احتدم الجدل في العراق حول إعلان وزير العدل إنجاز مسودتي مشروع قانون الأحوال الشخصية الخاص بالمذهب الجعفري، ومشروع قانون القضاء الشرعي للمذهب ذاته، ما اعتبره الكثيرون تقسيمًا للبلاد.


بغداد: أعرب مواطنون عراقيون من مختلف الطوائف عن عدم رضاهم على ما اعلنه وزير العدل العراقي حسن الشمري بخصوص قانون الاحوال الشخصية وقانون القضاء الخاصين بالمذهب الجعفري، بديلًا عن قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959، مؤكدين أن مثل هذه الاجراءات تكرس الطائفية، وتزرع بذور التقسيمات في العراق، فيما اشار آخرون إلى أن الاعلان عن هذين القانونين في هذا الوقت يخدم اغراضًا انتخابية.

وكان وزير العدل أكد أن مسودتين للقانونين تم إعدادهما اعتمادًا على فقه الشيعة الإمامية الاثني عشرية، وبالأخص ما تضمنته الرسائل العملية من أحكام فقهية استنبطها مراجع الشيعة من المصادر التشريعية المعتبرة.

فتيل الاقتتال الطائفي

أبدى عبد الزهرة البهادلي، موظف في وزارة الثقافة، استغرابه، quot;فالقوانين النافذة حاليًا في مجال الأحوال الشخصية تفي بالغرض، ومشروعا القانونين المقترحين غير مبررين في كل الأحوال، إلا إذا أريد بهما الدعاية السياسية الانتخابية، ولا أحسب أنهما سيؤديان هذا الغرض الدعائيquot;.

أما سهيل حافظ، صاحب متجر، فقال: quot;اعتقد أن مثل هكذا قوانين في الوقت الحاضر تؤجج مشاعر المذاهب والقوميات الأخرى، وتتناقض مع وثيقة السلم الاهلي، التي تدعو إلى دولة المواطنةquot;. ووصفت الكاتبة لطفية الدليمي القرار بأنه إجراء يشعل فتيل الاقتتال الطائفي، quot;والتفاف على قانون الاحوال الشخصية، وضربة قاصمة للدولة المدنيةquot;.

من جانبه، يعتقد المحامي عبد الكريم عبدالله أن العراقيين بحاجة إلى قانون أحوال شخصية مدني يجمعهم ولا يفرقهم، ويستند إلى المواطنة قبل الطائفة، وإلا فإن ما يجري هو تكريس لفكرة أن الطائفة قبل الدولة وتتقدم عليها.

من جانب آخر، أيد المواطن حسن فليح، الموظف في وزارة التعليم، هذا القانون الجديد قائلًا: quot;سواء رفضنا أم قبلنا، فالمذاهب متخلفة، وكل واحد منها يتعامل وفق ما انتجه إمامه، ومن حق أهل المذهب الجعفري اقرار ما يفيدهم كما يحق لغيرهم ذلك، ولا اعتقد أن الامر تأجيج للطائفية، المؤججة من عشر سنواتquot;.

وقال الكاتب عبدالحسين بريسم: quot;لعقود طويلة نشرع الاحوال الشخصية لمذاهب غير مذاهب اهل البيت عليهم السلام، ولم يتكلم احد، والآن اصبح هذا من الدعاية الانتخابية، فلماذا لا يكون هذا ضمن التعددية في العراق؟quot;.

مذهبة القضاء

من جانبه، قال المهندس ابراهيم البهرزي إن القانون المشرع منذ العام 1959 كان يتيح للعراقي أن يتزوج وفقاً لأي مذهب يشاء، quot;ولا اظن قاضيًا اجبر زوجين على تسجيل عقد نكاحهما على مذهب غير ما يريدان طوال تلك السنين من عمر دولتنا المدنية، التي اتضح أنها كانت كافرة!quot;.

أضاف: quot;اقرار هذا التشريع سيتبعه تشكيل مجلسين للقضاء، سني وشيعي، وتشكيل وزارتين للعدل، سنية وشيعية، وتقسيم القضاة إلى سنة وشيعة، وظهور أي متعلقات مدنية في المشاكل الشرعية، وسيتطلب إحالة حتى القضايا المدنية إلى قضاة شيعة أو سنة بحسب مقتضى الحال، وبعده سيكون كل القضاء ممذهبًا، وسيكون تثبيت هذا القانون مبررًا لمذهبة كل التشريعات والقوانين المرعية، ويتبعها مذهبة القضاء الاداري ايضًاquot;.

لكن النائب عن ائتلاف دولة القانون حسن الياسري أكد أن قانون الاحوال الجعفري يستند بشكل كامل على الدستور. وقال: quot;مسألة الاحوال الشخصية تختلف عن المسائل القانونية الأخرى لأنها لا تتخذ ابعادًا قانونية بحتة، فهي ذات بعد ديني وشرعي، وقانون الاحوال الشخصية النافذ مأخوذ من الشريعة الاسلامية بكافة مذاهبها، ما خلا تعديلات بسيطة اجراها النظام السابق، ما جعل القانون شبيهًا بالخلطةquot;.

وأضاف: quot;قانون الاحوال الشخصية الجعفري ينفي الكثير من الاشكاليات الشرعية التي وقع فيها القانون الحالي، ويتيح لمن يرغب بالزواج أن يختار في نص العقد المذهب أو الدين أو الاعتقاد الذي يود التعامل به، ما يكفل حرية الاختيار للجميع من دون استثناءquot;.