نصر المجالي: أكدت محادثات وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع القادة الأردنيين في عمّان يوم الخميس على مجموعة من الحقائق المتعلقة بمسار مفاوضات السلام.
ولعل أهم ما حسمته المحادثات هو الجدل حول دور الأردن في هذه المفاوضات كشريك رئيس باعتباره صاحب مصلحة وطنية عليا، وليس وسيطاً أو مراقباً بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.
وظلت الأوساط السياسية في الأردن تتساءل للأعوام الثلاثة الماضية، منذ المفاوضات التي توقفت بسبب خلافات عميقة حول القضايا الأساسية مثل مرجعية المفاوضات والاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية.
وزير الخارجية الأميركي اعترف بالدور الأردني الفاعل في المفاوضات، حين أكد خلال مؤتمره الصحافي المشترك عصر الخميس مع نظيره الأردني ناصر جودة
أنquot;الاردن ليس مجرد جار أو متفرج في ما يخص عملية السلام انما الاردن طرف اساسي وله مصالح كبيرة في نتائج الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وهو شريك في السلام مع جميع الاطرافquot;.
قضايا الوضع النهائي
من جهته، أكد الأردنيون أمام ضيفهم الأميركي وخاصة خلال لقائه مع الملك عبدالله الثاني على أن الأردن quot;سيواصل العمل والتنسيق مع جميع الأطراف لدعم المفاوضات التي تعالج مختلف قضايا الوضع النهائي، والمرتبطة بمصالح أردنية عليا، وفق جدول زمني واضحquot;.
يشار إلى أن قضايا الوضع النهائي تتضمن الحدود، المياه، اللاجئين، الأمن والقدس، وهذا يعني أن الأردن سيكون له دور في كل واحد من هذه الملفات حتى ختام المحادثات وإعلان الحل النهائي القائم على حل الدولتين، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة على خطوط الرابع من حزيران (يونيو) عام1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي معرض رده على الموقف الأردني الذي عبّر عنه العاهل الهاشمي ووزير خارجيته ناصر جودة، أكد وزير الخارجية الأميركي أن الاردن ليس مجرد جار أو متفرج في ما يخص عملية السلام، إنما الاردن طرف اساس وله مصالح كبيرة في نتائج الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وهو شريك في السلام مع جميع الاطراف.
كما عبر الوزير الأميركي عن تقدير الإدارة الأميركية لجهود الملك عبدالله الثاني على دوره ومشاركاته الخلاقة والكبيرة في عملية السلام واستقرار المنطقة، مستذكراً في هذا المجال الشجاعة التي كان أبداها الملك الراحل الحسين بن طلال في توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل، وجهوده لنحو نصف قرن من الزمن لإحلال السلام الدائم والعادل والشامل في الإقليم.
وقال كيري: إن الملك عبدالله الثاني قدم لنا اليوم، كما لأعوام خلت، العديد من الافكار والاقتراحات الهامة، مؤكدًا حرص الولايات المتحدة على استمرار التواصل والتشاور والتنسيق مع الملك ومع الاردن حيال عملية السلام وقضايا المنطقة.

قلق من الاستيطان
وعلى هامش محادثات كيري في عمّان عبّر له مضيفوه عن قلقهم من الإجراءات الإسرائيلية المستمرة التي تتناقض مع القانون الدولي ومبادىء الأمم المتحدة، حيث أكد الملك عبدالله الثاني، على أن المجتمع الدولي مطالب بممارسة دور أكبر لوقف الإجراءات الأحادية التي تمارسها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لكونها غير شرعية وغير قانونية، وتشكل عقبة حقيقية أمام مساعي تحقيق السلام.
وبالطبع، فإن الإجراءات الأحادية الإسرائيلية المرفوضة تصب جميعها في خانة تصعيد الاستيطان والتعدي المستمر على الأماكن المقدسة في القدس، وخاصة المسجد الأقصى الذي يعتبر الأردن أنه صاحب الوصاية عليه إلى حين قيام الدولة الفلسطينية.
ومن جهته، أكد وزير الخارجية ناصر جودة أهمية الزيارة التي يقوم بها كيري إلى الاردن والتي سبقتها عدة زيارات وتعكس الحرص على التواصل مع الملك ومع الاردن.
واضاف أن quot;جلالة الملك اجرى مع الوزير كيري اليوم مباحثات هامة وواضحة وشاملة حول العديد من القضايا، مشيرًا إلى اتصال هاتفي اجراه كيري مع جلالة الملك قبل ايام حول طبيعة هذه الزيارة إلى المنطقة واهدافها.
كما أكد جودة على أهمية دور الولايات المتحدة من خلال رعايتها للمفاوضات الجارية حاليًا بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي وتواصل الوزير كيري مع لجنة مبادرة السلام العربية وجهودهم المستمرة لتحقيق السلام، مؤكدًا على موقف الاردن بقيادة جلالة الملك المتمسك بحل الدولتين، حيث أن الاردن صاحب مصلحة وليس وسيطاً أو مراقباً.
جدول زمني
ولعل من أبرز ما كشفه الوزير جودة هو إشارته إلى أن اهم ما في المفاوضات أنها محددة بجدول زمني مدته 9أشهر، بدأ في 30 تموز (يونيو) الماضي ودخل في شهره الرابع، داعيًا إلى اهمية وقف الاجراءات الاسرائيلية احادية الجانب.
وحين تحدث عن العقبة الرئيسة التي تعترض مسار المفاوضات، وهي استمرار إسرائيل في سياستها الاستيطانية، قال جودة إن كل العالم يجمع على أن الاستيطان عقبة امام السلام، وهو غير شرعي وغير قانوني، لذلك يجب تسريع المفاوضات لترسيم الحدود التي تضمن وقف الاستيطان.
واعاد جودة التأكيد على اهمية تجسيد حل الدولتين واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة وذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967وعاصمتها القدس الشرقية، استنادًا إلى المرجعيات الدولية ومبادرة السلام العربية، لافتًا إلى أن الاردن يعتبر أن اقامة الدولة الفلسطينية مصلحة وطنية اردنية عليا.
وإلى ذلك، فإن كيري أكد على أهمية مبادرة السلام العربية في الوصول إلى الحل النهائي، فقال إن السلام الذي يضمن لاسرائيل اقامة علاقات مع 57 دولة عربية واسلامية سوف يجعل المنطقة اكثر غنى ويخلق فرصاً اقتصادية لا يمكن تخيلها.
وخلص الوزير الأميركي إلى القول إن من الضروري الحفاظ على هدف التوصل إلى اتفاق بشأن quot;وضع نهائيquot; كامل يعالج القضايا المحورية في الصراع، على عكس بعض الاتفاقات الموقتة التي تعثرت بسبب الجمود الدبلوماسي وسنوات من العنف.