إبريل القى الرئيس عمر البشير خطابا إيجابيا دعا فيه إلى حوار وطني مع جميع قوى المعارضة وأمر بإطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين. غير أنه لم يطرأ أي تقدم حيال تطبيق هذا النهج الجديد.

وفي تطور آخر، أصدر نائب الرئيس، علي عثمان طه، تعليمات برفع الرقابة على ما تنشره الصحف. ومع ذلك، وبعد صدور تعليماته، علَّقت أجهزة الأمن بشكل موقت صدور ثلاث صحف على الأقل بسبب ما نشرته من أخبار.

ومن التطورات المقلقة الأخرى الأحكام بقطع اليد التي أصدرتها في شهر يونيو محكمة في الفاشر، شمال دارفور، على ثلاثة رجال بسبب السرقة. ولم تنفذ الأحكام حتى الآن. وتفيد منظمات حقوق الإنسان أيضا بأن محكمة النظام العام في الخرطوم فرضت غرامة مالية في شهر يونيو على طالبة لارتدائها بنطالاً.

الحريات الدينية

وحسب التقرير، فقد تعرَّضت الحريات الدينية إلى الخطر مع ظهور توجه نحو عدم التسامح. ومنذ سبتمبر 2012، طرد ما لا يقل عن 215 مسيحيا أجنبيا من السودان وصادرت أجهزة الأمن ممتلكات البعض منهم داخل البلاد.

وهناك أمثلة كثيرة أيضا على مضايقة الكثير من المسيحيين السودانيين والسودانيين الجنوبيين واعتقال اجهزة الأمن لبعضهم أحيانا، إضافة إلى إغلاق أو هدم بعض الكنائس. وقد أثار موظفو وزارة الخارجية البريطانية الشعور بقلق شديد حول هذا المنحى مع كبار المفاوضين في حكومة السودان.

وفي الختام، لفت التقرير إلى قيام خبير حقوق الإنسان في السودان المستقل التابع للأمم المتحدة، البروفيسور مشهود بادرين، بزيارة البلاد بين 16 ndash; 19 حزيران (يونيو). وقد عرضت حكومة السودان التعاون معه أثناء زيارته فسافر إلى عواصم الولايتين في جنوب دارفور والنيل الأزرق، وإلى أجزاء من شمال كردفان. والتقى مسؤولو السفارة البريطانية مع الخبير المستقل خلال زيارته ليعرضوا عليه الرأي قبل رفعه تقريره إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أيلول (أيلول) 2013.