تحظر إسرائيل على اليهود ذوي الأصول الأفريقية التبرع بالدم، ومن بين هؤلاء عضو الكنيست بنينا شيتا، التي خاضت صراعاً ضد ما وصفته بالتمييز بين الدماء في إسرائيل، فرغم أنها هاجرت إلى إسرائيل في الثالثة من عمرها، وخدمت في الجيش، إلا أن وزارة الصحة منعتها من التبرع بالدم.


القاهرة: فوجئت عضو البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) quot;بنينا تامنو شيتاquot; برفض حملة التبرع بالدم التابعة لمنظمة نجمة داود الحمراء طلبها، الرامي إلى التبرع بالدم كغيرها من أعضاء الكنيست الراغبين في ذلك.
وزارة الصحة تمنع الإثيوبيين من التبرع بالدم
وقال القائمون على الحملة المتنقلة، التي اتخذت من البرلمان الإسرائيلي مقراً دورياً لها، إن بروتوكولات وزارة الصحة تحول دون تبرعها بالدم، وانه إذا أصرت عضو الكنيست، التي تنحدر من أصول إثيوبية على التبرع، فسيسمح لها بذلك، ولكن لن تتم الاستعانة بدمائها لإنقاذ حياة أي مريض في إسرائيل، وسيتم التخلص من العبوة التي تحمل دماءَها.
وفي معرض حديثها عن تلك الإشكالية المثيرة، استنكرت صحيفة يديعوت احرونوت العبرية، وقالت تحت عنوان quot;يفرقون في إسرائيل بين دم وآخرquot;، إن شيتا التي يدور الحديث عنها فوجئت بموقف غريب تبنته حملة التبرع بالدم، وبرر القائمون على الحملة بأنه لا يجوز تبرع أي من اليهود المنحدرين من أصول أفريقية بالدم، تحسباً من إمكانية أن يكون دمها مصابًا بفيروس نقص المناعة المعروف علمياً بـ quot;الايدزquot;.
وبعد سماع البرلمانية الإسرائيلية مبرر العزوف عن الاستعانة بدمائها، قالت للقائمين على الحملة: quot;إنني هاجرت مع أسرتي إلى إسرائيل وأنا طفلة في الثالثة من عمري، وكذلك خدمت في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، ألا يجيز ذلك تبرعي بالدم؟quot;. إلا أن الحملة رفضت تبريراتها، فطلبت الخضوع لفحص طبي للتأكد من عدم حملها لأي فيروس، ظناً منها بأن ذلك سيمنحها حق التبرع بالدم، لكنّ القائمين على الحملة لم يغيّروا موقفهم، وقالوا: quot;أسباب منع تبرعك بالدم حددتها وزارة الصحة، ولا يجوز التغاضي عنها أو مخالفتهاquot;.
مظاهرات مناهضة لحظر نقل الدم الأفريقي
ووفقاً للصحيفة الإسرائيلية، سمع احد أعضاء البرلمان الإسرائيلي ما دار من أحاديث بين زميلته ذات الأصول الإثيوبية وحملة التبرع بالدم التابعة لنجمة داود الحمراء، فاقترب من شيتا وهمس في أذنها قائلاً: quot;هوني عليك ولا تشعري بالظلم، إنها دولة عنصرية ولا علاقة لك بذلكquot;.
وتشير المعطيات العبرية إلى أن شيتا، العضو الناشط في حزب quot;هناك مستقبلquot; الإسرائيلي، سبق وشاركت منذ فترة طويلة في التظاهرات المناهضة لحظر نقل الدم من يهود ينحدرون من أصول أفريقية، وعندما تم الكشف عن محاذير نقل دماء الأفارقة لغيرهم من يهود إسرائيل، كانت شيتا في السادسة عشرة من عمرها، وشاركت في التظاهرات الغاضبة، وفي عام 2006 عندما طُرحت القضية مجدداً على جدول أعمال الحكومة والبرلمان الإسرائيلي، أقامت شيتا خيمة اعتصام، وقادت العديد من التظاهرات ضد هذا القانون حتى دخلت الكنيست في دورته الانتخابية الأخيرة.
أما اليوم وبعد منعها من التبرع من الدم بشكل مباشر، قالت شيتا: quot;أكون مواطنة من الدرجة الأولى، حينما اخدم إسرائيل وبرلمانها، أما عند التبرع بالدم فأتحول إلى مواطنة من الدرجة الثانية، من المؤسف بعد كل هذه العقود من الزمن، أن تجهل الدولة العبرية ضرورة عدم التفرقة بين دم وآخر، وأن تتعامل بعنصرية مع مواطنيها، فما حدث اليوم هو إذلال، يرافقني منذ أن كنت في السادسة عشرة من عمري، وأتمنى أن تعدل وزارة الخارجية الإسرائيلية عن هذا القانونquot;.
دماء الكاريبي وجنوب شرق آسيا محظورة
وفي محاولة للتعقيب، قالت الطبيبة الإسرائيلية ايلات شنعار، مديرة جهاز نقل الدم في منظمة نجمة داود الحمراء، إنه بموجب تعليمات وزارة الصحة، يُحظر التبرع بالدم على كل يهودي ينحدر من أصول أفريقية منذ عام 1977، تفادياً لاحتمالات حمل دماء هذا المهاجر لفيروس نقص المناعة quot;الايدزquot;، خاصة أن عدداً كبيراً من الدول الأفريقية، ترتفع فيها نسب الإصابة بالفيروس القاتل، كما يشمل القانون إلى جانب الدول الأفريقية دولاً في جنوب شرق آسيا، وجزر الكاريبي، وأن المواطنين الإسرائيليين الذين يرغبون في التبرع بالدم لا يمكن منعهم من ذلك، إلا أنه لن يتم استخدام فصائلهم في نواحٍ طبية من أي نوع، لأنه محظور بموجب القانون، وأضافت: quot;هناك أشخاص - بما في ذلك ذوو الأصول الإثيوبية - يرغبون في التبرع بدمائهم لأسباب تخصهم، لكنهم يعلمون جيداً أن فصائل دمائهم لن تستخدم بحال من الأحوال في إنقاذ حياة أي مريض أو جريح إسرائيليquot;.
وخلصت معلومات الصحيفة العبرية إلى أن سياسة وزارة الصحة في هذا الخصوص لم تكن معلنة، وأن عينات فصائل الدم التي تبرع بها مهاجرون ينحدرون من أصول افريقية خاصة الإثيوبية منها، كان يتم إعدامها سراً، لكن بعد الكشف عن القضية، تم تشكيل لجنة معنية في إسرائيل، أكدت انه ليس من العدل حظر الاستفادة من دماء الأفارقة دون غيرهم من ذوي الأصول الأخرى، لكنها جزمت أيضاً بأنه كان هناك فشل في التعاطي مع القضية برمتها.
تجدر الإشارة إلى أنه منذ بداية عام 2007، بات مسموحاً لمنظمة نجمة داود الحمراء تلقي تبرعات الدم من إثيوبيين ولدوا في إسرائيل، وكانت عضو الكنيست بنينا تامنو شيتا هي التي خاضت نضالاً في حينه من اجل رفع الحظر النسبي الذي تم التوصل إليه، لكنها في الوقت عينه وجهت انتقاداً لاذعاً للتفرقة بين المهاجرين الإثيوبيين وبين نظرائهم من مواليد إسرائيل.