بروكسل: يجتمع القادة الاوروبيون الخميس في وقت يسجل الاتحاد الاوروبي تقدما في مواجهة الازمة، لكنه لا يزال يراوح مكانه سياسيا كما يظهر الوضع في اوكرانيا، وذلك قبل اقل من ستة اشهر على الانتخابات الاوروبية المحفوفة بالمخاطر.

تاتي هذه القمة المنعقدة مع حلول نهاية السنة في اعقاب تنصيب المستشارة انغيلا ميركل لولاية ثالثة على رأس حكومة ائتلاف كبير، وذلك لا يمكن إلا ان يعزز نفوذ المانيا الكبير اصلا داخل الاتحاد الاوروبي.

وبعد اشهر من الجمود الناجم خصوصًا من التحضير للانتخابات الالمانية ثم المفاوضات الماراتونية لتشكيل الحكومة، يأمل الاوروبيون ان تثمر بعض المشاريع في نهاية المطاف.

ويشكل الاتحاد المصرفي الملف الرئيس العالق. فقد التقى وزراء مالية الدول الرئيسة في منطقة اليورو مساء الاثنين في برلين، عشية اجتماع لمجموعة اليورو الثلاثاء ثم للاعضاء الـ28 الاربعاء في بروكسل، في اجتماعات ماراتونية عشية القمة سعيا إلى انتزاع اتفاق. ويفترض حكما ان يتوصلوا الى ذلك بحلول نهاية العام كي يصبح ممكنا تبني النص نهائيا قبل الانتخابات الاوروبية المرتقبة في ايار/مايو 2014.

وكان فولغانغ شويبله اعتمد موقفا مرنا حتى قبل التجديد له على رأس وزارة المالية الالمانية، ليمهد الطريق من اجل التوصل الى تسوية لاسيما مع فرنسا.

كذلك يتقدم الاوروبيون بخطوات محسوبة في مشروع اخر يفترض ان يحد من مخاطر اندلاع ازمة جديدة، وهو ترسيخ الاتحاد الاقتصادي والنقدي وتعزيز مراقبة السياسات الاقتصادية للدول الاعضاء.

ويصر الالمان منذ اكثر من عام على اعتماد آلية لتشديد التقشف، فيما يركز الفرنسيون على التضامن بين الدول الاعضاء. وهنا ايضا quot;سهل التغيير السياسي في المانيا الامورquot; برأي مصدر اوروبي. وان حصل تقارب في المواقف فمن غير المتوقع ان يحدد قادة الدول والحكومات هدف الوصول الى quot;اتفاق شاملquot; قبل حزيران/يونيو 2014، اي بعد الانتخابات الاوروبية.

واعتبر جان دومينيك جولياني رئيس مؤسسة شومان ان اوروبا لا يمكن quot;ان تكتفي بالمصادقة على تسويات دبلوماسية غامضة بخصوص موضوعات تقنية (...) لا يجوز ان تكون بمثابة رؤية على المدى الطويلquot;، داعيا الى انطلاقة جديدة قوية للمحرك التقليدي الثنائي الفرنسي الالماني.

في بادرة حسن نية رغم العلاقات الصدامية منذ وصول فرنسوا هولاند الى قصر الاليزيه ستتوجه ميركل الاربعاء الى باريس للقاء الرئيس الفرنسي. واكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس quot;سنسعى (...) الى بناء مشروع مشترك يجعل الاوروبيين يحبون اوروبا مجدداquot;.

كان يمكن ان تكون اوكرانيا منبرا لاظهار هذه الارادة الاوروبية بعد الازمة التي اندلعت بسبب رفض الرئيس فيكتور يانوكوفيتش اواخر تشرين الثاني/نوفمبر التوقيع على اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي. لكن وان كرروا رغبتهم في ابقاء الباب quot;مفتوحاquot; فانهم لم يجدوا الحجج لاقناع كييف التي تواجه ضغوطا مكثفة من روسيا، باختيار طريق اوروبا.

راى ديمتري ترينين من مركز كارنيغي-اوروبا للابحاث ان الاتحاد الاوروبي يجد نفسه في لحظة حاسمة ان اراد ان يصبح quot;فاعلا استراتيجياquot; امام القوى العظمى الاخرى، معتبرا quot;انها مسألة مصداقيةquot;.

الى ذلك ثمة موضوع اخر يعتبر بمثابة اختبار وهو الدفاع الاوروبي. فتحت ضغط ميزانيات في تراجع مستمر، يمر الدفاع الاوروبي عبر تقاسم الوسائل، ولكن ايضا عبر تعزيز القدرات الصناعية المشتركة، وهو موضوع حساس بالنسبة إلى العديد من العواصم. ففي غياب تقدم كبير، ينبغي على قادة الاتحاد الاوروبي التفاهم من اجل تعاون افضل في مجال الطائرات بدون طيار او الدفاع الالكتروني.

في موازاة ذلك ترغب فرنسا المنخرطة في عمليات عسكرية مكلفة في افريقيا بتفويض من الامم المتحدة وبدعم الاتحاد الاوروبي، في اغتنام الفرصة لمطالبة شركائها بالمساهمة في النفقات. لكنها ستواجه صعوبة في اقناعهم بانشاء الصندوق الاوروبي الذي تدعو اليه لتمويل عمليات التدخل الطارئة.