أعلنت مجموعة ليبية مسلحة إعدامها لأستاذ عراقي مقيم في ليبيا يقوم بالتدريس في جامعاتها منذ 15 عامًا بعد أيام من اختطافه في مدينة درنة شرق البلاد ردًا على إعدام العراق مواطنًا ليبيا.. فيما طالب العراق الحكومة الليبية بتوفير الحماية للرعايا العراقيين على أراضيها وملاحقة الجناة الذين يحاولون تعكير العلاقات الودية بين البلدين.


أسامة مهدي: جاء الإعلان عن إعدام الأستاذ العراقي بعد ساعات من وصول جثة سجين ليبي نفذ فيه حكم بالإعدام في العراق إلى مدينة بنغازي الليبية، فيما تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي خبر إعدام الأستاذ العراقي المختطف الدكتور حميد خلف حسن الساعدي الأستاذ في المعهد العالي للمهن الشاملة في مدينة درنة من قبل جماعة مسلحة.

ظهر جثمان الساعدي المختطف في مقطع فيديو وقد وضع في حفرة بعدما وجّهت إليه رصاصات أنهت حياته على الفور. وكان الليبي عادل عمر الزوي قد أدين بالقتل في العراق، ونفذ فيه حكم بالإعدام في بغداد في السابع من الشهر الحالي، ووصلت جثته إلى بنغازي على متن طائرة تركية، وكان في استقبالها شقيق الزوي وقنصل ليبيا في العراق بشير بهلول.

العراق: لحماية رعايانا
والليلة أدان العراق ما وصفه بالعمل الإرهابي المتمثل في قتل الأستاذ العراقي، وطالب الحكومة الليبية بتوفير الحماية للرعايا العراقيين الذين يسهمون في بناء الدولة الليبية، ودعاها إلى ملاحقة الجناة الذين يحاولون تعكير العلاقات الودية بين البلدين.

وقالت وزارة الخارجية العراقية إنها بذلت جهودًا مستمرة مع السلطات الليبية على أعلى المستويات، واستدعت السفير الليبي في بغداد حول الموضوع. وأدانت quot;بشدة هذا العمل الإرهابي الخارج عن الأعراف الإسلامية والإنسانيةquot;. واشارت إلى أن هذا العمل الإرهابي لا يعكس موقف الحكومة والشعب الليبي، ولا يؤثر في عمق العلاقات الأخوية بين البلدين.

كما طالبت الحكومة الليبية بتوفير الحماية للرعايا العراقيين، الذين يسهمون في بناء الدولة الليبية، ودعت السلطات إلى quot;ملاحقة الجناة الذين يحاولون تعكير العلاقات الودية بين البلدين الشقيقينquot;، كما قالت في بيان صحافي إطلعت quot;إيلافquot; على نصه.

من جانبها أدانت وزارة حقوق الإنسان العراقية بشدة قتل المجموعة الليبية المسلحة للدكتور الساعدي، داعية وزارة الخارجية إلى متابعة الموضوع والتعرف إلى ملابسات قتل المدرس العراقي. وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة كامل أمين إن quot;وزارة حقوق الإنسان والحكومة العراقية تدين وتستنكر بشدة مقتل الأستاذ الساعديquot;، مضيفًا أن quot;الوضع في ليبيا هو وضع مقلق، وكان من المفترض على العراقيين، خاصة الذين مروا في تجربة ما يحدث في العراق، ولديهم معلومات كافية أن يأخذوا الحيطة والحذرquot;.

دعوة إلى أخذ الحيطة والحذر
ودعا أمين وزارة الخارجية في تصريح نقلته وكالة quot;المسلةquot; العراقية الليلة إلى متابعة الموضوع والتعرف إلى ملابسات قتل المدرس العراقي، وطالب جميع العراقيين المتواجدين في هذه المناطق أخذ الحيطة والحذر، وبأن يحاولوا إعادة ترتيب أوضاعهم لأن الأوضاع في ليبيا غير مستقرةquot;.

وأمس طالب نائب الرئيس العراقي خضير الخزاعي السلطات الليبية بالتحرك في أسرع ما يمكن لإطلاق سراح الأستاذ العراقي، وذلك خلال اتصال هاتفي أجراه مع نوري علي أبو السهمين رئيس المجلس الوطني الليبي، أكد فيه قلق الحكومة العراقية من حادث اختطافه من قبل مجهولين في منطقة درنة الليبية.

من جانبه كان المسؤول الليبي أكد أن الجهات المعنية في بلاده هي في حالة استنفار قصوى لإطلاق سراح الأستاذ العراقي، معربًا عن احترامه و تقديره للخدمات الجليلة التي قدمها الأساتذة العراقيون العاملون في ليبيا، ومن ضمنهم حميد خلف.

يذكر أن السلطات العراقية كانت قد نفذت في الأسبوع الماضي حكم الإعدام بالمواطن الليبي عادل عمر الزوي المعتقل في السجون العراقية على خلفية قضايا تتعلق بالإرهاب، فيما يعتقل حاليًا في العراق تسعة مواطنين ليبيين، بينهم شخص ينتظر تنفيذ حكم الإعدام فيه، وهو من مدينة درنة، ويدعى عادل الشعلاني.

وكان مسؤول محلي في مدينة درنة في شرق ليبيا قد أعلن الأحد الماضي عن فقدان الاتصال بالأستاذ العراقي في المعهد العالي للمهن الشاملة في المدينة، في عملية قال إنها بدت وكأنها اختطاف.. موضحًا أن عائلته فقدت الاتصال به ظهر السبت. وأشار إلى أن فقدان الاتصال بالأستاذ العراقي المغترب للتدريس في ليبيا ومعه بعض أفراد عائلته بدا وكأنه عملية اختطاف. وقال إن معظم الأساتذة العراقيين غادروا المدينة بعد الحادثة خوفًا من المصير عينه.

انتقام ليبي
وقد نشرت جماعة ليبية مسلحة شريط فيديو قبل ثلاثة أيام يظهر فيها الأستاذ العراقي المختطف، وقد كتب عليه عبارة تقول إن اختطافه جاء ردًا على إعدام ليبي، يدعى عادل الزوي في العراق قبل أيام، وإنه quot;يوثق عملية اعتقال أحد الروافض العاملين في ليبياquot; على حد قولها.

ويوجد في العراق حاليًا تسعة سجناء ليبيين متهمين بالإرهاب، بينهم سجينان محكوم عليهما بالإعدام، وسط دعوات منظمات إنسانية لسلطات البلدين بالعمل على تمكينها وأسر السجناء من زيارة ذويهم في السجون العراقية، إضافة إلى إلغاء حكم الإعدام في حق السجين عادل الشعلاني وتخفيف الحكم عليه، إلى أن يتم تبادل السجناء بين البلدين ويقضوا أحكامهم في بلدانهم.

والضحية العراقي الدكتور حميد خلف حسن الساعدي يقيم في ليبيا منذ عام 1998، وهو خريج قسم الهندسة المدنية في جامعة صلاح الدين (السليمانية) عام 1980، وخريج جامعة كازخستان للعمارة عام 1986، ثم حصل على الدكتوراه من معهد بيلاروسيا البولتكنيك في اختصاص التصاميم الإنشائية عام 1989.

وقد درس في جامعة بابل من عام 1991 وحتى عام 1998، ثم انتقل إلى جامعة عمر المختار في ليبيا من عام 1998 وحتى عام 2004، وإلى المعهد العالي للمهن الشاملة في درنة في ليبيا من عام 2004 إلى حين اختطافه السبت الماضي.