ننتقي هنا خمسة تصريحات عربية، رجت المشهد السياسي العربي، وقلب صفحات التواصل الاجتماعي رأسًا على عقب.


الرياض: لكل وجه عام، أكان رئيسًا أو وزيرًا أو نائبًا أو حتى مختارًا في حي، أنصار مؤيدون وأعداء أو معارضون، يجتمعون على أمر واحد هو متابعة كل ما يصدر عنه من تصريحات، ليستخدموها نورًا يضيء طريقهم أو نارًا تحرق منافسيهم، من الجهتين.
وعند البحث في أقوال مأثورة عن هؤلاء، ليس أجدى من البحث عن الرؤساء العرب، خصوصًا اليوم، مع ما تشهده المنطقة العربية من غليان شعبي وثورات تغيير وانتفاضات وحروب أهلية. في ما يأتي أبرز خمسة أقوال مأثورة، احتلت حيزًا كبيرًا من النقاش، الهادئ أو الهازئ، في الدول العربية، متجاوزة الحدود بين الدول، تمامًا كما الأيديوليوجيات والانتماءات السياسية.
دونت ميكس
لربما ليس في العصر العربي الحديث قول مأثور عن رئيس أكثر انتشارًا من قول الرئيس المصري المعزول إن الغاز والكحول quot;دونت ميكسquot;، في معرض وصفه القانون المصري لشخصيات أميركية وعربية في ألمانيا، متمثلًا بمنع القانون الأميركي قيادة السيارة تحت تأثير الخمر أو المخدر.
وما إن تلفظ مرسي بعبارة quot;Gas And Alcohol Don't Mixquot;، حتى انتشرت التغريدات الساخرة على صفحات معارضي الاخوان المسلمين ومرسي حينها، وتحولت شعارًا تجاوز مصر كلها إلى الدول العربية، حيث صارت محط كلام شعبي عند تعارض المواقف أو المصالح.
مش أكبر من المصريين
مقابل مرسي المعزول، يقف الفريق الأول عبد الفتاح السيسي، الذي يعتبر الحاكم الفعلي اليوم لمصر، بعد أن خلع مرسي عن كرسي الرئاسة، ووضع خريطة طريق نحو حكم جديد في مصر. من الأقوال التي تناقلها المصريون عن السيسي: quot;التحديات اللي بتواجه مصر أكبر من مصر، بس مش أكبر من المصريينquot;، وهذه مقولة وقعت موقع الاستحسان من أنصار السيسي وممن تظاهروا ضد الاخوان في 30 يونيو (حزيران) الماضي.
ومن المأثور عن السيسي أيضًا قوله: quot;يجب أن لا يفكر أحدٌ أن الجيش هو الحل، فالوقوف 10 أو 15 ساعة أمام صناديق الانتخابات أفضل من تدمير البلدquot;. يتمسك أنصار السيسي بهذا القول ليؤكدوا أن ما حصل لم يكن انقلابًا عسكريًا بل احتجاجًا مدنيًا دعمه الجيش فأطاح بمرسي، وان السيسي ليس طامعًا بالرئاسة، بينما يستخدمه أنصار الاخوان المسلمين للتأكيد على كذب السيسي.

لا هوت دوغ قبل الإنقاذ
حين اشتعلت الخرطوم تظاهرات احتجاج على فرض الحكومة السودانية رسومًا جديدة على أسعار المحروقات، لم يجد الرئيس السوداني محمد حسن البشير من مآثر له في الحكم يتباهى بها أمام معارضيه إلا الـquot;هوت دوغquot;.
ففي مؤتمر صحافي علني جدًا، قال البشير للجميع إن السودانيين تعرفوا إلى وجبة الـquot;هوت دوغquot; إلا بفضله، فترجمتها بعض الصحف بوجبة quot;الكلب الساخنquot;، متعمدة إحراج البشير. وقال في مؤتمره الصحافي: quot;أتحدى لو فيه زول سمع بالهوت دوغ قبل حكومة الإنقاذquot;.
استشاط السودانيون غيظًا من هذا التعبير، وخرجوا بالآلاف إلى الشارع. وما صدقه أحد حين قال إنه لم يكن يعرف ما معنى quot;الهوت دوغquot;.
درس للطغاة
كان منتظرًا من كل رؤساء العالم أن ينعوا الرئيس السابق لجنوب أفريقيا نيلسون مانديلا، وأن يؤبنوه بأجمل الكلام، تغنيًا بنضاله ضد القهر والظلم والفصل العنصري، إلا الرئيس السوري بشار الأسد، الذي تسيل على كفيه دماء أكثر من 130 ألف سوري. ففي نعي مفاجئ، وصف الأسد حياة مانديلا بأنها quot;مصدر إلهام للمقاتلين من أجل الحرية ودرس للطغاةquot;.
كما وصفت صفحة الرئاسة السورية الرسمية على فايسبوك الراحل مانديلا بأنه ملهم لقيم المحبة والإخوة الإنسانية، وتاريخه النضالي ملهم لكل الشعوب المستضعفة في العالم، بانتظار أن يتعلّم الظالمون والمعتدون الدرس بأنهم في النهاية هم الخاسرون.
اثارت هذه الكلمات سخرية الآلاف على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصًا أنها تلقي الضوء على جانب غير سوي من شخصية الأسد، المقتنع بأنه ليس الطاغية الذي يقتل شعبه، بل المحارب من أجل الحرية، الذي تتآمر عليه كل دول العالم.
إزعاج وليس خطرا
في تونس، كانت ثورة الياسمين فاتحة التغييرات العربية. لكن الثورة أتت بالنهضة الاسلامية إلى الحكم، وتوجت المنصف المرزقي رئيسًا. وبعد أعوام ثلاثة على الثورة، تبدو تونس في طريقها إلى الوراء، تتراجع فيها الحالة الاقتصادية والاجتماعية يوما بعد يوم، وتتوارى فيها قيم الثورة التي أشعل وعجها البوعزيزي بحسده المحترق.
ويبدو أن الرئيس التونسي مدرك أن التيار الاسلامي لم ينجح إلى الآن في تحقيق مطالب الثورة والثوار، فيتخذ لنفسه موقفًا دفاعيًا، قائلًا: quot;تيار الإسلام المتشدد يمثل إزعاجًا للمجتمع التونسي، لكنه لا يمثل خطرًاquot;، وكانه يسلم قولًا وفعلًا بأن التونسيين لا يروق لهم الحكم الاسلامي، بل هو رازح على قلوبهم إلى حين.