في يوم اللغة العربية العالمي، فتحت منظمة يونيسكو نقاشًا حول تأثير الإعلام في هذه اللغة، تحسينًا أو تدميرًا، كما قامت فاعليات مختلفة، تسعى إلى مناقشة شؤون العربية وشجونها.


ساره الشمالي من دبي: صادف اليوم الأربعاء اليوم العالمي للغة العربية، التي تمر بتحديات كثيرة، ليس أقساها قصورها عن اللحاق بالركب التقني، الذي استحلى لنفسه الانكليزية، فصارت هي الغالبة في حياة الجميع اليومية، وخصوصًا العرب. ففي غياب أي مجمع للغة العربية، يتولى تعريب المصطلحات الغربية، أو تليينها لتدخل في القاموس العربي، تبقى اللغة عرضة لنهش منظم، قد ينتهي يومًا بتقلصها إلى حدود الانقراض.

دور الإعلام
اليوم، يراجع بعض العرب طرق تدبير لغتهم من خلال محور نقاش قررته الهيئة الاستشارية للخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية ndash;آرابيا، التابعة لمنظمة يونيسكو، وعنوانه quot;دور الإعلام في تقوية أو إضعاف اللغة العربيةquot;.

سيقام هذا النقاش في ردهات منظمة يونيسكو، ويشارك فيه ممثلو الدول الأعضاء إلى جانب متخصصين في اللغة وكتاب وباحثين من مختلف أنحاء العالم العربي، وخبراء في الإعلام من قنوات تلفزيونية وصحف ومجلات ومواقع إلكترونية، وجمهور من الكتاب. أما المناقشة فستدور حول الدور الذي تلعبه اللغة العربية في إثراء العالم ومدلولاتها الحضارية.

لا تخجلوا بها
ونقلت تقارير صحافية عن زياد الدريس، نائب رئيس المجلس التنفيذي في منظمة يونيسكو والمندوب الدائم للسعودية فيها، قوله إن الاحتفال باليوم العالمي في منظمة يونيسكو مساهمة استثنائية تعكس رمزية مهمة بأن تقوم منظمة دولية كبيرة بالاحتفاء بمكانة اللغة العربية.

وأضاف: quot;الدول العربية مطالبة بتفعيل اليوم العالمي للغة العربية، من خلال مندوبياتها الدائمة في يونيسكو، ومن خلال وزارات الثقافة والإعلام والتربية والتعليم والتعليم العالي وكل المؤسسات الثقافية في الدول العربيةquot;. ولفت الدريس إلى ضرورة إقناع الشباب بأهمية لغتهم العربية، وعدم الخجل من التكلم بها أو التردد في استخدامها في أي مكان.

الأكثر تغريدًا
أمل اللغة العربية ومحتواها معقود على السعوديين، فهم أكثر شعوب العالم تغريدًا بالعربية، وهم أكثر تصفحًا للإنترنت بين الشعوب العربية. فبحسب الإحصاءات الحديثة، هناك 8.5 ملايين مستخدم للإنترنت في السعودية، ما يفوق عدد مستخدمي الإنترنت في سوريا والأردن والكويت ولبنان وعمان معًا. كما إن السعوديين مسؤولون عن 50 بالمئة من تغريدات الشرق الأوسط، فقد قدّرتها الإحصائيات بقرابة 10.8 ملايين تغريدة يوميًا، تشكل اللغة العربية نسبة 74 بالمائة منها.

ونشرت شركة سوميكاست أخيرًا إحصاءً للغات الأكثر استخدامًا حول العالم، فتتربع الإنكليزية أولى على عرش التدوينات المصغرة في تويتر، تليها اليابانية ثانية، فالإسبانية والمالاوية والبرتغالية، ثم تحل العربية في المرتبة السادسة.

ونسبت صحيفة quot;الاقتصاديةquot; السعودية إلى الدكتور عبداللطيف العمار، عضو هيئة التدريس في قسم اللغة العربية في الجامعة العربية المفتوحة، قوله: quot;بتنا نشاهد الكثير من المغردين والمتواصلين عبر موقعي تويتر وفايسبوك يعمدون إلى الكتابة باللهجة العامية، بل واستخدامًا لأرقام للإشارة إلى بعض الحروف، ما يؤدي إلى وجود ضعف عام في مستوى اللغة من حيث الكتابة، فالعربية ليست رقمية، بل مكرمة ومصونة فهي لغة القرآن الكريم، وإننا مطالبون كأمة عربية وإسلامية باتخاذ جميع السبل للارتقاء بمستوى أبناء العربية ليكونوا متميزين بلغتهم ويتحدثوا بها بشكل صحيحquot;.

خطة سعودية
في هذه المناسبة، أعدّ مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية برنامجًا متكاملًا، وأوضح أمينه العام الدكتور عبدالله بن صالح الوشمي أن الخطة الموضوعة للاحتفاء بالعربية في يومها العالمي تتمثل في تنفيذ أنشطة وبرامج كثيرة، quot;وإطلاق مبادرات تجعل من يوم اللغة العربية يومًا للاحتفاء بسنة من الإنجاز، وموسمًا لرسم الخطط، والتكامل في تنفيذها، وقد خاطب المركز الوزارات والجامعات ومؤسسات التعليم العالي من الكليات والمعاهد والأقسام والجمعيات المختصة والمؤسسات الثقافية والعلمية في الداخل والخارج، والأندية الأدبية في كل مناطق المملكة، والرئاسة العامة لرعاية الشباب التي تشرف على الأندية الرياضية ومختلف القطاعات الشبابية، والمؤسسات والشركات الأهليةquot;.

في تونس والقاهرة
أما في تونس، فتبدأ اليوم أعمال الملتقى العالمي لخدمة اللغة العربية، برعاية الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، وبمشاركة مسؤولين ومختصين من تونس ومن خارجها. ويتضمن الملتقى خلال يومين جلسات تتركز حول عرض تجارب لخدمة اللغة العربية في مجالات متنوعة، وأربع ورش عمل تستشرف مستقبل اللغة العربية وسبل تفعيل مبادرات خدمة اللغة العربية ومشروعات النهوض العربي.

كما تعقد اللجنة العليا لإصلاح التعليم الأزهري في القاهرة حلقة نقاش عنوانها quot;وسائل تقريب اللغة العربية والحس اللغويquot; مساء الأربعاء، يشارك فيها خبراء متخصصون في اللغة، هدفها الخروج بتوصيات لإصلاح التعليم الأزهري، وتطوير مناهج اللغة العربية.

التنوع الثقافي
وفي هذه المناسبة، وجّهت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لمنظمة يونيسكو، رسالة جاء فيها: quot;يمثل اليوم العالمي للغة العربية مناسبة للاعتراف بالمساهمة الهائلة للغة العربية في الثقافة العالمية، ولتجديد تمسكنا بالتعدد اللغوي، فالتنوع اللغوي جزء أساسي من التنوع الثقافي، إذ يعكس غنى الوجود الإنساني، ويتيح لنا الانتفاع بموارد غير محدودة لنتحاور ونتعلم ونتطور ونعيش بسلامquot;.

واللغة العربية تكتنز ثقافة إسلامية ألفية، وتحمل في طياتها أصوات الشعراء والفلاسفة والعلماء الذين سخروا قوة هذه اللغة وجمالياتها لخدمة الإنسانية، ومنهم العالم الكبير ابن سينا الذي نحتفل هذه السنة بذكرى مرور ألف عام على تأليف كتابه القانون في الطب.

ويمكننا تعبئة هذه القوة لنشر المعرفة، وتشجيع التفاهم وبناء مجالات التعاون من أجل تحقيق التنمية وإحلال السلام، واللغة العربية هي أيضًا حليفتنا في تحسين محو الأمية، وبناء مجتمعات المعرفة في 22 دولة من الدول الأعضاء في يونيسكوquot;.

قوة حوار
أضافت بوكوفا: quot;تشدد يونيسكو في هذا العام على دور وسائل الإعلام في إشعاع اللغة العربية وتعزيزها، فوسائل الإعلام فاعل محوري في التعبير عن الرأي العام، وتحرص يونيسكو على دعم وسائل الإعلام العربية بوصفها قوة للحوار والإعلام والمواطنة.

وتحثنا وسائل الإعلام على التفكير في دور اللغات بوصفها أدوات أساسية في الحياة الجماعية والمواطنة، فاللغة العربية والإمكانيات التي توفرها يمكن أن تساعد مواطني هذا العالم الخاضع للعولمة على العيش معًا مع الحفاظ على تنوعهم، وتحمل اللغة العربية هويات وقيم 422 مليون فرد في العالم العربي و1.5 مليار مسلم يستخدمونها في صلواتهم اليومية، فهي محرك لتعزيز قيمنا المشتركة.

من هذا المنطلق، تساند اليونيسكو المجلس الدولي للغة العربية الذي يضطلع بدور أساسي في تحقيق الترابط في ما بين ثقافات اللغة العربية واللغات الأخرى عبر العالم، وتسهم في مبادرات إقليمية ترمي إلى ترويج اللغة العربيةquot;.