رغم أن من يتحدث بها قارب عددهم الـ 400 مليون نسمة حول العالم، إلا أن أستاذ علم اللسانيات بجامعة الملك سعود، حمزة المزيني، وصف اليوم العالمي للغة العربية بالضجيج، وبث سلسلة من التغريدات المثيرة.


الرياض: وصف حمزة أحمد المزيني، أستاذ في جامعة الملك سعود ـ قسم اللغة العربية وآدابها، اليوم العالمي للغة العربية، بالضجيج والدليل على أننا ما زلنا كعرب أسرى للتعبير العاطفي المعهود البعيد عن فهم مشكلنا اللغوي، إلا أن المزيني أكد أن اللغة العربية لن تندثر لأسباب عدة، منها كثرة متكلميها، وأنها وسيلة التعليم، والآن ينشر بها آلاف الصحف والكتب وصفحات الانترنت.

وغرد المزيني على صفحة تويتر قائلاً إن اللغة العربية هي لغة حضارة كبرى استمرت لستة قرون الحضارة الأولى المتنفذة في العالم. وقد استخدمت وسيطًا للتأليف في العلوم كلها، وأبدعت بها أجمل فنون القول.
وأضاف في تغريدة أخرى: quot;وهي الآن بلهجاتها اللغة الأولى لأكثر من ٤٠٠ مليون عربي، وهي لغة التعليم والاتصال في العالم العربي الواسع، وتستخدم الآن أكثر من أي وقت مضىquot;.
وانتقد المزيني في تغريداته العرب الذين يرون باللغة العربية أفصح اللغات وأجملها: quot;كم أود أن يقرأ الأعزاء كتاباً لمؤلف فرنسي بعنوان: quot;لغات الجنةquot;، وترجم إلى العربية. وكنت عرضت له في مقال بعنوان: quot;التحيز اللغويquot;، يتضمن الكتاب عرضًا لما يقوله الناس عن لغاتهم في الحضارات جميعًا قديمها وحديثها ويبين أن ما يقولونه جميعاً متماثل إلى أدق التفاصيل فهم يقولون كلهم إن لغاتهم أجمل اللغات، وأكثر كفاءة في التعبير. ويتجاوزون ذلك إلى القول بأنها اللغة الأصلية وأن الرب اختارها وأنها لغة الجنةquot;.
ويسهب المزيني: quot;وهذا ما يقوله متكلمو، مثلا، اللغة الويلشية التي لا يتحدثها أكثر من ثلاثة ملايين متكلم في الركن الجنوبي الغربي لبريطانيا، أما بعض متكلمي الإنجليزية فيفخرون بأنها لغة شكسبير، ويفخر بعضهم بأنها لغة إنجيل الملك جيمس، مع أنه لم يترجم لها إلا في القرن السادس عشر، ويؤلف إدوين نيومان من كبار مذيعي قناة إن بي سي الأميركية وأفصحهم كتاباً بعنوان: quot;اللغة المتحضرةquot; يقصد الإنجليزية ويقول إنه لا تشبهها لغة، أما العرب، وما أدراك ما العرب فيرون العربية أفصح اللغات وأجملها واختارها الله لتكون لغة القرآن الكريم وشبهوا من لا يتكلمها بالحيوان الأعجم، وهم يروون أحاديث كثيرة في مدحها وتفضيلها على غيرها. وقد بين الألباني أن تلك الأحاديث لا يصح منها شيء.
وتتهم كل أمة الأجانب بإفساد لغتها!quot; .
ثم يذهب المزيني في حديثه المثير ليجمل قائلاً: quot;ويشعر متكلمو اللغات كلها بالحسرة على عصور ماضية كانت لغاتهم فيها خالية من العيوب والأخطاء ويتحدثها المتكلمون بها بشكل متماثل، ويتجاوزون هذه الادعاءات إلى القول بأن اللغات الأخرى لا تتماشى مع المنطق وتدل على تخلف أهلها تبعاً لذلك ولا تصلح أن تكون لغة للعلومquot;.
ويصل المزيني بفكرته إلى ذروتها حين يصرح بأن quot;هذه الخرافات كلها لا تصمد أمام البحث اللساني الذي شرعه نعوم تشومسكي في أواسط خمسينيات القرن العشرينquot;، مؤكداً: quot;لقد تبين أن اللغات كلها أمثلة لشيء واحد، أما الاختلافات بينها فسطحية لا تتجاوز المعجم، وبعض الاختلافات في الصرف. وهي تخضع جميعًا لمبادئ عميقة واحدةquot;، ويضيف quot;وينبع هذا التماثل بين اللغات من تماثل البشر جميعاً في النحو الكلي وهو منظومة من المبادئ القليلة المحكمة التي ترسم الإطار للغات جميعًا، ويولد البشر جميعًا بهذه الخطة اللغوية، وهي التي توجه اكتسابهم للغاتهم. ومن هنا فلا تفضل لغة عن أخرىمن حيث البنية اللغويةquot;.
وختم قائلاً: quot;أما القول بأن أفضلية العربية تأتي من اختيار الله لها لغة للقرآن فيرده قوله تعالى: quot;وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومهquot;.
المزيني تعرض أثناء تغريداته لسلسلة من المداخلات اعتراضاً وتفنيداً، وللكثير من التساؤلات، وبدا موسوعياً وهو يرد على الكثير منهم، أما بعضهم الآخر فأحالهم إلى كتابه الشهير (التحيز اللغوي).
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن المتحدثين اليوم باللغة العربية يبلغ عددهم أكثر من 422 مليون نسمة حول العالم. وتتوقع الإحصاءات أن يتحدث بها عام 2050 نحو 647 مليون نسمة كلغة أولى، وهذا الرقم يشكل نسبة قدرها 6,94 من عدد سكان العالم في ذلك الوقت الذي يتوقع له أن يبلغ 9,3 بلايين نسمة، بحسب البرنامج غير الربحي لنشر اللغة العربية في العالم laquo;العربية للجميعraquo;.
وقررت الأمم المتحدة الاحتفال باللغة العربية في 18 كانون الأول (ديسمبر) كونه اليوم الذي صدر فيه قرار الجمعية العامة 3190 (د-28) المؤرخ في18 كانون الأول (ديسمبر) 1973 وقررت الجمعية العامة بموجبه إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة بجانب الإنكليزية والصينية والإسبانية والفرنسية rlm;والروسية.
وتنتشر العربية كلغة رسمية في كل دول الوطن العربي، ويتوزع متحدثوها في العديد من المناطق الأخرى المجاورة للبلدان العربية كالأحواز وتركيا وتشاد ومالي والسنغال وإرتيريا.
واستخدم المتحدثون باللغات غير المكتوبة سابقًا الأبجدية العربية كأساسٍ كتابي للغاتهم الأم. وأتى هذا من كون اللغة العربية لغتهم الثانية، أو لغة كتاب وحيهم، أو كون الأبجدية العربية الأبجدية الوحيدة التي اتصلوا بها.
بالإضافة إلى ذلك، ولأن أغلب التعليم كان دينيًا في وقتٍ من الأوقات، فقد كان المسلمون من غير العرب يكتبون بالأبجدية العربية أي لغةٍ يتحدثون بها. وأدى هذا إلى جعل الكتابة العربية الكتابة الأكثر استعمالاً خلال العصور الوسطى.
من أبرز اللغات التي لا تزال تستخدم الأبجدية العربية في الزمن الحالي، اللغة الفارسية والكردية والأردية.
وامتد تأثير العربية في الكثير من اللغات الأخرى بسبب قداسة اللغة العربية بالنسبة للمسلمين إضافة إلى عوامل الجوار الجغرافي والتجارة، حيث تؤثر تأثيراً كبيراً في الأردية والفارسية والكشميرية والبشتونية والطاجيكية وكافة اللغات التركية والكردية والعبرية والإسبانية والصومالية والسواحيلية والتيغرينية والتجرية والأورومية والفولانية والهوسية والمالطية والبهاسا وديفيهي (المالديف) وغيرها.
ولم تتأثر اللغة العربية باللغات المجاورة كثيراً رغم الاختلاط بين العرب والشعوب الأخرى، إذ بقيت قواعد اللغة العربية وبنيتها كما هي، لكن حدثت حركة استعارة من اللغات الأخرى مثل اللغات الفارسية واليونانية لبعض المفردات التي لم يعرفها العرب.