كشف ضابط عراقي لـquot;إيلافquot; عن تمكن تنظيم القاعدة والميليشيات الشيعية من اختراق وزارتي الدفاع والداخلية في العراق بالمجندين والرشاوى لغرض تنظيم عملياته بحرّية.


عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: كشف مقتل قائد الفرقة السابعة في الجيش العراقي العميد الركن محمد الكروي يوم أمس في محافظة الأنبار جانبًا من قوة إمكانيات تنظيم القاعدة الاستخبارية والعسكرية.

ويؤكد وجود قائد الفرقة في مكان الحادث الذي قتل فيه مع عشرين ضابطًا وجنديًا آخرين ما بات متناقلًا بين عدد من ضباط وزارتي الدفاع والداخلية في العراق باختراق تنظيم القاعدة (الدولة الإسلامية في العراق والشام) لقاعدة بيانات وزارتي الدفاع والداخلية، وخاصة أسماء الضباط والشخصيات المهمة فيهما، حيث يتحرك التنظيم لاستهدافهما بأكثر من طريقة، وفق ما تحدث به ضابط في وزارة الدفاع العراقية لـquot;إيلافquot;.

مربعات القاعدة
أوضح هذا الضابط، الذي يحمل رتبة نقيب ويخدم داخل بغداد وطلب عدم نشر اسمه، أن هناك مناطق في ريف بغداد باتت ساقطة بيد مسلحي تنظيم القاعدة، مثل منطقة الطارمية ومنطقة التاجي، اللتين يرفض أي جندي أو ضابط نقله في أي واجب إليهما تجنبًا لمصير محتوم، هو القتل والتمثيل بالجثة، حسب قوله.

وأضاف أن قيادة تنظيم القاعدة فرع العراق اتخذت من منطقة الطارمية مطبخًا لعملياتها الاستخبارية، مستفيدة من كثرة البساتين فيها وموقعها على نهر دجلة. وقال إن الضباط والجنود يرفضون نقلهم إلى هذين المكانين، ويطلبون نقلهم إلى أي مكان في بغداد أو الأنبار مهما كان خطرًا إلا الطارمية أو التاجي.

وشرح الضابط لـquot;إيلافquot; بعضًا من طرق التنظيم في التحرك على الضباط، فلدى التنظيم جنود وضباط صغار هم بمثابة خلايا نائمة واتصالهم خيطي، ليصعب كشف بقية أعضاء التنظيم، فلكل مندس من القاعدة في الشرطة أو الجيش ضابط ارتباط واحد يتواصل معه. فيقوم هؤلاء بتسريب أي معلومة يراها مهمة لضابطه الذي بدوره ينقلها الى مركز عمليات الطارمية، فيجري التحرك حسب الموقف.

فإذا عرف المندس بقرب انطلاق حملة في منطقة ما أو تبديل ضابط مكان ضابط آخر، يتم البحث عنه في قاعدة البيانات التي لدى التنظيم، ويتم التحرك على كل من له صلة بهذا الضابط من أشقاء وأقارب من خلال القيام بعمليات تفتيش بزي رجال الشرطة واعتقال أي شخص من عشيرة الضابط المطلوب، ليتم ابتزازه والضغط عليه لتحقيق مطالبهم، التي ليس في أولوياتها قتله، بل كسبه لطرف التنظيم.

إغراء المال
منلم يتمكن التنظيم من الوصول إليه بتلك الطرق يجري التحرك عليه عن طريق متعاونين مع التنظيم من شخصيات تجارية (مقاولون) أو سياسية عبر إغرائه ماليًا.

وضرب مثلًا عن أحد كبار الضباط الذي نقل إلى مكان ساخن غرب بغداد، فتحرك نحوه تنظيم القاعدة عبر مقاول كبير شاركه في إحدى مقاولاته في الباطن، حيث حصل الضابط على مبلغ مليون ونصف دولار مقابل أن يغضّ الطرف عن تحركات المسلحين في منطقته.

وأشار الضابط إلى أن هذه المعلومات معروفة لدى استخبارات وزارتي الدفاع والداخلية، وتم إلقاء القبض على ضباط متورطين كشفت التحقيقات معهم جوانب من عمل تنظيم القاعدة الذي نشط بشكل كبير منذ سنتين، وباتت له فروع في معظم مناطق بغداد، حسب قوله.

وبيّن أن قوة تنظيم القاعدة في بعض المناطق مثل صحراء الأنبار أقوى تسليحًا من الجيش العراقي. وأضاف أن لدى مقاتلي القاعدة أسلحة وأعتدة حديثة من مناشئ أوروبية، وردت غالبيتها عبر الأراضي السورية التي يتواجد فيها عدد كبير من مقاتلي تنظيم القاعدة، وقد استولوا على أسلحة الجيش السوري الحر، التي وردتهم من أميركا وأوروبا، جعلته صاحب اليد الطولى غرب العراق، حسب قوله.

ثغرة الفساد
وقال الضابط إن الثغرة التي تمكن تنظيم القاعدة ومسلحو ميليشيات شيعية أيضًا من التسلل عبرها إلى داخل القوات الأمنية هي الرشوة وآفة الفساد الإداري والمالي المستشرية في العراق وفي الدفاع والداخلية خاصة. فما يجري منذ سنوات هو بيع واستئجار نقاط التفتيش بين الضباط داخل بغداد خاصة، فكل نقطة تفتيش لها سعرها، يحدده مكانها وعدد منتسبيها الفضائيين (الجنود الذين يدفعون نصف رواتبهم للضباط مقابل عدم دوامهم).

وأشار إلى أن مجمل الأسعار تتراوح بين عشرين ألف دولار شهريًا قيمة استئجار كل نقطة تفتيش مع مبلغ مئة ألف دولار تدفع مقدمًا. وأضاف أن الضابط في هذه النقطة يكسب أضعاف هذا المبلغ شهريًا من احتجاز مطلوبين يجري الإفراج عنهم مقابل مبالغ طائلة، ومن مصادرة سيارات مسروقة وأموال مهربة.

وقال إن تغذية الجنود يجري استغلالها ماليًا، ويكسب الضباط منها آلاف الدولارات شهريًا يتقاسمونها مع مقاولي الأرزاق، فما يقدم من عدد غير العدد الحقيقي الذي يتسلم كميات الطعام والمياه الصحية التي يجري بيع أكثرها للمقاول نفسه. وأضاف أن الجندي العراقي يتناول طعامًا رديئًا غير ما هو منصوص عليه في القوائم التي تقدم إلى الجهات العليا، والذي لا يتناوله الجنود إلا في حالات التفتيش.

ثراء قاتل
تحدث الضابط عن الثراء الفاحش لكبار ضباط الدفاع الداخلية خلال فترة وجيزة على حساب دماء الجنود الذين يذهبون ضحايا فساد هؤلاء الضباط، الذين يجبرون ضباطًا اقل منهم رتبة بالدفع لهم مقابل إبقائهم في مكانهم.

وكشف عن ظاهرة يشترك فيها تنظيم القاعدة والميليشيات الشيعية، وهي إدخال بعض عناصره كضباط متطوعين لا يتواصلون معهم إلا نادرًا، وغاية هؤلاء هي العمل بعد التخرج في السجون، حيث يقوم الضابط المندس بالاستعداد لليوم الذي تطوّع من خلاله وهو الذهاب كمأمور إلى المحكمة مع سجناء خطرين، هم في الأصل زملاء له في التنظيم، فيهرب معهم، ولايصلون إلى المحكمة، أو يخطط الضابط مع زملاء جنود له لتهريب أكبر عدد من السجناء الخطرين من زملائه في التنظيم.

وقال إن جميع حالات الهروب من السجون في العراق تمت بتنسيق وتخطيط من ضباط مندسين، حسب كلامه. لكنه أشار إلى وجود عدد من الضباط الملتزمين بواجبهم، إلا أن عددهم قليل مقارنة بالفاسدين، وكثيرًا ما يلفق لهم الفاسدون قضايا كيدية لغرض التخلص منهم بنقلهم أو سجنهم أو قتلهم بعبوة ناسفة. يذكر أن العراق يعتبر من الدول التي تحتل مكانة في النزاهة الحكومية ويستشري الفساد في معظم مؤسسات الدولة.