تسربت إلى الإعلام محتويات محادثات هاتفية بين محمد مرسي وأيمن الظواهري تكشف الكثير من الأسرار، أخطرها استباحة مصر لصالح القاعدة.


القاهرة: في مفاجأة صادمة تزيد من متاعب الإخوان المسلمين، وتقلص فرص الرئيس السابق محمد مرسي في الحصول على البراءة، كشفت تسريبات جديدة عن إجرائه اتصالات مع زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، وشقيقه محمد الظواهري، أحد قيادات السلفية الجهادية في مصر، تضمنت تنسيقًا مشتركًا حول الكثير من القضايا، وتعليمات بتصعيد العمليات الإرهابية، وفتح باب الجهاد في سوريا، إضافة إلى الإفراج عن 20 إرهابيًا بقرارات رئاسية، والتحريض على الأقباط والمعارضة، ومحاولات مرسي إدخال الجهاديين وأعضاء تنظيم القاعدة ضمن تشكيلات الجيش المصري.

احكم بشرع الله

وفقًا للتسريبات التي انفردت بها صحيفة الوطن القاهرية، فإن أجهزة سيادية سجلت مكالمات مرسي والظواهري، وأضافت: quot;مرسي اتصل بأيمن الظواهري أول مرة عقب توليه رئاسة الجمهورية بشهر، وطالبه خلال الاتصال، الذي استمر دقيقتين و56 ثانية، بدعم المجاهدين وضرورة مساندة تنظيم الإخوان للنجاح داخل مصرquot;. وقدم زعيم تنظيم القاعدة التهنئة لمرسي، وقال له: quot;احكم بشرع الله لنقف بجوارك، من البداية ليس هناك ما يسمى بالديمقراطية، وتخلص من معارضيكquot;.

وفي ما يخص المكالمة الثانية بين مرسى والظواهري، فقد كانت عقب الأولى بشهر ونصف الشهر. وقالت المصادر التي سرّبت التسجيلات لصحيفة الوطن، إن مرسي عاتب الظواهري بسبب مهاجمته وانتقاده حكم الإخوان، قائلًا: quot;إننا سنطبق الشريعة والشرعية، لكننا في مرحلة التمكين، ونحتاج إلى مساندة كل الأطرافquot;.

وطلب الظوهري من الرئيس السابق الإفراج عن جهاديين اعتقلوا خلال حكم مبارك، وقال الظواهري لمرسي: quot;لازم تفرج عن الجهاديين اللي كانوا في سجون مبارك، وإخراج كل الإسلاميين من السجون كضمان وعهد للتعامل، وللتأكيد على طي صفحة الماضيquot;. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل وعد مرسي بتسهيل عودة الظواهري إلى القاهرة مرة أخرى، بحسب ما قالت الصحيفة.

تسهيلات في سيناء

أما الإتصال الثالث فجاء قبل زيارة مرسي إلى باكستان، والرابع خلال الزيارة نفسها، واستمر 43 ثانية. وقطع مرسي على نفسه وعودًا للظواهري بعدم اعتقال جهاديين، أو التضييق على الجماعات الجهادية والسلفية الجهادية، والتواصل معهم، ومنع ملاحقة الأمن للجماعات في سيناء. فيما طالبه الظواهري، بفتح معسكرات في سيناء لدعم الجهاديين وتدريبهم.

وهنا قاطعه مرسي قائلًا: quot;تنظيم الإخوان ينوي تشكيل حرس ثوري للدفاع عن الرئيس ضد أي محاولة للانقلاب على الشرعيةquot;، وطلب من الظواهري دعم الجماعات وتدريبها، ووعد بعمل معسكرات للتدريب مع توفير كل التسهيلات لهم في سيناء والمنطقة الغربية بالقرب من الحدود الليبية، وأنه جهز 4 معسكرات تدريب للجماعات الجهادية على الحدود مع ليبيا.

وأشار مرسي إلى أنه أوقف العمليات العسكرية في سيناء على الرغم من علمه بوجود عناصر من تنظيم القاعدة هناك، وعمل مرسي هناك على إنشاء جيش من المجاهدين للدفاع عن تنظيم الإخوان.

وبحسب التسريبات الجديدة، فإن المكالمة الأخيرة بين مرسي والظواهري كانت فجر 30 حزيران (يونيو)، بحضور أسعد شيخة، نائب رئيس الديوان، ورفاعة الطهطاوي، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية، ومسؤول الأمن في الرئاسة، والتقى الشيخة بعدها محمد الظواهري وطلب منه دعم الجماعات الجهادية للرئاسة لقمع المعارضة بأي شكلquot;.

وقال مرسي للظواهري: quot;فيه ناس عايزة تنقلب على الشرعية، ويجب القضاء على المعارضة، بنطالب الجهاديين في كل مكان بمساعدتناquot;. ورد الظواهري بالتأكيد لمرسي أن الجماعات الجهادية لن تسمح بسقوطه، وسوف تشعل الساحة المصرية.

الخلافة قادمة!

ليست هذه فحوى جميع الإتصالات التي جرت بين مرسي والظواهري، بل ثمة أخرى، منها إتصال أجري بتاريخ الأول من شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2012، حول مقتل الجنود المصريين في رفح في شهر رمضان، وجاء فيه على لسان الظواهري: quot;الجنود لا ذنب لهم، لكن قادتهم الطغاة الذين ينفذون سياسة النظام الصهيوصليبي الأميركي يتحملون المسؤولية، لا تخشَ هذه الدماء وعليك مذاكرة العقيدة كويس حتى تعلم كيفية صد الهجمة على الدين الإسلامي والافتراءات التي نتعرض لهاquot;.

وتابع: quot;يجب أن يكون الجيش المصري جيشًا إسلاميًا يُسمح فيه بتدريب كل عناصرنا، كما يُسمح بتربية اللحية ويسمح بدخول الجهاديين فيه للتدريب، مع عدم السماح للطغاة بإدارة الجيش، والسماح بإلحاق ضباط وجنود به من كافة الجنسيات، لمواجهة الطغيان ونصرة بلاد الإسلامquot;.

وقال مرسي ردًا على الظواهري: quot;نسعى لتكوين جيش إسلامي من المتدربين والجهاديين والإسلاميين تحت قيادة جماعة جيش الإسلامquot;، مشيرًا إلى أنه يسعى جاهدًا لدمج أبناء المجاهدين والإخوان والجميع داخل مؤسسة الجيش.

وبتاريخ 9 كانون الأول (ديسمبر) 2012، جرى إتصال بين الطرفين، وحرض فيه الظواهري ضد دول الخليج، لاسيما السعودية والإمارات، وجاء فيه: quot;إنها دول كافرة تساعد أميركا على نشر الكفرquot;.

ورد مرسي: quot;السعودية والإمارات عملوا على مساعدة العلمانيين طوال السنين الماضية في الوصول إلى السلطة، ومساعدة نظام مبارك من قبل، ويجب ردعهم، ومصر سترفع يدها عنهم، وستقوم بزيادة التعاون مع إيران لوقف نفوذ دول الخليج في المنطقةquot;. واستطرد مرسي قائلًا: quot;دول الخليج عقبة أمام تحقيق حلم الخلافة الإسلاميةquot;. فرد الظواهري: quot;ردعهم واجب على كل مسلم يغار على دينهquot;. ورد مرسي: quot;الخلافة الإسلامية مقبلة يا أمير المؤمنينquot;.

السلفية إلى السجون

في 28 كانون الأول (ديسمبر) 2012، جرت مكالمة هاتفية جديدة بين الرجلين، وقال الظواهري لمرسي: quot;العلمانيون المبتذلون يتوافقون على حساب عقائد الإسلام، يهددون ويخرجون في تظاهرات لا طائل منها، وأطالبك بتعيين الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل نائبًا لرئيس الجمهورية، لأنه سيطبق شرع الله، والكثير يخافون منه، وإذا لم تطبقوا شرع الله سنطبقه نحن، والشيخ عماد عبدالغفور يستحق من المجاهدين الاحترام والتقديرquot;.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل طالبه باعتقال شيخ الأزهر. وقال الظواهري: quot;لا بد من اعتقال شيخ الأزهر، وغلق هذه المؤسسة بالكامل لانحرافه عن المسار، وتطبيق حد الله عليهم لتنفيذهم قوانين أميركا، وعليك بتعيين خيرت الشاطر أميرًا لقوم المجاهدين، وإياك والسلفيين، فإنهم لا يطبقون شرع الله، وينفذون أجندة خارجيةquot;.

ورد مرسي على الظواهري، قائلًا: quot;السلفيون مرحلة لمساندتنا، ثم بعد ذلك سيتم استبعادهم، وعودتهم مرة أخرى للسجن ستكون قريبةquot;. فقاطعه الظواهري قائلًا: quot;انصحهم بالتي هي أحسن، وإذا لم يستجيبوا عليكم بتطبيق القصاص عليهم لسكوتهم على الحقquot;. وتابع: quot;السلفيون لن يتعاونوا مع الإخوان على نشر تعاليم الإسلام، والاتحاد على نشر الخلافة، بل يتعاونون مع القوى المحظورة والعلمانية، وعليهم العودة للحق، وإذا لم يعودوا مرة أخرى فطردهم سيكون واجبًا حتميًاquot;.

يا أمير الحق!

وقال الظواهري لمرسي في اتصال بتاريخ 12 كانون الثاني (يناير) 2013: quot;تعاليم الله يجب أن تطبق وتنفذ، والعلمانيون أوقفوا الشريعة الإسلامية، ويجب الرد بوقف بناء الكنائس، وعلى الأقباط دفع الجزية والعيش دون طلبات، إذا أرادوا العيش بسلامquot;.

وواصل: quot;ستحكمون مئات وآلاف السنين، وعليكم تطبيق تجربة باكستان وأفغانستان في مصر، بتطبيق الشريعة، ويجب إعدام كل من يخالف الشريعة، وإعدام المنتمين لإعلام العلمانيين، الذي يساعد على نشر الفجور ومساعدة الخوارج والمسيحيين على انتهاك الشريعةquot;. قاطعه مرسي: quot;يا أمير الحق، اتخذنا قرارات رادعة في مواجهة هذه القلة، وإجراءات تشريعية جديدة تحد من هذا الإعلام، وفي القريب العاجل سنغلق هذه القنوات، وسنقوم بإنشاء منابر إعلامية إسلامية كبيرة، وخططنا لوضع ميزانية كبيرة مقبلة من التنظيم الدولي لإقامة قنوات فضائية إسلامية وجهادية تحث على الجهاد، كما ستكون هناك قناة فضائية ثابتة لك ولرجال القاعدة، ويمكن بث هذه القناة من أفغانستان لتعليم أشبال الإخوانquot;.

قال الظواهري: quot;هذا إعلام النصارى، وبعض الإعلاميين فيه يتم تمويلهم من الكنيسة، ويعملون مع خصوم الشريعة، والإعلاميون أحد مخلفات النصارى، وردع الإعلام والنصارى طريق لخلافة ممتدة، فالقوى العلمانية متحالفة مع القوى النصرانية، منهم ساويرس النصراني اليهودي، عليك بطرد ساويرس وأقرانه لتطهير البلادquot;. فرد مرسي: quot;قريبًا سنوفي بعهودنا تجاهكمquot;.

تنازلات بالجملة

وتكشف المكالمة التي أجريت في 20 كانون الثاني (يناير) 2013 أن تنظيم القاعدة ساعد في إقتحام السجون. وقال الظواهري: quot;عناصرنا كان لها الفضل في وجودكم خارج سجون الطغيان، وساندنا جميعًا مع إخواننا المجاهدين لتحرير الإخوة من نظام الطغاة، ونسعى لدولة الخلافة فى اليمن والعراق، ومساندتنا واجبة، ومطالبنا صغيرة؛ الإفراج عن رجال القاعدة والمجاهدين في سجون العقرب، وغيرها من السجون، ودعمنا بالمال والسلاح في ليبيا واليمن وسيناء، وأن يكون هناك جزء من المال لأسر المجاهدين وتدريباتهم في سيناء، مطالبنا ليست بالكثيرة، وهناك مطالب أخرى ستكون عبر وسطاء من إخواننا الأشقاءquot;.

وعقب هذه المكالمة، دخل 350 عائلة من عائلات التكفيريين، وعائلات أخرى تابعة لأحمد عشوش إلى سيناء، وجرى تسكينهم وإعاشتهم هناك بناءً على أوامر مرسي شخصيًا. وفي مكالمة 11 شباط (فبراير) 2013، قال الظواهري لمرسي: quot;أطلب الإفراج عن الشيخ عمر عبدالرحمن، والضغط على أميركا للإفراج عنهquot;. رد مرسي: quot;موافق طبعًاquot;.

وكشفت التسريبات أن مرسي أجرى اتصالات مباشرة عقب المكالمة مع الأميركيين، وكلف مساعده عصام الحداد للتحرك للإفراج عن عبدالرحمن مقابل تقديم تنازلات كبيرة كزيادة قوات حفظ السلام الدولي في سيناء، واستغلال عدد من الكيلومترات داخل سيناء لتوطين الفلسطينيين القادمين من غزة، والسماح لإسرائيل بزرع أجهزة استشعار على الحدود مع مصر، إلا أن أجهزة سيادية أوقفت المخطط وأحبطت الصفقة تمامًا، وفقًا لتسريبات الصحيفة.

عاقب البرادعي

وفي 12 نسيان (أبريل) 2013، جرت مكالمة لمدة دقيقتين عقب أحداث العنف التي وقعت أمام الكاتدرائية في القاهرة. وقال الظواهري لمرسي: quot;تحدثنا مع إخوتنا في الجماعات المختلفة وتابعنا ما حدث من النصارى وأتباعهم، والحديث عن تصالح ومسامحة هو إهانة لكل مسلم، عليهم ترك هذه الأرضquot;. وأضاف: quot;إذا قدمت أي اعتذار سنقوم بعمليات ضد الكنائس داخل مصر ردًا على ذلكquot;. ورد مرسي: quot;الرئاسة لم تفعل شيئًا حتى تعتذر، والأقباط أقلية وحقوقهم أن يعيشوا مسالمين، ومحاولتهم لتدخل الخارج لن تفيدهم، هم أقلية تحت حكم إسلاميquot;.

وهاجم الظواهري الدكتور محمد البرادعي، المعارض السابق لمرسي، في اتصال بين الطرفين بتاريخ 15 آيار (مايو) 2013، وقال: quot;البرادعي سمح لأميركا بدخول العراق، وبلاد المسلمين، وكل من يتفاوض معه أو مع القلة العلمانية فهو بغيض ودماؤه حلال، هو وباقي الرموز المتعاونين مع الكنيسةquot;. وتابع: quot;سأعتبر نظامك كافرًا إذا فاوضت البرادعي أو تركته من دون عقابquot;.