أثار مشاركون في منتدى الإتحاد الإعلامي مسائل متعلقة بالدولة الوطنية في ضوء مؤامرات تقسيم المنطقة العربية، وعرضوا لمسألة التباس الإسلام السياسي في فهم الدولة، مؤكدين أن تماسك الشعب والقيادةيساعد على تجاوز الفتن الطارئة في دول الربيع العربي وغيرها.


أبوظبي: انطلقت أمس الأحد فعاليات منتدى جريدة الاتحاد الثامن الثقافي والإعلامي، الذي يسلط الضوء هذه المرة على مستقبل الدولة الوطنية في العالم العربي، بحضور كوكبة من المفكرين والباحثين والصحافيين من مختلف المؤسسات الإعلامية والبحثية العربية، ومن بينها quot;إيلافquot;، إلى جانب محمد أحمد المر رئيس المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي، ومحمد المزروعي أمين عام المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي، والدكتور علي راشد النعيمي مدير جامعة الامارات، ومحمد الحمادي رئيس تحرير جريدة الاتحاد، وراشد العريمي عضو المجلس الاستشاري للمجلس الوطني للإعلام بالإمارات، والدكتور علي بن تميم رئيس موقع 24 وأمين عام جائزة الشيخ زايد للكتاب، والسيد ياسين مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، والباحث السياسي عمار علي حسن.

المتطرفون والتفتيت

قال الحمادي في افتتاح جلسات المنتدى في ورقته بعنوان quot;مفهوم الوطنية ودلائل الانتماء للوطنquot; إن موضوع المنتدى يأتي في مرحلة تموج فيها المنطقة بحراك خطير دخل الآن عامه الثالث، وعلت خلاله أصوات المتطرفين وظهرت دعوات التفتيت والتجزيء، quot;ما أسفر عن توترات وتراجعات أعادت بعض الدول إلى الوراء سنوات وربما عقودًا، ومن هنا تأتي أهمية رصد مصادر تهديد الوحدة الوطنية ومخاطر الحركات المتطرفةquot;. وأضاف أن الدولة التي تتمتع بتماسك اجتماعي وتلاحم بين شعبها وقيادتها قادرة على التصدي لفتن الإسلام السياسي وحركاته وتنظيماته المعادية للأوطان والمتاجرة بالدين.

ونوّه الحمادي بضرورة التأكيد على مفهوم الوطنية ودلائل الانتماء للوطن، ودرء أي خطر يثير النعرات الطائفية والمذهبية في ظل التطورات المتسارعة في منطقتنا، quot;فتلك مهمة ليست سهلة كونها تتطلب عملًا متكاملًا وممنهجًا تشارك فيه كل مؤسسات الدولة من تعليم وإعلامquot;، مشيرًا إلى أهمية وعي الشعوب بضرورة تماسك أوطانها في وجه مهددات تطال سلامتها.

تابع: quot;ليس هناك ما هو أفضل من تعزيز أسس التكامل الوطني وتحقيق التنمية الشاملة، لأن قوة الأوطان تنبع من داخلها ومن سواعد أبنائها وحبهم لوطنهم ورفضهم للتيارات المغرضة وإدراكهم لأهمية الاستقرار والتنميةquot;.

فشل الوحدة

في الجلسة الأولى للمنتدى، التي حملت عنوان quot;الدولة الوطنية المفهوم والأساسquot; وأدارها العريمي، قال المر في ورقته quot;مفهوم الدولة الوطنية ودلائل الانتماء للوطنquot; إن فكرة الدولة الوطنية تعود إلى القرن التاسع عشر، وقبلها كانت إمبراطوريات في أوروبا، وبعدها تطورت ظاهرة الدولة الوطنية بفعل عوامل أدت إلى ظهور دولة وطنية حديثة، مرت بمراحل كثيرة، quot;فثمة دول كبريطانيا وفرنسا سبقت غيرها في مجال الدولة الوطنية، وهناك دول تكونت عبر الشعور الوطني مثل إيطاليا وألمانيا، ومع بداية النظام الرأسمالي تشكلت دول على أساس وطني، والدول التي ظهرت بعد ذلك أخذت منحى الدولة الوطنية الحديثة القائمة على منطق السيادة في القانون الدوليquot;.

وبحسب المر، مر العالم العربي بتجربة مختلفة، إذ خضع لأكثر من قرن ونصف لتأثير السلطان العثماني ثم القوى الاستعمارية بعد ذلك سواء من أجل الاحتكار أو الحماية من خلال سيطرة واستنزاف ثروات الشعوب في أفريقيا وآسيا. أضاف: quot;السبب في فشل تجارب وحدوية عربية يعود إلى أن الدول الوطنية نفسها لم تكن متكاملة من جميع النواحي، فهناك مشكلة تتعلق بإخفاق التجارب الاقتصادية حيث تم تحويل بعض الدول العربية من الاقتصاد الرأسمالي إلى التخطيط المركزي، وغيرها من المحاولات التي لم تكن جيدة، والفشل في إدارة الملف الاقتصادي أدى إلى التقوقع ومن ثم التعصب، الذي اتجهت فئات مذهبية وعرقية إليه كي تحصل في مجتمعاتها على خدمات، وفي لبنان يتم الاتجاه إلى أحزاب للقيام بهذا الدورquot;.

تقسيم المنطقة

وأشار المر إلى أن خريطة نشرت في صحيفة أميركية تتحدث عن تقسيم دول المنطقة، بما فيها دول خليجية، quot;وهذا يدفع باتجاه التأكيد على أهمية الدولة الوطنية، فالتعاون العربي لن يتم إلا من خلال دولة وطنية مؤسساتية فاعلة قائمة على احترام جميع أطياف المجتمع، والدولة الوطنية مهددة في العالم العربي، لأن ما يرسم لنا في المحافل الدولية يثير القلق، وهناك دول كبرى تسعى لتحقيق مصالحها وليس تحقيق معانٍ ساميةquot;.

وذكر المر أن الإسلام السياسي يعاني من التباس في فهم الدولة الوطنية، quot;فهو ينظر بريبة للدولة ومنهم من يرفضها، وهناك من يرى الدولة الوطنية خطوة أولى نحو الخلاص، وهناك من يتحدث بشكل استفزازي عن الدولة، كأحد قيادات الإسلام السياسي الذي قال (طز في مصر)، فهؤلاء لديهم نظرة سلبية تجاه الدولة الوطنيةquot;.

أضاف: quot;لا بد من احترام العلم الوطني والنشيد الوطني والمكتسبات الوطنية، وهذه أمور لا توجد حاجة لتأكيدها عند معظم الدول، لكن في بعض الدول العربية التي تعاني من تشظ طائفي وعرقي تحتاج إلى تماسك وطني، تجد سلوكيات من هذا النوع.. ولابد من الاهتمام بشكل متساوٍ بكافة طوائف المجتمع وفئاته، وهذا التعدد يشكل تحديًا أمام الدولة الوطنيةquot;.

الربيع العربي وتطبيق الشريعة

من جهته، حذر ياسين من أن الإسلام السياسي ليس مجرد دعوة لتطبيق الشريعة، بل هو برنامج كامل لاستعادة الخلافة وعدم الاعتراف بالحدود بين الدول، مبينًا أن هذا المفهوم نقيض للوطنية. أضاف: quot;الثقافة الوطنية تحتاج إلى تشريح للكشف عن سلبياتها، وليست هناك دول انهارت بسبب ثورات الربيع العربي، فالذي انهار حقيقة هو نظم سياسية شمولية أو سلطويةquot;.

وأشار النعيمي في ورقته quot;حول خطورة الأبعاد الدينية والمذهبية على التماسكquot; إلى أن ليس كل تنوع ديني أو عرقي يشكلخطراً على الدولة الوطنية، quot;فالعالم العربي يشهد حالًا من الفرز الديني والمذهبي منذ الغزو الأميركي للعراق، ومن بعده ثورات ما يعرف بالربيع العربي، لافتًا إلى أن العامل الخارجي يؤجج التوتر الطائفي، quot;لكن هذا يحدث عندما تتوافر أبعاد داخلية تثير هذا التوترquot;.