في وقت بدأت شعبية الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند تتراجع، بعدما أضرّ بسمعته بطريقة سخيفة خلال الأيام القليلة الماضية، بدأ اسم وزير الداخلية مانويل فالس يبرز على الساحة، لدرجة أن وسائل إعلام محلية بدأت تراه السياسي الأكثر شعبية في فرنسا الآن.


مانويل فالس الوزير الفرنسي الأنيق الوجيه كان ضيفًا على محطة يوروب 1 الإذاعية، وبدا أن مهمته منصبّة على الدفاع عن الرئيس هولاند، خاصة في ظل الوضعية الصعبة، التي يعانيها الاقتصاد الفرنسي، وعدم قدرته على اتخاذ قرارات حاسمة في العديد من القضايا، إلى جانب تعرّض ما تبقى له من سلطات للخطر، بسبب واقعة ترحيل الفتاة الغجرية ليوناردا ديبراني.

هذه الواقعة حدثت حين أجبرت الشرطة الفرنسية تلك الفتاة، التي تبلغ من العمر 15 عامًا، على النزول من حافلة مدرسية أمام زملائها، ثم ترحيلها مع أسرتها إلى كوسوفو، مسقط رأس والدها، وذلك بعدما تم رفض طلب اللجوء الخاص بالعائلة. وهو ما كان سببًا في إثارة غضب اليسار. بينما دافع فالس، من جانبه، عن الإجراءات التي قامت بها الشرطة.

وأشارت مجلة دير شبيغل الألمانية في تقرير لها بهذا الخصوص إلى أن هولاند تعامل مع تلك المشكلة بأسوأ الخيارات المتاحة أمامه. فبدلًا من أن يعلن أن الأسرة سيسمح لها بالعودة، أو يؤكد قانونية قرار الترحيل، خرج في بيان تلفزيوني من داخل قصر الإليزيه ليعلن أن ليوناردا وحدها فقط، دونًا عن أسرتها، هي من سيسمح لها بالعودة.

دفاع مستميت
وفي خضم حملات الانتقادات اللاذعة، التي طالت هولاند عقب الخطاب، سعى فالس في مقابلته الإذاعية إلى الدفاع عنه قائلًا quot; أعتقد أن الانتقادات الموجّهة إلى الرئيس غير عادلة تمامًاquot;، وظل على هذا المنوال، حتى قاطعه المذيع في إحدى الأجزاء ليقول له quot;أعتقد أنك تبلي بلاءً حسنًا هنا اليومquot;.

وتظهر استطلاعات الرأي أنه في الوقت الذي تراجعت فيه شعبية هولاند إلى مستوى تاريخي هو 23 %، تبيّن أن فالس يحظى بشعبية جيدة، تم تقديرها بنسبة 56 %. كما ذهبت مجلة Le Nouvel Observateur الأسبوعية الفرنسية إلى حد وصف فالس على غلاف أحد أعدادها بـ quot;نائب الرئيسquot;، رغم عدم وجود مثل هذا المنصب هناك. كما أشار استطلاع رأي حديث إلى أن فالس أوفر حظًا من هولاند في انتخابات الرئاسة عام 2017.

هذه الأمور تسببت في إثارة حسد زملائه الاشتراكيين، لاعتقادهم بأن أحد مصادر شعبيته هو تجاهله التام للتيار التقليدي الخاص باليسار الفرنسي. وفي كثير من الجوانب، يختلف فالس قليلًا عن سابقيه المحافظين، ومن أقواله quot;لا علاقة للأمن باليسار أو اليمينquot;.

اللافت كذلك، بحسب دير شبيغل، هو أن هولاند يعلم أنه لا يستطيع أن يستغني عن وزيره الوحيد، الذي لا يزال بمقدوره حشد الحماسة. فهو يريد من فالس أن يدرأ الجبهة الوطنية الشعبوية اليمينية، التي قد تصبح القوة الأبرز في الانتخابات الأوروبية والمجتمعية عام 2014.

شخصية لافتة
ثم مضت المجلة تشدد على حقيقة امتلاك فالس شخصية مميزة، من خلال جديته في العمل وخارج العمل، موضحةً أنه أب لأربعة أطفال، وأنه خاض تجربة زواج سابقة، وأنه متزوج منذ ثلاثة أعوام الآن بعازفة الكمان الجذابة آنا غرافيون. وقبل أن يصبح وزيرًا، كان يعمل رئيسًا لبلدية مدينة إيفري، التي تقع على مشارف العاصمة الفرنسية باريس.

ورغم حبه الشديد لفرنسا، إلا أنه يحرص على إظهار اعتزازه بأصوله، ولم يسبق له أن حاول إخفاءَها، حيث ولد في برشلونة من أب كاتالوني وأم سويسرية، ولم يحصل على الجنسية الفرنسية إلا عندما بلغ من العمر 20 عامًا.