كان للسلطان قابوس الدور الأهم في توصل طهران وواشنطن إلى اتفاق تاريخي ينهي حال القطيعة بينهما تدريجًا، إذ كانت المباحثات السرية تجري بينهما في عمان منذ آذار الماضي.


يبدو أن السلطان قابوس بن سعيد، سلطان عمان، يجلس اليوم مستمتعًا بأنباء الصفقة النووية الايرانية التي ساعد على التوصل إليها. فقد تمكن قابوس من التوسط في هذه المفاوضات المهمة إقليميًا وعالميًا.

حسّن بلاده

لعب السلطان قابوس بن سعيد، العاهل العماني منذ العام 1970، دورًا رئيسا في تسهيل المحادثات السرية بين الولايات المتحدة وإيران، التي أدت إلى اتفاق نووي تاريخي، وفقا لوكالة أسوشيتدبرس.

وتلقى السلطان قابوس تعليمه في الهند، ثم في الأكاديمية العسكرية الملكية في ساندهيرست البريطانية، المؤسسة التي تخرج منها ونستون تشرشل والملك جورج توبو الخامس من تونغا والرائد آلان كاميرون. وهذا التعليم الذي تلقاه ساهم في تحويل السلطان إلى رجل نهضة. ففي العام 1985، أسس ما يمكن أن يكون أول أوركسترا سيمفونية محلية في العالم العربي.

وينسب للسلطان قابوس تحديث بلاده تدريجًا وتحسين التعليم، فتأسست أول صحيفة في سلطنة عمان بعد عام من توليه المنصب، على الرغم من أن حرية الصحافة في البلاد لا تزال محدودة. كما كافح السلطان لتهدئة الشباب المضطرب في بلاده التي ينظر اليها عمومًا على أنها أكثر ليبرالية من بعض جيرانها.

الاسكندنافي!

زار الكاتب روبرت كابلان السلطنة قبل اندلاع ثورات الربيع العربي في العام 2011، وكتب حينها: quot;لم أجد مكانًا في العالم العربي يُحكم بهدوء وذكاء كعُمانquot;، مشبهًا السلطان قابوس بالقادة الاسكندنافيين.
ربما جزء من الفرق ينبع من حقيقة أن عمان معزولة بسلسلة جبال هائلة عن الكثير من بقية شبه الجزيرة العربية.

وفي وقت مبكر من العام 2009، وفقًا لموقع ويكيليكس، عرضت السلطنة ترتيب محادثات بين الولايات المتحدة و إيران، شرط أن يبقى التواصل سريًا لتجنب التأثيرات السلبية. ويقال إن أزمة الرهائن الأميركيين الثلاث جعلت منه وسيطًا بين الجانبين، إذ ساعد السلطان قابوس في الافراج عن سارة شرود وشين باور وجوش فتال، اتهموا بالتجسس بعد أن اعتقلوا أثناء تجولهم في رحلة سيرًا على الأقدام على طول الحدود العراقية - الإيرانية.

ثمار الجهود

بعد أن نجحت جهوده في هذا الإطار، عمل السلطان على تسهيل التقارب بين الولايات المتحدة و إيران، إذ اجتمع مسؤولون أميركيون وإيرانيون في عمان في آذار (مارس) الماضي، ثم وصل وزير الخارجية جون كيري في أيار (مايو) الماضي إلى عمان للمشاركة في المحادثات التي حصدت مزيدًا من الزخم بعد أن حل الرئيس حسن روحاني محل محمود أحمدي نجاد، في الانتخابات التي جرت في حزيران (يونيو) الماضي.

لم يقف السلطان قابوس أمام الكاميرات في جنيف، ولم تقرع الطبول احتفالًا بنجاحه في دور الوسيط، لكنه بلا شك يتمتع اليوم بثمار جهوده التي ساهمت في التوصل إلى صفقة تاريخية بين طهران وواشنطن.