خصّ البابا فرنسيس، اول بابا متحدر من النصف الجنوبي للكرة الأرضية، العفويّة بمكانة هامة في الكنيسة، وبدأ عملية quot;بريسترويكاquot; (اصلاح) شعبية لكنها قد تكون مخيبة من شدة ما التطلعات عالية.

الفاتيكان: بعد تسعة اشهر على انتخابه في 13 اذار (مارس)، استقطب البابا فرنسيس اليسوعي جمهورًا كبيرًا في أوساط غير المؤمنين. وذكرت مجلة quot;التايمquot; التي اختارته quot;رجل العامquot; أنه quot;عرف أن يتموضع وسط المواضيع الأساسية المطروحة في زمننا الحاضر، أي الثراء والفقر، النزاهة والعدالة، والشفافية ودور المرأة ...quot;. وquot;يتابعهquot; على التويتر اكثر من عشرة ملايين شخص.
صورة الكنيسة تتحسن
وصورة الكنيسة التي كانت بالغة السوء أواخر 2012 بسبب الفضائح الكثيرة التي استفاقت من الماضي (التحرش بالاطفال والفساد ...) بدأت تتحسن. وأخذ الفاتيكان يستأثر بمزيد من الاهتمام.
وبقدر ما أسيء فهم بنديكتوس السادس عشر الذي كان متحفظًا ويتعرض كل ما يقوله للانتقاد على ما يبدو، توافر الاجماع حول فرنسيس، حتى لو انه ينادي بالمواقف المحافظة نفسها في شأن عدد كبير من المسائل التي يتبنى مواقف أسلافه منها.
محاولات الإصلاح
هل بدأ البابا الأرجنتيني عملية quot;بريسترويكاquot; وquot;غلاسنوستquot; (شفافية) في الكنيسة على غرار ما فعل غورباتشيوف في الاتحاد السوفياتي؟
لقد بدأ اصلاحًا طموحًا لكنه بطيء للادارة الفاتيكانية باحاطة نفسه بمجلس استشاري من ثمانية كرادلة، وشكل لجانًا حول مالية الفاتيكان وادارته ومكافحة التحرش بالاطفال، ويعرب عن امله في مزيد من العمل الجماعي. ومن المتوقع أن تبدأ في العام المقبل الاصلاحات الأولية في الادارة الفاتيكانية وquot;مؤسسة النشاطات الدينيةquot; (البنك البابوي).
واعتاد فرنسيس الذي لا يتقيد بالبروتوكول ان يقوم ايضًا بخطوات مفاجئة كزيارته في تموز (يوليو) إلى جزيرة لامبيدوزا الايطالية، للاعراب عن تضامنه مع لاجئي افريقيا الذين غرقوا في البحر المتوسط، أو اعلانه يوم الصلاة العالمي من اجل السلام في سوريا ضد تدخل عسكري اجنبي في ايلول (سبتمبر).
وقد ازدادت شعبيته بسبب رفضه مظاهر الترف واحتفالات التكريم الدنيوية، وتصرفاته الودودة والحنونة التي خلدتها صور جابت الكرة الارضية، وعباراته القوية حول المغفرة للجميع واحتضان الاشخاص quot;الشاذينquot; كمثليي الجنس.
وكان لرسالته الاجتماعية التي تشدد على quot;عولمة اللامبالاةquot; وquot;امبرياليةquot; المال وقع كبير. حتى أن الاوساط الليبرالية الأميركية وصمته بـquot;الماركسيquot;. ورد الخبير في الشؤون الفاتيكانية ماركو بوليتي هذا الاتهام ووصفه بأنه quot;مثير للسخريةquot;.
ولا تحظى quot;ثورةquot; البابا فرنسيس باستحسان الجميع. فهو يدلي بخطابات تتسم بحرية كبيرة يسهب فيها بعرض آرائه، ويوافق على اعطاء مقابلات توصف بالارتجالية احيانًا، ويتخلى عن التقيد بطقوس احتفالية معروفة، ويرفض ادانة التطورات المجتمعية التي انتقدها كل من يوحنا بولس الثاني وبنديكتوس السادس عشر. وهذا ما حمل الاوساط الكاثوليكية المحافظة على توجيه النقد له.
وينتقد الخبير في الشؤون الفاتيكانية ساندرو ماجيستر quot;تأرجحquot; خطابه. ويقول إنه quot;يوجه ويقود مستندًا إلى الرؤية بالعين المجردة، ثم انه يسرع الخطوات ثم يفرملها: هذا هو سلوك البابا برغوليوquot;.
ويقول المتحدث باسم الفاتيكان الأب فديريكو لومباردي إن quot;تركيز اقصى درجات الاهتمام على البابا فرنسيس يطرح مشاكل على قدرة الكنيسة على التواصلquot;.
وتلاحظ مجلة quot;فانيتي فيرquot; التي تستشهد بالأب لومباردي إن بنديكتوس السادس عشر كان يحمل رسالة الكنيسة وينقلها إلى الآخرين، فيما يكمن الخطر مع البابا فرنسيس في التركيز على شخصه حتى لو أنه لا يحب عبادة الشخصية.
جنرال يسوعي
فخورخي ماريو برغوليو، احد مشجعي نادي سان لورينزو في بوينوس ايرس، والذي يهوى رقصة التانغو، ليس رجلاً ساذجًا ومتساهلاً، كما تصفه بعض وسائل الاعلام. فهو يخص بدفئه الحقيقي المتواضعين والمرضى والمعوقين والاطفال، ويتصل بهم ويكاتبهم احيانًا. لكنه يوصف بالمتسلط والفظ احيانًا في عالم الفاتكيان الضيق.
وحتى لو انه يلتقي اعدادًا كبيرة من الناس، فهو يعيش حياة تتسم بالتقشف. ويعمل كثيراً، انه quot;جنرالquot; يسوعي يجري مشاورات كثيرة لكنه يتخذ القرار وحده.
ويتخوف المحافظون من أن يؤدي حرصه الشديد على العمل الجماعي واضفاء الديموقراطية على الكنيسة إلى اصابة هذه الكنيسة بالشلل والفوضى.
وينتظر التقدميون الكاثوليك من جانبهم بفارغ الصبر التغييرات حول زواج الكهنة وسيامة النساء وتخفيف قيود العقيدة حول الاجهاض والموت الرحيم أو زواج المثليين. ويتخوفون من أن يصابوا بالاحباط السريع.