بدأت الجماعات المسلحة في العراق تكتيكات هجومية متطورة خلال الساعات الأخيرة بهدف التأكيد على قدرتها في أخذ زمام المبادرة في المواجهة، حيث لم تمضِ سوى 24 ساعة على احتلال انتحاريين لمركز رعاية للشرطة العراقية بمدينة تكريت حتى احتل آخرون مركزًا للاستخبارات ومركزًا تجاريًا في كركوك حيث دارت معارك بين المسلحين والقوات الأمنية استمرت حتى فجر اليوم انتهت بسيطرة الأمن وقتل المسلحين واحتراق المركز التجاري.


لندن: احتل مسلحون مركزًا للاستخبارات ومركزًا تجاريًا في كركوك في شمال شرق العراق ما أدى إلى اندلاع اشتباكات بينهم وبين القوات الأمنية استمرت حتى فجر اليوم.

كانت حصيلة المعارك بين القوات الأمنية والمسلحين في مركز استخبارات مدينة كركوك (225 كم شمال شرق بغداد) والمركز التجاري quot;جواهر مولquot; القريب منه، والتي استمرت حتى الساعات الاخيرة، سقوط 10 قتلى واصابة 70 آخرين والحصيلة مرشحة للارتفاع مع احتراق المركز التجاري، وذلك اثر هجوم شنّه مسلحون يحمل بعضهم احزمة ناسفة واحتجزوا رهائن.

وبين المصابين سبعة من موظفي وسائقي الاسعاف وصحة كركوك، إضافة إلى مصابين من القوات الأمنية وطلبة المدارس القريبة إلى جانب ضحايا، بينهم ضابطان في الاستخبارات، نقلوا إلى الطب العدلي في المدينة.

وقد امتدت المواجهات من المركز الأمني الاستخباري إلى المركز التجاري القريب منه، والذي اشتعلت فيه النيران اثر انتقال إنتحاري اليه، وتفجير نفسه بحزام ناسف. وبحسب لقطات تلفزيونية بثتها قنوات عراقية فقد شوهدت ألسنة اللهب تحيط بمبنى المركز التجاري المكون من ثلاثة طوابق، فيما كانت تسمع بوضوح اصوات اطلاق الرصاص.

وقد تمكنت القوات الأمنية من قتل المهاجمين وتحرير المركز الاستخباري، الامر الذي دفع بالمسلحين إلى الانتقال إلى المركز التجاري القريب. وقد وصلت قوة كردية خاصة من مكافحة الإرهاب إلى كركوك قادمة من اقليم كردستان للمشاركة في السيطرة على الأوضاع الأمنية وملاحقة المسلحين.

وقال مصدر أمني إن الارهابيين المستولين على اسواق الجواهر التجارية المقابلة لدائرة استخبارات كركوك اشعلوا حريقًا في الطابق الاول من المبنى، حيث أن الاشتباكات بين الارهابيين والقوات الأمنية لم تنتهِ حتى فجر اليوم. وبدا الهجوم بتفجير سيارة مفخخة حوالي الساعة الواحة ظهرًا قرب quot;جواهر مولquot; الملاصق لمقر اجهزة استخبارات الشرطة اعقبه على الفور تبادل لاطلاق نار بين المهاجمين وقوات الأمن.

ثم هاجم مسلحون يحمل بعضهم احزمة ناسفة المركز التجاري واحتجزوا عددًا من المدنيين ثم صعدوا إلى السقف واطلقوا النار على افراد الشرطة الذين كانوا يطاردونهم قبل نجاح القوات الكردية في تحرير المحتجزين الذين جرى اعتقالهم خشية أن يكون بينهم عدد من المسلحين وعثرت على هواتف نقالة مربوطة بأسلاك كهربائية، مما اثار مخاوف من تلغيم المسلحين للمبنى التجاري.

وقد نجحت القوى الأمنية، اثر اقتحام المركز التجاري،في تحرير حوالي 40 رهينة وقتلت عددًا من المسلحين وفرضت سيطرتها على الوضع الأمني في مدينة كركوك.

الزج بطائرات روسية جديدة في المواجهات

واعتبرت مصادر عراقية، تحدثت مع quot;إيلافquot;، هذا الهجوم الذي شنه المسلحون على المركزين الاستخباري والتجاري في كركوك، والذي جاء بعد 24 ساعة من نجاحهم في السيطرة على مركز الرعاية لقوات الشرطة في مدينة تكريت (175 كم شمال غرب بغداد)، بمثابة تحول في العمليات المسلحة للمتمردين والانتقال بها من الهجوم الخاطف إلى احتلال مراكز مهمة وقتل واخذ رهائن من فيها.

وأشارت إلى أنّ هذين الحادثين يضعان القوات الأمنية العراقية امام مهمة تغيير خططها العسكرية في المواجهة وتعزيز قدراتها الاستخبارية في التصدي للمسلحين وتكتيكاتهم الجديدة بالشكل الذي توجه اليهم ضربات استباقية مع الاخذفي الاعتبار ضرورة مشاركة طائرات القوة الجوية بشكل مكثف في مواجهة المسلحين مع وصول اول دفعات من الطائرات الروسية التي تعاقد عليها العراق.

وقالت وزارة الدفاع العراقية في بيان ارسلت نسخة منه إلى quot;ايلافquot; إنها تسلمت الدفعة الأولى من طائرات مقاتلة هجومية روسية الصنع، معتبرة أن تسلم مثل هذه الطائرات المتقدمة عالميًا يشكل إضافة مهمة للقوات العراقية.

وأشارت إلى أنّه قد جرى استلام الدفعة الأولى من طائرات MI-35 روسية الصنع متعددة الأغراض (مقاتلة وهجومية).. موضحة أنها تعتبر من الطائرات المتقدمة عالميًا في تقديم جميع أنواع الدعم والإسناد للقوات البرية وقيادات العمليات، ولها القدرة الفائقة في مكافحة الإرهاب ومعالجة الأهداف الثابتة والمتحركة ليل نهار، وفي جميع الأجواء.

وأضافت أن استلام الدفعة الأولى من طائرات العقد الروسي يعد قوة وقدرة مضافة إلى القدرات العسكرية للقوات العراقية لما لها من تأثير إيجابي في الميدان في عملية مكافحة الإرهاب.

وقد جاء الهجوم الذي شهدته كركوك بعد ساعات من قيام مسلحين باحتلال مركز للشرطة بمدينة تكريت واحتجاز 38 شخصاً قبل أن تتمكن قوات خاصة عراقية مدعومة بقصف الطائرات من قتل ثلاثة انتحاريين، حيث اسفرت العملية عن مقتل واصابة 23 شرطيًا.

وبعد احتلال المسلحين لمبنى دائرة الرعاية الاجتماعية لشؤون عوائل شهداء الشرطة المجاور لقيادة شرطة محافظة صلاح الدين في تكريت عاصمة المحافظة قامت ثلاث طائرات عمودية تابعة للجيش العراقي بقصف المبنى ثم تم اقتحامه من قبل القوات الأمنية.

يأتي ذلك في وقت ادت الهجمات اليومية خلال الاسبوع الماضي في عموم العراق إلى مقتل حوالي 300 شخص، فيما قتل 948 شخصاً في اعمال العنف اليومية خلال الشهر الماضي في امتداد لموجة العنف المتصاعدة منذ نحو سبعة اشهر، بحسب ما افادت ارقام رسمية. ويأتي ذلك مع تصاعد موجة العنف وتزايد سقوط ضحايا داخل منازلهم في مناطق متفرقة في العراق الذي يعاني من تدهور الاوضاع الأمنية حيث تذكر اعمال العنف الجديدة هذه بالنزاع الطائفي الذي ضرب البلاد بين عامي 2006 و2008.

ويشهد العراق منذ نيسان (ابريل) الماضي تصاعدًا في اعمال العنف التي يحمل بعضها طابعاً طائفيًا، حيث دفع استمرار العنف رئيس الوزراء نوري المالكي إلى مناشدة المجتمع الدولي المساعدة في محاربة الارهاب الذي بلغ أسوأ معدلاته منذ عام 2008 ، وذلك مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في الثلاثين من نيسان المقبل.