أكد نائب رئيسمجلس الوزراء الكويتي، الشيخ صباح خالد الصباح، خلال كلمته في افتتاح اعمال اجتماع المجلس المشترك لوزراء الخارجية للقمة العربية الأفريقية الثالثة، على اهمية الجوار الجغرافي العربي والأفريقي وما يمثله من عمق تاريخي وإرث بشري حافل، يجعل مصير الإقليمين مترابطًا ومتشابكًا.

فادية الزعبي وكونا:افتتح نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير الخارجية، الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، صباح اليوم، أعمال اجتماع المجلس المشترك لوزراء الخارجية للقمة العربية الأفريقية الثالثة، وأكد في كلمته الافتتاحية على أن الوقت قد حان للارتقاء بالعمل العربي الأفريقي المشترك وتفعيله خدمة لمستقبل شعوب المنطقتين. منبهاً إلى أن في عالم اليوم لم يعد هناك للدول أن تتحرك منفردة، وإنما من خلال التجمعات والكيانات الإقليمية الكبيرة المبنية على الإيمان بالمصالح المشتركة والمنفعة المتبادلة.
وأكد في كلمته التي أعقبت كلمة وزير الخارجية الليبي، محمد عبد العزيز، على أن عقد القمة في الكويت يهدف إلى وضع العلاقات التاريخية الوطنية بين الدول العربية والأفريقية في إطارها الصحيح من اجل العمل على استثمارها في تحقيق مصالح الدول الأعضاء في المنطقتين. خاصة مع وجود إمكانات واعدة في الإقليمين العربي والأفريقي تدل عليها لغة الأرقام. حيث يتجاوز التعداد السكاني للوطن العربي والقارة الأفريقية مجتمعين 1.2 مليار نسمة، مما يشكل نسبة 18% من سكان العالم، مشيرًا إلى أهمية الإمكانات والطاقة البشرية ونمو الناتج القومي المشترك الذي يبلغ 4.25% متفوقاً على النمو في الناتج العالمي والذي يعادل 3%.
أهمية الجوار
وفي حثه على ضرورة التعاون بين الدول العربية والأفريقية، شدد الشيخ ناصر الحمد على أهمية الجوار الجغرافي العربي الأفريقي، وما يمثله من عمق تاريخي وإرث بشري حافل، يجعل مصير الإقليمين مترابطاً ومتشابكًا مما يستوجب تعاونًا مشتركًا أوثق بين هاتين المنطقتين الحيويتين من العالم. مؤكداً تطلع الكويت إلى ترجمة شعار القمة العربية الأفريقية الثالثة (شركاء في التنمية والاستثمار) إلى واقع حي وملموس ينعكس خيرًا ورفاهية على شعوب المنطقتين، ويلبي آمالهم وتطلعاتهم من خلال الارتقاء بقضايا التنمية والاستثمار وخلق الشراكات التنموية والاقتصادية البناءة.
وأشار الشيخ صباح الأحمد إلى التقارير الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة في إطار (الشراكة الجديدة من اجل تنمية أفريقيا) قائلاً إنها أظهرت وجود فجوة هائلة في تطوير البنى التحتية في أفريقيا. مبيناً أن تجسير هذه الهوة يتطلب تضافر جهود المؤسسات التنموية العربية والأفريقية والدولية لتمكينها من المضي في تنفيذ المشاريع التنموية اللازمة بما يسهم في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.
دور القطاع الخاص
واكد على أهمية دور القطاع الخاص في مجالات التنمية البشرية باعتباره ركناً أساسياً من أركان التنمية الشاملة والمستدامة من خلال ما يضطلع به من أنشطة ومشروعات تسهم في البناء والتطور مصحوبة بما يوفره من فرص عمل في العديد من المجالات الحيوية، مما يستلزم زيادة تفعيل دوره في المنطقتين من اجل الاستثمار المشترك والمساهمة في مشاريع البنى التحتية، مشدداً على ضرورة وجود اطر واضحة ضامنة للاستثمار تقدمها الدول الأعضاء مقرونة بتوافر الحوافز والتسهيلات الفنية والتشريعية الكفيلة برعاية هذا الدور وحمايته.
واشاد الشيخ صباح بالدور الذي قام به العديد من المفكرين والخبراء والمختصين في مجالات التنمية والاستثمار والاقتصاد من القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني خلال فعاليات المنتدى الاقتصادي العربي الأفريقي الذي نظمه الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في 11 و12 الجاري، والتوصيات التي رفعها المنتدى الى القمة، والتي اشتملت على محاور رئيسية في مجالات التعاون العربي الأفريقي للتنمية والاستثمار والأمن الغذائي والتبادل التجاري.
وقال إن الكويت تؤكد تواصلها على نهج الانفتاح والتواصل الحضاري والإنساني مع كل الشعوب والأقطار. وستظل وفية لمبادئها ومؤمنة برسالتها ومخلصة لصداقاتها وماضية في مسيرتها نحو خير ورفاهية المعمورة ترسيخًا لعالم آمن مزدهر تسوده روح المحبة والإخاء.
وختم الشيخ ناصر الحمد كلمته مقدماً الشكر والتقدير لليبيا، الرئيس السابق للقمة العربية الأفريقية، على كل الجهود التي بذلت في سبيل الدفع قدماً في مسيرة التعاون العربي الأفريقي. معبرًا عن شكره لجمهورية الغابون الرئيس المشارك للقمة العربية الأفريقية الثانية على ما قامت به من جهود كبيرة ومتابعة حثيثة لقرارات القمة الثانية.
كما عبّر عن شكره للأمانة العامة لجامعة الدول العربية ومفوضية الاتحاد الأفريقي على جهودهما الحثيثة وعملهما الدؤوب والمتواصل لإتمام كل التجهيزات والتحضيرات وصولاً لعقد القمة العربية الأفريقية الثالثة.
بناء استراتيجية وتمويل
وتوالت كلمات الوزراء المجتمعين، فركز وزير الخارجية والتعاون الدولي لدولة ليبيا، محمد عبد العزيز، على أهمية بناء شراكة استراتيجية بين الإقليمين الأفريقي والعربي على ارض الواقع بهدف تحقيق تنمية مستدامة لشعوب المنطقتين والمساهمة في تحقيق العدالة الاجتماعية والسلم والأمن فيهما.
وقال إن تلك الاستراتيجية تعكس نفسها في الاختيار الموفق لشعار هذه القمة كرسالة قوية لأقطارنا للدفع بالاقتصاد والاستثمار ذي المردود الى الأمام حتى تتحقق المنافع المتبادلة.
وأضاف أن تفعيل هذه الاستراتيجية يتطلب الأخذ في الاعتبار ليس فقط خصوصية دول المنطقة ومستويات التنمية فيها، لكن ايضاً الاستجابة للأولويات التي تفرضها المرحلة التي تمر بها الدول الأفريقية والعربية بحيث تكون هناك استجابة حقيقية للاحتياجات الآنية.
مشدداً على أن تنفيذ هذه الاستراتيجية وغيرها من المبادرات سيتطلب ضمان تمويل نشاطاتها وبرامجها مما يستدعي اعداد استراتيجية تمويل يشارك فيها كل المعنيين، بما في ذلك مؤسسات التمويل الاقليمية والدولية وإشراك القطاع الخاص في هذه الجهود وتعزيز قدرات وإمكانات الأمانة العامة لجامعة الدول العربية ومفوضية الاتحاد الافريقي للدفع بمسيرة التعاون العربي الافريقي وتشجيع الاستثمار وتطوير القدرات البشرية.
واعتبر أن تعزيز التعاون العربي الافريقي هو مسؤولية كل الدول الافريقية والعربية بجميع مؤسساتها التمويلية الاقليمية ودون الاقليمية ومنظماتها الحكومية وغير الحكومية وقطاعها الخاص.
وقال إن استضافة القمة العربية الافريقية الثالثة ليس بغريب على الكويت وشعبها في هذه المرحلة التي تمر بها المنطقتان الافريقية والعربية بتطورات متسارعة متطلعًا الى بناء شراكات فاعلة بينهما.
المجالات ذات الأولوية
من جهته، دعا وزير الشؤون الخارجية لجمهورية الغابون، ايمانويل ايسوزي نجونديت، في كلمته الى تنفيذ خطة العمل التي تم وضعها في اجتماعات مشتركة سابقة quot; اذا اردنا الوصول الى تحقيق اهدافنا المشتركةquot;.
وقال إن الوقت قد حان لتجسيد التزاماتنا في المجالات ذات الاولوية والحيوية مثل الزراعة والتجارة والصناعة وغيرها، مضيفًا ان التعاون في مثل هذه المجالات يجب أن يحظى بالتمويل المناسب .
وبيّن أن القمة العربية الافريقية الثالثة ستتناول موضوع تعبئة الموارد اللازمة وانشاء الظروف المناسبة لتدفق الاستثمارات القادرة على ضمان التنمية في المنطقتين العربية والافريقية .
واعرب عن تأييد بلاده لإنشاء دولة فلسطينية تعيش في سلم داخل حدود آمنة، داعيًا الى ضرورة اعطاء دفعة للمشاورات الاسرائيلية الفلسطينية.
من جانبها، قالت رئيسة مفوضية الاتحاد الافريقي، نكوسازانا دلاميني زوما، في كلمتها في الاجتماع إن القمة العربية الافريقية الثالثة تعقد في ضوء ظروف متغيرة في المنطقتين العربية والأفريقية. مضيفة أن أفريقيا تمر بنقاط تحول مستشهدة في النمو الاقتصادي وانخفاض حدة الصراعات والتحسن في الحوكمة. ودعت الى تعزيز الاستثمار بين شعوب العالم واشراك الاطراف كافة في الاستثمار والتنمية لافتة الى ضرورة اتخاذ اجراءات عملية ومشجعة في هذا الشأن لإحراز تقدم في التنمية المشتركة والاستثمار ولمواجهة التحديات المختلفة ومن اهمها الهجرة.
سياسة متناسقة
أما الامين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي فأكد حرص الامانة العامة للجامعة ومفوضية الاتحاد الافريقي على اتباع سياسة متناسقة لمصلحة العديد من القضايا المشتركة. مضيفاً أن موقف العالم العربي وأفريقيا من العديد من البنود المطروحة على الأجندة الدولية بات متناغمًا ويجب العمل على زيادة تقاربه كي يحقق المصالح المشتركة.
وذكر أن ابرز البنود الملحة على الأجندة الدولية هو موضوع الانتشار النووي، quot;فبينما أصبحت أفريقيا لا نووية طبقًا لاتفاقية بليندابا عام 1996 لا يزال العالم العربي يعمل على إقامة منطقة خالية من السلاح النووي في عموم الشرق الأوسط بامتداده الأفريقيquot;..
وشدد على أهمية العمل على تحقيق عالمية معاهدة عدم الانتشار النووي كأساس ضروري ليس فقط لإخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووي بل ولاستكمال ما قامت به أفريقيا عبر (بليندابا) مشيرًا الى أنه بغير عالمية المعاهدة سيظل الموقف النووي مهدداً في أفريقيا والشرق الأوسط خاصة مع وجود مجموعة دول عربية أفريقية واقعة في نطاق بليندابا والشرق الأوسط وهي quot;مجموعة معرضة على الدوام لمخاطر عدم انضمام إسرائيل للمعاهدة ووضع قدراتها النووية تحت الإشراف الدوليquot;.
فرصة للنهوض بالتنمية
من جانبه، قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون للجمهورية الاسلامية الموريتانية أحمد ولد تكدي إن القمة العربية الافريقية الثالثة تمثل فرصة للنهوض بعملية التنمية للمجموعتين الأفريقية والعربية وتلبية طموحات شعوبنا في العيش الكريم.
واوضح ولد تكدي في كلمته في الاجتماع أن استراتيجية الشراكة العربية الافريقية حددت أهم الميادين لعمل المجموعتين في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية وغيرها مثمنًا التقرير المشترك لجامعة الدول العربية ومفوضية الاتحاد الأفريقي لحصيلة السنوات الثلاث المنصرمة والخطوات التي ينبغي القيام بها لتعزيز العمل العربي الأفريقي المشترك.
وناشد المشاركين ضرورة بذل قصارى جهودهم بغية زيادة حجم التجارة والاستثمار العربي والأفريقي، مضيفًا أن المواضيع المطروحة على جدول الأعمال تتعلق بقضايا مهمة من شأنها الدفع بالتعاون العربي الأفريقي في المجالات المهمة والأساسية.