لم تتوقف تبريرات الحكومة الأردنية بشأن تردي الخدمات الحكومية جراء العاصفة الثلجية، لكنها ما أقنعت نوابًا في البرلمان الأردني طالبوا عبدالله النسور بالاستقالة.


استعان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بخبرة واحتراف الجيش مساء الأحد الماضي، للمرة الأولى منذ بدء العاصفة الثلجية الخميس الماضي، بعد أيام على تثبيت أركان الدولة الأردنية لتقصير حكومي فاق التوقعات، شمل الخدمات الأساسية.

غضب ملكي

ويقول الناشط السياسي الأردني معاذ الشبول لـquot;إيلافquot; إن نزول الملك عبدالله الثاني للشارع، ومساعدة الناس على الطرقات، والإنتقال في اليوم التالي إلى مدينة عجلون الشمالية لتوزيع المساعدات والغذاء للناس بيده على من تقطعت بهم السبل، رسالة ثابتة الأهداف في الأدبيات السياسية الأردنية، quot;فظهور الملك صامتًا عبر الصور والمقاطع الرسمية دليل على غضب ملكي مكتوم من سوء أداء المؤسسات الرسمية الأردنيةquot;.

وبحسب معلومات quot;إيلافquot;، يستعد مجلس النواب الأردني لعقد جلسة خاصة لمناقشة الإخفاق الحكومي في مواجهة العاصفة الثلجية. ويعتقد نواب أردنيون أن المُقصّر الأول هو حكومة عبدالله النسور وفريقه الوزاري، في حين قال النائب يحيى السعود لـquot;إيلافquot; إن تقصير حكومة النسور خلال العاصفة الثلجية كان كبيرًا، وأنه يعتقد أن حكومة بهذه الإخفاقات يجب أن تستقيل.

تبريرات خجولة

ورغم أن أجهزة الدولة واصلت عملها المتردد والمرتبك تحت مظلة كبيرة من التبرير وخلق الأعذار، إلا أن أصواتا داخل الحكومة الأردنية قالت لـquot;إيلافquot; إنه لم يعد سرًا أن أداء أجهزة حكومية كبيرة لم يكن كافيًا، بل يكشف عن التقاعس في الإستعداد لمواجهة العاصفة الثلجية.

يقول محمد حامد، وزير الطاقة الأردني، لـquot;إيلافquot; إن الوزارات المعنية في الأزمة الثلجية عملت بشكل مستمر وشاق منذ بدء تساقط الثلوج، لكنه يقر بوجود بعض أوجه القصور في الخدمات خلال العاصفة، معتبرًا أن انقطاع التيار الكهرباء عن مناطق أردنية عدة أمر مستغرب ويدعو للتوقف عنده مطولًا، في حين قالت شركة الكهرباء الأردنية إن عدم مبادرة الأجهزة الحكومية إلى فتح الطرقات أعاق تحرك الورش الفنية وانتقالها إلى مواقع الأعطال.

وقال وزير الأشغال العامة الأردني المهندس سامي هلسة لـquot;إيلافquot; إن كوادر وزارته عملت فوق طاقتها بكثير، وإن مرد وجود بعض الإرتباكات والتأخر من جانب بعض أجهزة الدولة إلى أن العاصفة الثلجية كانت أقوى بكثير من التوقعات، كما جاءت مبكرة جدًا.

ماذا لو زلزال؟

يقول الصحافي والكاتب الأردني ماهر أبو طير، مدير تحرير الشؤون السياسية في جريدة الدستور الأردنية: quot;يريدوننا أن نصدق أن العاصفة الثلجية التي اجتاحت الأردن مختلفة عن غيرها، لهذا السبب تطلّبت العاصفة ستة ايام للتعامل معها، وكأننا بلا ذاكرة تقول إن هذا بلد ثلجي اساسًا، واعتاد طول عمره، خلال الثمانينات والتسعينات وحتى مطلع الألفية، على عواصف شبيهة تتوالى خلال شتاء واحد، ثم يقولون إن المشكلة في زيادة البشر وأعداد السيارات، والتبريرات لا تتوقفquot;.

يضيف: quot;لا أحد ينتقص من همة شباب الجيش والدفاع المدني والأمن والدرك والأشغال والبلديات والصحة، فمن بقي في الشوارع طوال أيام لا يمكن انتقاده، مؤكدًا أن العاصفة يجب أن تعصف بكل مبدأ إدارة الأزمات في البلد، فإذا كانت عاصفة ثلجية أخرجت البلد عن وضعه الطبيعي بهذه الطريقة فإن كل إدارة الأزمات يجب أن يتم فتح ملفها، ونحن لم نشهد - لاسمح الله - هزة أرضية، ولا حربًا إقليميةquot;.

الملك والجيش

مع استفحال العاصفة الثلجية، توجه الملك عبدالله الثاني بطائرة مروحية قادها بنفسه إلى مقر القيادة العسكرية الشمالية، وزار الجبهة الشمالية فالتقى هناك رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأردنية الجنرال مشعل الزبن، وطلب منه أن تتدخل القوات المسلحة حالًا في عمليات الإنقاذ وفتح الطرق، قبل أن يباشر بنفسه عملية توزيع طرود غذائية لمئات الأردنيين الذين حوصروا في الثلوج الكثيفة، وصل إرتفاعها في منطقة عجلون الشمالية أكثر من متر ونصف المتر.

وتصر أوساط أردنية عريضة على أن توزيع الديوان الملكي للصور واللقطات الرسمية للملك الأردني وهو بلباسه العسكري يقود عمليات فتح الطرق وتوزيع الإغاثات رسالة طمأنة للرأي العام الأردني، من أن الملك يتابع التقصير الرسمي، ومنزعج جدًا منه.

مفارقات أردنية

على هامش العاصفة الثلجية التي شلت الأردن، أمكن تسجيل عدد من المفارقات التي يمكن إيجازها في تعطل الإعلام الرسمي الأردني بشكل كامل، وتكفل موقع (عمّون) الإخباري بسد النقص الحاصل إخباريًا بشأن العاصفة الثلجية، فشكّل متنفسًا للمؤسسات الرسمية والأفراد في بث بيانات التعطيل، وإستغاثات الناس بشأن تقطع السبل بهم على الطرقات، وانقطاع التيار الكهربائي عنهم.

ومع إشتداد العاصفة الثلجية، لوحظ أن نحو 150 ألف سيارة تقطعت بها السبل على الطرقات، بعد أن عجزت عن مجاراة غزارة الثلوج، الأمر الذي دفع سائقيها إلى تركها في وسط الشارع، والإنتقال إلى منازلهم، أو بيوت أقارب وأصدقاء لهم سيرًا على الأقدام. وقد توفي عدد من الأردنيين في منازلهم، ولم يكن ممكنًا نقلهم إلى ثلاجات المشافي القريبة بسبب سوء الأحوال الجوية.

واتصل أحد الأردنيين بالدفاع المدني طالبًا النجدة لنقل زوجته الحامل إلى أحد المشافي القريبة لتضع حملها، فلبى الدفاع المدني النداء. وأثناء النقل، طلب الزوج من الدفاع المدني التوقف معترفًا أنه زوجته ليست حاملا، بل كانت هذه حيلته للانتقال إلى أحد المراكز التجارية للتسوق، بعدما تعذر عليه الإنتقال بسيارته بسبب الثلوج.