اتهم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أعضاء في الكونغرس انتقدوا سياساته بالتأثر بما أسماه حملات الدعاية المضادة التي تشن ضد العراق، مؤكدًا أن بلاده قد اختارت طريقًا لا عودة عنه للديمقراطية والتعددية، بينما أكد نائب الرئيس الأميركي بايدن التزام بلاده بدعم العراق في مواجهة التحديات وتلبيتها لحاجات العراق في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، واعتبر الجماعات الإرهابية عدوًا مشتركاً لكل من واشنطن وبغداد.


لندن: بحث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في اليوم الثاني من زيارته للولايات المتحدة التي تستغرق خمسة ايام، وخلال سلسلة اجتماعات مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب السيناتور روبرت منينديز وايد رويس وعدد من أعضاء الكونغرس، سبل تطوير العلاقات العراقية الأميركية في جميع المجالات، حيث أوضح القواعد التي تقوم عليها العملية السياسية في العراق وطبيعة المشاكل التي تواجهها.

وأشار المالكي إلى تأثر بعض أوساط الكونغرس بحملات الدعاية المضادة التي تشن ضد العراق، وقال إن العراق اختار طريق الديمقراطية والتعددية والمشاركة وهو ماضٍ به ولا سبيل للعودة عنه، وبيّن أن العراق اليوم يدار بصورة مشتركة من حكومة ومجلس نواب وإدارات تشارك فيها جميع مكونات الشعب العراقي. وجاء كلام المالكي هذا ردًا على اتهامات لأعضاء من مجلس الشيوخ الأميركي في رسالة وجهوها إلى الرئيس بارك أوباما متهمين المالكي بقيادة بلاده إلى حرب أهلية جديدة.

وقال مسؤولون في لجنتي الشؤون الدفاعية والخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، وهم الديمقراطيان كارل ليفين وروبرت مينينديز والجمهوريون بوب كوركر وجيمس إنهوف وليندسي غراهام، في رسالة إلى الرئيس أوباما نشرتها وسائل اعلام أميركية، إن سوء إدارة المالكي للسياسة العراقية تساهم في عودة موجة العنف الطائفي إلى العراق، والتي كان عانى منها خلال العقد الماضي بين عامي 2006 و2007 وراح ضحيتها آلاف من العراقيين.

وأشاروا في تحذير وصف بالحاد إلى أنّ المالكي يساهم من خلال سياساته الحالية في الانزلاق نحو العنف الطائفي الدائر في الجارة سوريا. وأشاروا إلى أنّه يسيء معاملة ابناء الطائفة السنية في البلاد، الامر الذي يدفعهم نحو التطرف، وحذروا من أن هذه السياسات نفسها هي التي دفعت العراق نحو الحرب الأهلية سابقًا وأكدوا مخاوفهم من أن يلقى العراق المصير نفسه مجدداً.

وقد شدد المالكي خلال الاجتماع على وجود حاجة حقيقية لتقوية التفاهم ومضاعفة التواصل مع الولايات المتحدة من أجل بناء علاقات صداقة حقيقية تقوم على الوضوح بعيدًا عن التشويه، بحسب ما نقل عنه بيان صحافي لمكتبه الاعلامي.

بايدن: نعمل لتلبية حاجات العراق لمكافحة الإرهاب

وخلال اجتماعه مع نائب الرئيس الأميركي جو بادين في مقر إقامته بواشنطن الليلة الماضية، فقد أكد الجانبان على ضرورة العمل لتطوير التعاون والتنسيق بين البلدين بما يعزز اواصر الصداقة والشراكة بينهما، واتفقا على أن علاقات التعاون والتقارب بين العراق والولايات المتحدة تعد أمرًا لا غنى عنه من اجل استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز فرص السلام فيها.

وأكد المالكي أن المضي في تطبيق اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين الجانبين والموقعة عام 2008 سيعزز الشراكة ويحقق مصلحة البلدين والمنطقة، وأضاف أن تلاحم العراقيين ودعمهم لخطط الحكومة والعمليات العسكرية الجارية ضد القاعدة والجماعات الإرهابية أعاد الثقة للعراقيين وجعلهم أقدر على تخطي الصعاب ومواجهة الأعاصير التي تعصف بالمنطقة، مشيرًا إلى الأحداث الجارية بالمنطقة وانعكاساتها على الأوضاع في العراق.

من جانبه، أكد بايدن التزام الولايات المتحدة بدعم العراق في مواجهة التحديات خصوصًا الإرهاب، وشدد على أن الإدارة الأميركية تعمل لتلبية حاجات العراق في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، واعتبر الجماعات الإرهابية عدوًا مشتركًا لكل من العراق والولايات المتحدة، ونوّه بالتقدم الذي تحرزه الحكومة على الصعيد الداخلي لاسيما التقارب الحاصل بين مختلف التكتلات السياسية، بالإضافة إلى التطورات الإيجابية على صعيد العلاقات الخارجية، مشيراً إلى تطور علاقات العراق مع مختلف دول العالم ولاسيما الدول المجاورة. وأشار بايدن إلى الرسالة الاخيرة لبعض اعضاء الكونغرس الموجهة للرئيس الأميركي باراك اوباما والتي تنتقد ممارسات المالكي معتبرًا أن ذلك مرتبط بالخلافات الأميركية - الأميركية.

وعقب الاجتماع، قال مسؤول أميركي إن واشنطن تريد مساعدة العراق على مكافحة شبكة القاعدة quot;بشكل فعّالquot; بما في ذلك عبر تقديم معدات عسكرية. وأضاف مؤكداً quot;نريد مساعدة العراقيين على استهداف هذه الشبكات بشكل دقيق وفعّالquot;. وأوضح أن العراق طلب انظمة تسلح (أميركية وقد وافقت واشنطن على ذلك). وأضاف أن القوات العراقية غير قادرة على التصدي للقاعدة بشكل فعّال، ولذلك يجب توفير السلاح للعراقيين لقتال الشبكات الإرهابية بشكل فعّال.

وأكد المسؤول الأميركي أن تسليم مقاتلات اف-16 للعراق يمضي حسب المقرر في الخريف المقبل، وأن العراق اودع حديثًا قسطًا بحوالي 650 مليون دولار بشأن الطائرات. وأشار إلى أن مسألة هذه الطائرات لم تطرح اثناء لقاء المالكي وبايدن اليوم. وكان العراق وقّع عقداً مع الولايات المتحدة العام الماضي لشراء مجموعته الثانية من مقاتلات اف-16 التي تضم 18 طائرة في اطار صفقة لشراء 36 مقاتلة من هذه الفئة لإعادة بناء سلاحه الجوي.

ويشهد العراق حاليًا موجة هجمات متصاعدة منذ نيسان (ابريل) الماضي، حيث قتل حوالي 600 عراقي منذ بداية الشهر الحالي، ومصرع اكثر من 5350 شخصاً منذ بداية العام الحالي 2013. ومن المنتظر أن يجتمع المالكي اليوم الخميس مع كل من وزير الدفاع الأميركي تشوك هيغل ورئيس هيئة الاركان المشتركة مارتن ديمبسي ومسؤولين آخرين من وزارة الدفاع الأميركية.

وسيلتقي المالكي مع الرئيس اوباما غدًا الجمعة لإجراء مباحثات تهدف إلى تطوير العلاقات الثنائية وتوسيع آفاق التعاون وفقاً لاتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين البلدين وسبل تعزيز الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب، إلى جانب بحث تطورات الأوضاع في المنطقة وخاصة الازمة السورية. ويترأس المالكي في زيارته لواشنطن هذه وفدًا وزاريًا ونيابيًا كبيراً يضم وزير الخارجية هوشيار زيباري ووزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي وعدداً من اعضاء مجلس النواب.

وتعتبر زيارة المالكي هذه إلى واشنطن الرابعة من نوعها بوصفه رئيسًا للوزراء، حيث كانت الزيارةالاولى في تموز (يوليو) عام 2006 والثانية في تموز عام 2009 بينما كانت الثالثة في كانون الاول (ديسمبر) عام 2011.