حين أضرم البائع التونسي المتجول محمد البوعزيزي النار في نفسه في السابع عشر من كانون الأول (ديسمبر) 2010، ما أدرك قط انه سيشعل بهذه النار منطقة المتوسط بأسرها، مطلقًا الشرارة الأولى لثورة الياسمين في بلاده، ولموجة عارمة من ثورات سمّيت بالربيع العربي، أطاحت بعلي زين العابدين وحسني مبارك وعلي عبدالله صالح، وقتلت معمر القذافي وأكثر من 130 ألف سوري.
وفي الذكرى الثالثة للثورة التونسية، يبدو أن الوضع ليس أفضل مما كان عليه قبل الثورة، إلا في تحول كان لا بد منه، ليقلب البلاد رأسًا على عقب. فاليوم، الحوار الوطني متعثر، والأطراف التونسية غير متوافقة على رئيس للحكومة، والرئاسة التونسية زادت طين الشقاق بلة بتسريب كتابها الأسود عن منظومة الدعاية في حكم بن علي، وفيه أسماء صحافيين وإعلاميين وكتاب كانوا على صلة بحملات تبييض وجه النظام التونسي البائد.
خيبة أمل
وليس أدلعلى الخيبة التونسية أكثر من نبرة الحزن والغضب في تعبير الفنانة التونسية هند صبري عن استيائها من النظام الحاكم اليوم في تونس، والفوضى التي تشهدها البلاد بعد ثلاث سنوات على الثورة التونسية، والقضاء على نظام فاسد. فقد كتبت على صفحتها الشخصية بموقع فايسبوك للتواصل الاجتماعي: quot;صباح الخير.. الذكرى الثالثة لاندلاع الثورة التونسية.. رئيس موقت عبثي يلقي خطابًا سرياليًا وزلة لسان فرويدية: حفظ الله تونس بكل خير!!!quot;.
وهذا الهجوم على الرئيس التونسي المنصف المرزوقي ليس وحيدًا، بل يأتي من جهات عدة في تونس. ويستعد معارضون تونسيون لتنظيم احتجاجات يوم الغضب في مدينة سيدي بوزيد، التي كانت مهد تظاهرات ثورة الياسمين، موجهة ضد حكومة فشلت حتى الآن في تحسين أوضاعهم المعيشية المتردية. كما دعت جماعة أنصار الشريعة، التي تصنفها الحكومة التونسية منظمة إرهابية، لتنظيم احتجاجات الثلاثاء في العاصمة تونس ضد ما وصفوه بـquot;استبداد السلطاتquot;.

إلغاء مشاركة الرؤساء
ربما كان هذا الفشل وما استدعاه من غضب شعبي السبب في تغيّب رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان اليوم الثلاثاء عن افتتاح فعاليات إحياء الذكرى الثالثة لاندلاع الثورة التونسية في سيدي بوزيد. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن محمد الجلالي، رئيس الهيئة المديرة للدورة الثالثة من مهرجان 17 كانون الاول (ديسمبر) في سيدي بوزيد، قوله: quot;تم إلغاء مشاركة رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي ورئيس الحكومة علي العريض ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر في افتتاح المهرجان لاعتبارات أمنيةquot;، من دون أن يوضح طبيعة التهديدات التي حالت دون حضور الرؤساء الثلاثة إلى سيدي بوزيد، التي شهدت تعزيزات أمنية كبيرة.
وتحيي سيدي بوزيد ذكرى اندلاع الثورة في 17 كانون الاول (ديسمبر) من كل عام. وفي العام 2012، طرد متظاهرون غاضبون المنصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر من سيدي بوزيد ورشقوهما بالحجارة، تعبيرًا عن خيبة أمل الجماهير التونسية ممن وضعوا ثقتهم فيهم، لتدبير أمور البلاد.
لا مصداقية له
وكان الجليلي أعلن رفض اللجنة القاطع حضور الرؤساء الثلاثة إلى سيدي بوزيد هذا العام، quot;لأن الحكومة الحالية، التي تقودها حركة النهضة الاسلامية، لم تف بوعودها، وخانت مبادئ الثورةquot;. ومثله أعلن لزهر قمودي، الكاتب العام للمكتب الجهوي للاتحاد العام التونسي للشغل في سيدي بوزيد رفضه حضور الرؤساء الثلاثة، quot;لأن كل ما فعلوه هو تفقير منطقتنا، وليس لهم أي مصداقيةquot;.
والجدير بالذكر أن سكان ولاية سيدي بوزيد، وتعدادهم نحو 418 ألف شخص، يعيشون حالة من الاحباط والسخط، لأنهم لم يجنوا الثمار الاقتصادية والاجتماعية للثورة التي انطلقت من مدينتهم، ويعانون نسبة بطالة 24,4 % هي الاعلى في تونس. ويمثل خريجو الجامعات ومؤسسات التعليم العالي نسبة 57,1 % من إجمالي العاطلين عن العمل في الولاية.