يتحفظ حزب الله عن الإفصاح عن مكانة فقيده حسان اللقيس العسكرية، لكن الواضح أنه كان من قيادات الصف الثاني في الحزب، وكان صديق حسن نصرالله، الذي كان يبيت في بيته في بعلبك.


بيروت: قيل الكثير في حسان هولو اللقيس، القيادي في حزب الله الذي اغتيل ليل الثلاثاء الأربعاء في ضاحية بيروت الجنوبية، لكن القاسم المشترك بين كل ما قيل هو أن مقتل اللقيس هي الضربة القوية الثانية التي يتلقاها حزب الله، بعد قتل عماد مغنية في 12 شباط (فبراير) 2008. أما الصفات الأخرى فكثيرة.
نقلت تقارير إخبارية عن مصدر أمني أوروبي قوله إن اللقيس كان خطيرًا جدًا، على علاقة وثيقة بتطوير الطائرات من دون طيار لدى حزب الله، بالإضافة الى تهريب السلاح إلى مصر، ومنها إلى غزة، وهو على علاقة جيدة بالفصائل الفلسطينية الموجودة في غزة، كما هو خبير في تقنيات الاغتيال بالمتفجرات.
خبير لوجستي
برز اللقيس عنصرًا قويًا خلال حرب تموز (يوليو) 2006، لكنه كان مجهولًا لا يلفت إليه الأنظار، على الرغم من قربه من أمين عام حزب الله حسن نصرالله، ومن هنا أتى اغتياله وهو وحيد بلا حراسة. لكن يبدو أن جمهور حزب الله وحده كان يجهل حقيقة اللقيس، إذ تقول صحيفة هآرتس الاسرائيلية إن اللقيس أحد أبرز قادة الحزب المعروفين لدى أجهزة الإستخبارات الغربية منذ ثمانينات القرن الماضي، ويوصف في ملفاتها بـquot;العقل اللامعquot;، ويشغل في حزب الله منصبًا يوازي منصب قائد جهاز البحث والتطوير وشعبة التكنولوجيا في الجيش الإسرائيلي، ما جعله مطلعًا على أسرار حزب الله التقنية، من شراء إلى تطوير الوسائل القتالية المتطورة، من خلال تفعيل أنظمة اتصال سرية، إلى جانب دوره الأساسي في تصميم المخططات التنفيذية لعمليات حزب الله.
ونقلت تقارير صحافية أنه كان وراء إصلاح شبكة اتصالات الحزب وإعادة تأهيلها بعد حرب تموز (يوليو) 2006.
كاتم الأسرار
ويتحدر اللقيس من عائلة شيعية ثرية، واكب صعود المقاومة منذ أول خطواتها كادرًا في حركة أمل، التي يتزعمها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، ثم انتقل إلى صفوف حزب الله بعد تشكله، وانضوى في صفوف المقاومة الاسلامية، ليكون فعليًا كاتم أسرارها. درس هندسة الكومبيوتر في الجامعة الأميركية في بيروت، وارتبط بنصرالله في علاقة صداقة وثيقة منذ مطلع الثمانينات، حين كان نصرالله مسؤول حزب الله في بعلبك. وتمتّنت هذه العلاقة بعد تنصيب نصرالله أمينًا عامًا للحزب، فصار أمين أسراره وأمنه، حتى إذا أتى نصرالله إلى بعلبك في زياراته القليلة لا يبيت ليلته إلا في بيت اللقيس. وهذه العلاقة التي كشفتها إسرائيل دفعت بالطيران الاسرائيلي في العام 2006 إلى تدمير بيت اللقيس على من فيه في الشياح، إذ ظنت الإستخبارات الاسرائيلية أن نصرالله مختبئ لديه، فقتل ابنه علي الرضا. وخلال الحرب نفسها، استهدف الاسرائيليون سيارة اللقيس بصاروخ في منطقة غاليري سمعان في بيروت، لكنه نجا بأعجوبة.
في القصير
وفي بيان نعي اللقيس، أبقى حزب الله طبيعة مهماته مبهمة، واكتفى بالقول عنه إنه كان مجاهدًا ومضحيًا ومبدعًا وقائدًا وعاشقًا للشهادة، متحفظًا عن الإفصاح عن تفاصيل دوره في صراع الحزب مع إسرائيل، وفي المنظومة العسكرية للحزب
وفي تقارير أخرى، ورد أن مهام لوجيستية متعلقة بتسليح حزب الله، والتنسيق مع الحلفاء في دمشق وإيران، والتنسيق الميداني مع الجيش السوري في الحرب الدائرة في سوريا اليوم، أوكلت إلى اللقيس، وأنه كان المسؤول عن انتصار حزب الله في معركة القصير الضارية، على الرغم من أن المعلومات لا تؤكد الأمر، وهذا قائم على اتهام ساقته المنظمة التي أعلنت مسؤوليتها عن قتله.
لم ينعه
شيع اللقيس سريعًا، بعد أقل من 12 ساعة على مقتله، في موكب تشييع قد لا يليق بقيادي رفيع المستوى في الحزب، ينزله العارفون بمنزلة مغنية. فهذا شيع في موكب مهيب، ونعاه نصرالله شخصيًا، بينما هذا لم يحصل مع اللقيس، تمامًا كما لم يحصل مع غالب عوالي، القيادي في الحزب الذي قتل اغتيالًا بالضاحية الجنوبية في العام 2004، وشيع بعد خمس ساعات من مقتله في موكب عادي.
لكن رسالة السفير الإيراني في بيروت غضنفر ركن آبادي إلى نصر الله، يقول فيها إن اللقيس quot;كان له باع طويل في تلقين العدو الصهيوني دروسًا قاسية في المهانة والذل، وسطر أروع البطولات في مواجهة هذا الكيان الغاصبquot;، دليل على ان اللقيس لم يكن عاديًا، لكن المطلوب هو إبقاؤه مجهولًا لسبب في نفس حزب الله.
من البحر!
لربما هناك علاقة بين التجهيل المتعمد والتحقيق في الحادثة لكشف ملابساتها والخيوط التي تؤدي لكشفها. فقد أوردت صحيفة الرأي أن عمليات تدقيق تجري في أسماء من غادروا بيروت عبر مطارها، خصوصًا بين المسافرين من جنسيات أجنبية وعربية، إضافة الى تحري ما اذا كان البحر شهد تحركًا مريبًا ليلة الاغتيال، للتأكد من إمكانية وصول منفذي العملية من الخارج، ثم مغادرة بيروت بعدما نفذوا مهمتهم.
ونقلت تقارير إخبارية عن أوساط حزب الله قولها إنها ما تزال تتهم إسرائيل، لأن استخباراتها هي الوحيدة القادرة على كشف حقيقة اللقيس، خصوصًا أنها حاولت اغتياله قبل اليوم، وإن اسرائيل منزعجة من الاتفاق الغربي - الايراني، وغاضبة من نظرة الغرب الجديدة لحزب الله كقوة يجمعها مع المجتمع الدولي العداء للتكفيريين، لذا تريد من الاغتيال جر حزب الله إلى مواجهة مفتوحة تتيح لإسرائيل القول للغرب إن حزب الله ما زال منظمة إرهابية، ولا يصلح أن يكون شريكًا في ضرب التكفيريين.