عاد النائب العراقي السابق المثير للجدل مشعان الجبوري ليحتل واجهة الاحداث في العراق، بعدما اعتقلته الشرطة العراقية بتهمة قتل معارضين للرئيس العراقي السابق صدام حسين من عشيرة الجبور، ولم تمضِ سوى 24 ساعة على اعتقاله ليطلق سراحه بكفالة وبضغط من سلطات سياسية.


أطلق سراح النائب السابق مشعان الجبوري بكفالةبعد مرور يوم على اعتقاله بتهمة قتل أفراد من عشيرة الجبور، اتهموا بمحاولة قلب نظام حكم رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين.

وقال مصدر مقرب من المحكمة أوردت كلامه وسائل إعلام عراقيةإن ضغوطًا مورست من قبل جهة عليا على المحكمة من أجل اطلاق سراح مشعان الجبوري. ورأى المصدر أن طبيعة التهم المتعلقة بالإرهاب أو الفساد المالي لا تبيح إطلاق السراح بكفالة إلا ما ندر من حالات الفساد.

وكان العميد سعد معن، المتحدث باسم وزارة الداخلية، قال في تصريح صحافي: quot;الأجهزة الأمنية اعتقلت الجبوري لدى مراجعته المحكمة على ذمة قضية سابقة متهم بها تتعلق بالنزاهةquot;. وأشار إلى أن عملية الاعتقال جاءت بعد صدور مذكرة اعتقال بحقه في العام 2008، لمشاركته في قتل عدد من أفراد عشيرة الجبور أبان حكم النظام السابق.
قال مصدر في مركز شرطة الصالحية حيث تم توقيف الجبوري إن quot;قاضي التحقيق قرر ايقاف مشعان الجبوري يوماً واحداً على ذمة التحقيق تمهيدًا لعرضه أمام المحكمة.

فوضى سياسية

يرى متابعون عراقيون أن هذا الاعتقال واطلاق السراح بهذه السرعة سيضفيان على المشهد السياسي العراقي مزيدًا من الفوضى والارتباك، خصوصًا بعد أيام على إعلان ائتلاف انتخابي جديد بين الجبوري ونائب رئيس الوزراء صالح المطلك باسم الجبهة العربية، ويضم محافظ الانبار السابق قاسم الفهداوي ومحافظ صلاح الدين، إضافة إلى زعيم حركة تصحيح كامل الدليمي.

ويضيف هؤلاء المتابعون أن اطلاق الجبوري بهذه السرعة جاء من السلطة التنفيذية لتجنب تكرار اعتقال عناصر حماية وزير المالية رافع العيساوي العام الماضي واتهامه بدعمهم بتهم ارهابية وما تلاه من تظاهرات في غرب العراق ومناطق ذات أغلبية سنية استغلها تنظيم القاعدة ليعود من جديد كحامٍ للعرب السنة في العراق. لكنه يعكس أيضاً تخبطاً وغياب التنسيق بين السلطات.

وقد عاد مشعان الجبوري في نيسان (أبريل) الماضي إلى بغداد، قادمًا من دمشق بعد وساطة قام بها النائب عزت الشابندر، أحد المقربين من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، قبل اعلان انفصاله عنه لأسباب انتخابية.

وقال الشابندر، وهو صديق شخصي للجبوري،لوسائل إعلام عراقيةاليوم،إن quot;التهمة التي اعتقل بها النائب السابق مشعان الجبوري لا علاقة لها بالموضوع الذي توسطت أنا به وتمت خلالها إعادته إلى العراق وتمت تبرئته بموجب قرار صادر من القضاءquot;، أما قضية اليوم التي يواجهها الجبوري فهي عبارة عن وشاية كيديةquot;.
وأضاف أن quot;هناك شهود نفي كثيرين لتبرئة الجبوري من القضية التي يواجهها حالياً وسيخرج وهو بريء خلال أيام قليلة ليعود الى نشاطه السياسيquot;، حسب قوله.

وكان القضاء العراقي أصدر أحكامًا بالسجن بحق الجبوري لمدة 15 سنة بتهم الفساد الاداري، لتورطه بالاستيلاء على مبالغ إطعام أفواج حماية المنشآت النفطية التابعة لوزارة الدفاع، خلال العامين 2004 و2005، وتأسيسه شركة وهمية للاطعمة.

وقرر مجلس النواب الغاء عضوية الجبوري في المجلس في شهر ايلول (سبتمبر) 2007 بسبب عرض قناة الزوراء التي كان يديرها في العام 2005 مشاهد تظهر العمليات العسكرية التي تقوم بها الجماعات المسلحة ضد القوات العراقية والمدنيين الابرياء، وتمجيدها رئيس النظام السابق صدام حسين.

حق شخصي

وكانت وزارة المالية الاميركية اعلنت في العام 2008 أنها جمدت اموال الجبوري وقناة الزوراء التي كانت تبث من سوريا، للاشتباه بتمويله العنف في العراق. ولجأ الجبوري إلى دمشق وظل مطلوبًا من الانتربول منذ سنوات وحتى اليوم، بتهمة اختلاس المال العام والاستفادة من منصبه كعضو في الجمعية الوطنية. وتعود هذه التهمة إلى اختلاس اموال تزويد الجيش بالاغذية بحسب موقع الانتربول.

وفتح في دمشق قناة تلفزيونية معارضة لحكومة بغداد باسم الرأي، ظلت تدافع عن الرئيس الليبي السابق معمر القذافي حتى مقتله. ودافع الجبوري بعد عودته إلى بغداد عن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من خلال قناة الشعب، بعد أن كان يهاجمه وائتلافه دولة القانون سابقًا.

وكانت محكمة النزاهة برّأت الجبوري في وقت سابق من تهم تتعلق بالفساد واستغلال السلطة حينما كان عضوًا في مجلس النواب قبل دورتين.

لكنّ شخصًا قال إن المدعي بالحق الشخصي اسمه ضياء مضحي الجبوريصرح لموقع البغدادية نيوز، التابع لتلفزيون البغدادية quot;بأن هناك مذكرة قبض اصدرتها السلطة القضائية في العام 2008 بحق مشعان الجبوري لمشاركته في قتل ابناء عشائر الجبور في تسعينيات القرن الماضي، بناء على دعوى قدمها العضو السابق في مجلس النواب عمر هيجل وعائلات الضحايا الاخرين الذين اعدمهم النظام السابقquot;.

وأوضح مضحي أن من بين الضحايا والد المدعي، وكذلك والد النائب السابق عمر هيجل، اضافة إلى 15 آخرين تم تنفيذ احكام الاعدام بحق ذويهم بتهمة الاعداد لعملية انقلاب ضد الحكم انذاك. واضاف: quot;الاجهزة الامنية نفذت مذكرة القبض واعتقلت الجبوري الاربعاء لدى مراجعته في قضية سابقة متهم بها تتعلق بالنزاهة، وأودعته في مركز شرطة الصالحية لحين عرضه على قاضي التحقيقquot;.

عدد غير قليل

يذكر أن المحكمة الجنائية العليا في العراق أصدرت في العام 2010 حكمًا بالسجن عامين على سبعاوي إبراهيم الحسن، شقيق رئيس النظام السابق صدام حسين، في قضية إعدام عدد من أبناء عشيرة الجبور، فيما برّأت الأخ غير الشقيق لصدام وطبان إبراهيم الحسن من التهمة نفسها. وأصدر رئيس المحكمة الجنائية العليا القاضي محمد عبد الصاحب حكمًا بالسجن عامين على سبعاوي وسكرتير صدام الخاص عبد حميد حمود.

وقال ضابط سابق في حماية صدام، طالبًا تعريفه بكنيته أبو مريم الجبوري، خلال المحاكمة التي جرت في كانون الاول (ديسمبر) 2010، إن عملية الانقلاب التي خطط لها وقادها أحد زملائه أعقبتها حملة اعتقالات واسعة، تركزت على جميع عناصر الحماية من عشيرة الجبور الذين أعدم عدد كبير منهم بتهمة التورط بالعملية، فيما أجبر الآخرون من دون استثناء على الاستقالة من الحرس الجمهوري وجهاز الأمن الخاص الذي كان يقوده قصي صدام حسين.

وروى الجبوري: quot;في أول عرض للجيش أقامه صدام بعد انسحاب العراق من الكويت في العام 1991، حاول النقيب سطام الجبوري، وهو من عشيرة الجبور في قضاء الشرقاط ومن منتسبي الفوج الثالث من الحماية الخاصة بالرئيس، إدخال دبابة محشوة بالأسلحة والقنابل ضمن رتل كتائب الدبابات المعدة للعرض، وكان يخطط بأن تقوم المجموعة التي يقودها داخل الدبابة بقصف منصة صدام، لكن النظام المتبع في تدقيق القطع المشاركة كان من خطوط تفتيش عدة أدت إلى كشف الدبابة المتسللة وضبط الأشخاص المسؤولين عن الخرقquot;.

ولا يتذكر عددالذين أعدموا واعتقلوا، لكن تم إعدام عدد غير قليل من الضباط ومن رتب أخرى.

يذكر أن مشعان ركاض الجبوري سياسي عراقي مثير للجدل، ولد في الشرقاط جنوب الموصل لعائلة تنتمي إلى عشيرة آل جبور. فر من العراق في تسعينيات القرن الماضي واستقر في سوريا، وعاد مجددًا إلى العراق بعد سقوط صدام حسين ليعين حاكمًا للموصل لفترة وجيزة، وأصبح عضوًا في الجمعية الوطنية الانتقالية ثم نائباً في مجلس النواب في العام 2005 قبل أن يفر مجددًا لسوريا في العام 2007 ويعود للعراق هذا العام بعد العفو عنه.